كلمة المندوب العام لإدارة السجون خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الجامعة الخريفية حول موضوع: “ظاهرة العود… أية حلول؟”

كلمة السيد محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الجامعة الخريفية المنظمة بالسجن المحلي سلا 2، حول موضوع: “ظاهرة العود… أية حلول؟”.

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان؛
السيد وزير العدل؛
السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي؛
السيد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة؛
السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
السيد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
السيد وسيط المملكة؛
السيد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء؛
السيد الوالي الكاتب العام لوزارة الداخلية؛
السيد الوالي المدير العام للشؤون الداخلية؛
السيد والي جهة الرباط-سلا -القنيطرة؛
السيد الوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛
السيد عامل عمالة سلا؛
السيدة المديرة العامة للتكوين المهني وإنعاش الشغل؛
معالي السفيرة رئيسة تمثيلية الاتحاد الأوروبي بالمغرب؛
معالي سفير المملكة المتحدة بالرباط؛
معالي سفير اليابان بالمغرب؛
معالي سفير فرنسا بالمغرب؛
معالي سفير ألمانيا بالمغرب؛
معالي سفير مملكة اسبانيا بالمغرب؛
معالي سفير إيطاليا بالمغرب؛
معالي سفير أستراليا بالمغرب؛
معالي سفير مملكة بلجيكا بالمغرب؛
السيد القائم بأعمال بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط؛
السيد القائم بأعمال بسفارة كندا بالرباط؛
السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط؛
السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط؛
السيد رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط؛
السيدات والسادة ممثلي الهيئات الدبلوماسية والهيئات الأممية بالرباط؛
السادة رؤساء المصالح الأمنية والإدارية بالرباط؛
السيدات والسادة الأساتذة المشاركين معنا في أشغال هذه الجامعة والذين شاركوا معنا في الدورات السابقة؛
السيدات والسادة نساء ورجال الإعلام؛
حضرات السيدات والسادة الكرام؛
بناتي النزيلات، أبنائي النزلاء؛



يسعدني أن أرحب بكم ضمن فعاليات برنامج الجامعة في السجون “الجامعة الخريفية” في دورتها السابعة بالسجن المحلي بسلا 2، حول موضوع ” ظاهرة العود…أية حلول؟”، والتي تنظم هذه السنة أيضا تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وذلك عناية من جلالته حفظه الله بالمواطنين نزلاء المؤسسات السجنية وحرصه الدائم على صون حقوقهم وكرامتهم التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية الصادرة في حقهم.

وقد أضحى هذا البرنامج الذي تتأكد مع توالي دوراته أهميته واستجابته لانتظارات النزلاء فضاء لطرح ومناقشة الإشكاليات التي تلامس الجوانب ذات الصلة ببرامج تأهيلهم لإعادة الإدماج في المجتمع.
حضرات السيدات والسادة،
لقد عملت المندوبية العامة منذ انطلاق هذا البرنامج على اختيار مواضيع ذات أبعاد اجتماعية وقانونية وإنسانية وثقافية وحقوقية تستأثر باهتمام النزلاء وتشكل مادة غنية للتفاعل مع الأساتذة المحاضرين والخبراء المغاربة والدوليين. وقد كانت هذه المواضيع والاشكاليات المرتبطة بها محل نقاشات عميقة وهادفة، وذلك في أفق إعداد مخرجاتها ومعالجتها في إطار أكاديمي وعلمي.

وسيرا على نهج نفس الدورات السابقة، اختارت المندوبية العامة كموضوع لهذه الدورة ظاهرة العود اعتبارا لما تكتسيه هذه الظاهرة من صبغة مجتمعية تستدعي تظافر جهود جميع فعاليات المجتمع للحد منها. كما أن إثارة النقاش حول هاته الظاهرة يأتي في سياق متصل بتزايد اهتمام المندوبية العامة بمجموعة من الظواهر ذات الصلة بتنفيذ العقوبة السالبة للحرية في مفهومها الجديد والذي يروم التأهيل والتقويم، ومن ثم فإن اختيار هذا الموضوع أملته ضرورة التمييز بين ما هو انطباع ذاتي وما هو واقع موضوعي بغية محو الصورة النمطية السائدة في بعض الأوساط، خصوصا وأن فترة الاعتقال والتجربة المرتبطة بها ما هما إلا حلقة صغيرة ضمن سلسلة معقدة ومتشعبة تتداخل فيها مع الأبعاد التربوية والنفسية في ارتباطها بالمحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.

