تحتفل المملكة المغربية اليوم الثلاثاء بذكرى مرور عشرين عاما على تولي الملك محمد السادس عرش بلاده خلفا لوالده.
فما هي أهم المحطات التي ميزت عقدي حكم محمد السادس الذي تبنى خططا للتطوير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، آخرها ميناء طنجة، الأكبر في حوض المتوسط؟
في مثل هذا اليوم منذ عشرين عاما، اعتلى الملك محمد السادس العرش خلفا لوالده الراحل الملك الحسن الثاني.
وفي أول خطاب له، في العام 1999، تحدث الملك الشاب، البالغ من العمر حينها 35 عاما والذي أطلق عليه اسم “ملك الفقراء”، عن “المعضلات الرئيسية في المغرب” مشيرا إلى البطالة والفقر والفوارق الاجتماعية، فجسد بجدارة تطلعات وآمال فئات واسعة من المغاربة.
اليوم الموافق 30 يوليوز 2019، علت الأعلام الوطنية المؤسسات الحكومية وتزينت المدن المغربية احتفالا بحلول “عيد العرش”، كما نشرت الصحف المحلية تقارير حصيلة عشرين عاما من الإنجازات الملكية.
وبالفعل تجاوزت الثروة الإجمالية للمغرب الضعف ما بين 1999 و2013، بحسب دراسة رسمية نشرت أواخر 2016، ولكن لا تزال المملكة تواجه “العديد من التحديات التي يتعين رفعها، ولا سيما ما يتعلق بالبطالة في صفوف الشباب، والفوارق الاجتماعية والجهوية”، بحسب الدراسة التي أنجزت بتعليمات من الملك نفسه.
فلا تزال الفوارق الاجتماعية في المغرب تمثل شرخا عميقا على الرغم من الجهود المبذولة لتحقيق التنمية، فعلى سبيل المثال شهدت الأسابيع الماضية صدور تقارير تنبه إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتردي الأوضاع الاجتماعية، محذرة من تداعيات البطالة المتفشية في صفوف الشباب.
في ما يلي المحطات الرئيسية التي شهدتها المملكة المغربية منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش قبل 20 سنة :
قرارات “مدهشة”
كانت القرارات الأولى التي اتخذها الملك محمد السادس “مدهشة” بالنسبة للمغاربة، إذ أذن الملك الشاب بعودة المعارض المغربي الشهير أبراهام السرفاتي من المنفى إلى البلاد.
كما أقال وزير الداخلية القوي الذي كان يثير الخشية في عهد والده، إدريس البصري، رمز “سنوات الرصاص” (1960-1990) التي شهدت عمليات قمع واعتقالات سرية وتعذيب للمعارضين والانقلابيين.
كما أطلق “هيئة الإنصاف والمصالحة” للتعويض على المعتقلين السياسيين والمناطق التي تعرضت للتهميش.
حقوق المرأة في صلب قرارات الملك محمد السادس
تبنى المغرب في 2004 قانونا جديدا للأسرة، بعد صراع محتدم بين الإسلاميين ودعاة التحديث، يعزز دور المرأة داخل الأسرة مع منحها حقوقا جديدة وتقييد تعدد الزوجات وتسهيل الطلاق. لكن القانون لم يستجب لكافة مطالب الحركة الحقوقية.
الهجمات الإرهابية وتعزيز صلاحيات الشرطة المغربية
في 16 مايو 2003، هزت مدينة الدار البيضاء خمسة تفجيرات انتحارية متزامنة أوقعت 45 قتيلا بينهم 12 انتحاريا وأكثر من مئة جريح، وكان معظم الضحايا من المغاربة.
وعلى إثر هذه الهجمات، تبنى المغرب قانونا مثيرا للجدل لمكافحة الإرهاب يعزز إلى حد كبير صلاحيات الشرطة في هذا المجال.
وينتهج المغرب منذ تلك الفترة سياسة طموحة للتصدي للخطابات المتطرفة وإشاعة إسلام وسطي معتدل.
وفي 28 أبريل 2011، اهتزت المملكة على وقع ثاني أعنف عملية إرهابية شهدتها عندما انفجرت قنبلة في مقهى بساحة جامع الفنا السياحية في مراكش، موقعة 17 قتيلا بينهم سياح أجانب.
كما شهدت ضواحي المدينة أواخر 2018 قتل سائحتين إسكندينافيتين في جريمة نفذتها “خلية إرهابية” استوحت من إيديولوجيا تنظيم “الدولة الإسلامية”، بحسب المحققين.
مشاريع عملاقة
في 2007 افتتح ميناء طنجة المتوسط (شمال)، الأكبر في أفريقيا من حيث حجم الحاويات.
وجرت توسعته بافتتاح محطة ثانية في يونيو ، ما جعله الأكبر في حوض البحر المتوسط. ويرتبط هذا الميناء الواقع على مرمى حجر من مضيق جبل طارق، بـ186 ميناء في 77 بلدا.
وأطلق الملك محمد السادس عددا من المشاريع الكبرى لتأهيل البنى التحتية. وافتتح في 2016 محطة “نور” لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في ورزازات، الواقعة في جنوب البلاد، وتعد من الأكبر في العالم.
ودشن نهاية 2018 خطا للقطار الفائق السرعة “تي جي في” يربط طنجة بالعاصمة الاقتصادية للمملكة الدار البيضاء.
الحراك الشعبي في المغرب والدستور الجديد
في 20 فبراير 2011، انطلقت أولى مظاهرات الحراك الشعبي في المغرب في خضم ما سمي “الربيع العربي”، قادها شباب “حركة 20 فبراير” الاحتجاجية التي طالبت بإصلاحات سياسية واقتصادية جذرية وبـ”إسقاط الفساد والاستبداد”.
وفي يوليوز 2011 تم تبني دستور جديد يوسع صلاحيات رئيس الحكومة والبرلمان، مع الحفاظ على سلطات واسعة للملك في تحديد الاختيارات الكبرى.
في 25 نوفمبر ، فاز حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي ظل منذ تأسيسه سنة 1997 في المعارضة، بالانتخابات، وتولى أمينه العام عبد الإله بنكيران رئاسة الحكومة.
نجح بنكيران في قيادة حزبه نحو فوز أكبر في الانتخابات الموالية سنة 2016، لكن الملك عين الرجل الثاني في الحزب سعد الدين العثماني على رأس حكومة كرست هيمنة الشخصيات المقربة من القصر.
عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي وقضية الصحراء
عاد المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي في 2017 بعد 30 سنة من الغياب بسبب قضية الصحراء المغربية، مدشنا بذلك توجها جديدا نحو القارة السمراء.
وتحظى قضية الصحراء بالأولوية في الدبلوماسية المغربية. واقترحت الرباط في 2007 منح المنطقة حكما ذاتيا تحت سيادتها. بينما تطالب جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر بإجراء استفتاء حول تقرير المصير سبق أن طرحته للأمم المتحدة.
ويطبع التوتر العلاقات الدبلوماسية بين الرباط والجزائر منذ عقود بسبب هذه القضية.
عن موقع : فاس نيوز ميديا