وتأسيسا على ما سبق، بادرت المندوبية العامة بدعم من المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي إلى الشروع في إعداد دراسة حول ظاهرة العود للجريمة بالمغرب ترتكز على أسس أكاديمية وعلمية تهدف إلى تحديد مفهوم جامع للظاهرة في أبعادها الاجتماعية والقانونية وتحديد مسبباتها وتحليل مخرجاتها بغاية طرح مقترحات وتصورات \للحد من معدلاتها وتوفير أرضية للفاعلين المعنيين من أجل العمل على تطوير السياسات العمومية والتوجهات الأساسية للمشرع الجنائي وللسياسة العقابية عموما. ولقد تم تقديم الملخص الأولي لهاته الدراسة واستعراض أهم محاورها خلال اجتماع تم تنظيمه لهذا الغرض بمقر المندوبية العامة بتاريخ 17/09/2019، حيث تم استدعاء ممثلي القطاعات الحكومية وغير الحكومية وممثلي جمعيات المجتمع المدني للمشاركة فيه.

وعموما، فقد طرحت الدراسة إحدى القضايا التي لاتهم فقط المؤسسات القضائية والهيئات الرسمية التي تهتم بتطبيق العقوبة، بل تهم أيضا المجتمع وتهم نزلاء المؤسسات السجنية خلال فترة الاعتقال وبعد الإفراج، كما تسائل مكونات المجتمع المغربي وآليات الإدماج الاقتصادي والاجتماعي.

وتنبثق عن دراسة الظاهرة مجموعة من التساؤلات المحورية التي يتعين البحث عن إجابات لها.
ومن هذا المنطلق، سيتفضل عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس الذي أشرف على إعداد الدراسة بتكليف من المندوبية العامة خلال الجلسة الأولى باستعراض قراءة تحليلية حول نتائج دراسة ظاهرة العود بالمغرب، بالإضافة إلى السادة الخبراء الأجانب الذين سيعرضون تجارب الدول التي يمثلونها في التعاطي مع هاته الظاهرة ويتعلق الأمر بكل من:
الخبيرة الألمانية السيدة: Birgit GRUNDMANN، محامية وكاتبة دولة لدى وزير العدل وحماية المستهلك سابقا، والخبيرة الفرنسية السيدة Karine LAGIER مديرة المركز السجني Poitiers – Vivonne والخبير الاسباني السيد Marc CERON RIERA اخصائي في علم النفس الإكلينيكي والخبير الأمريكي السيد: Richard COURSEY ،.



وتتمحور الجلسة الثانية حول ماهية ودوافع العود من خلال مناقشة أبعاده المفاهيمية والبحث عن الأسباب والعوامل المؤدية إليه، وذلك من اجل فهم علمي دقيق للظاهرة. وسيتناوب الأساتذة المتدخلون كل من زاويته على طرح جوانبها ويتعلق الأمر بالأستاذ المشيشي العلمي وزير العدل سابقا وأستاذ القانون، والخبير الاقتصادي الأستاذ عمر الكتاني، وعالم الاجتماع مبارك الطايعي، والسيد إدريس الموساوي رئيس الجمعية المغربية للطب العقلي الاجتماعي بالإضافة إلى الأستاذ هشام معروف الباحث في السياسات الاجتماعية.

أما الجلسة الثالثة فستعالج كل ما يتعلق بمسببات العود، مع الاجابة عن أسئلة مؤرقة من قبيل: هل العود مسؤولية فردية؟ أم مسؤولية المؤسسات؟ أم أن المسؤولية تتحملها البنية المجتمعية الحالية كالأسرة والمدرسة والشارع وغيرها؟

وسيساهم في هذه الجلسة كل من الأستاذ النقيب عبد الرحيم الجامعي، وأستاذ القانون محمد الغواطي، والأستاذ حمزة الصاعد ممثل رئاسة النيابة العامة، والسيد خالد الأزمي ممثل منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والسيد عبد السلام حماني نائب رئيس المصلحة المركزية الشرطة القضائية بقيادة الدرك الملكي، وكذا عميد الشرطة محمد عبيرة.

ومن أجل تمكين الضيوف والسادة الأساتذة والنزلاء والنزيلات الطلبة المشاركين في هذه الدورة من المناقشة واقتراح حلول لهذه الظاهرة ستختتم أشغال هذه الجامعة بجلسة رابعة وأخيرة حول موضوع “ظاهرة العود الحلول والضمانات”. وسيتفضل كل من السيد هشام الملاطي مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل والسيد حمداش عمار أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل، والسيد المصطفى حدية أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة محمد الخامس بالرباط، والسيد عبد الحق الدوق رئيس قسم حماية حقوق الانسان بأماكن الحرمان من الحرية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسيدة كي ناكاغاوا أستاذة علم الاجتماع السياسي لشمال افريقيا، عميدة كلية علوم الاتصال بجامعة هاجورومو ومديرة بحث بمعهد موساشينو للدراسات العلمية بطوكيو، سيتفضلون بوضع أرضية للتفاعل والنقاش وذلك لطرح مجموعة من الحلول والمقترحات تهدف إلى تحقيق التنمية البشرية ومعالجة الإشكاليات الاجتماعية والاشتغال على الأفراد وعلى القيم الانسانية وكذا تحقيق العدالة الاجتماعية لفائدة المواطنين وبصفة أخص لفائدة لفئات الهشة، ومن بينهم بطبيعة الحال الساكنة السجنية والمفرج عنهم دون تمييز أو إقصاء.

حضرات السيدات والسادة:
نتمنى أن تكون الجلسات المبرمجة ضمن فعاليات هاته الجامعة قادرة على الإحاطة بجميع جوانب هذه الظاهرة وتداعياتها وانعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية، ومن دون شك فإن مجموع فقرات هاته التظاهرة العلمية ستحظى بمشاركتكم واهتماماتكم في إطار نقاش بناء وهادف في أفق إصدار اقتراحات وتوصيات من شأنها معالجة الظاهرة والحد من تداعياتها.

كما وجب التأكيد على أن مسألة العود مسؤوليتنا جميعا أفرادا ومؤسسات ولا يمكننا بأي حال من الأحول الرمي بمسبباتها إلى جهة معينة دون أخرى.

وبناء على ما سبق نقترح وضع تصور شمولي تشاركي مندمج يكرس مفهوم المواطنة والتضامن ويتجاوز كل التصورات التقليدية لهذه الظاهرة من خلال الارتقاء بالقدرات والمؤهلات البشرية ضمن سياسات وبرامج اقتصادية واجتماعية من شأنها أن ترفع من قدرة الفرد على تحقيق ذاته وسد حاجياته المادية والمعنوية والاجتماعية وتبعده عن كل مظاهر الانحراف.

وفي الختام، لا يفوتني أن أتقدم بشكر خاص للأساتذة المحاضرين على تفضلهم بقبول الدعوة ومشاركتهم ضمن فعاليات هاته الجامعة ومساهمتهم بتلقائية في إنجاحها وإلى المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي على دعمها لإنجاز دراسة ظاهرة العود بالمغرب التي ثم استعراض أهم محاورها من طرف الأستاذ بوزلافة محمد، والشكر موصول أيضا إلى كافة الهيئات والمؤسسات وفعاليات المجتمع المدني وممثلي وسائل الاعلام الحاضرة معنا في هذا اللقاء المتميز على تشريف المندوبية العامة بحضورهم وعلى تعاونهم الدائم والمتميز وكذا إلى كافة أطر المندوبية العامة التي سهرت على التنظيم والمتابعة من أجل إعداد هاته التظاهرة.

وسيتم خلال هاته التظاهرة توقيع مذكرة تفاهم بين كل من وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي و جامعة محمد الخامس بالرباط تروم إحداث فضاءات جامعية سجنية بالمقر السابق لمركز الإصلاح والتهذيب بسلا وفق ما يكفل تنمية قدراتكم وكفاءاتكم وكذا تمكينكم من بيئة ملائمة للدراسة الجامعية داخل المؤسسات السجنية، وكذا اتفاقية شراكة مع المعهد الدولي للكونفدرالية الألمانية لتعليم الكبار DVV International تهدف إلى إعداد دراسات وأبحاث ذات الصلة بموضوع تعليم السجناء داخل المؤسسات السجنية وتنظيم تكوينات مشتركة وأيام دراسية وندوات وموائد مستديرة.
وأخيرا، أتوجه بالشكر إلى النزيلات والنزلاء وأتمنى صادقا أن يكونوا خير نموذج للاندماج الفعلي والحقيقي في المجتمع وأدعوهم بالمناسبة إلى التحلي بالانضباط والمسؤولية الفكرية والأخلاقية والالتزام بمواضيع المحاضرات التي سيتم معالجتها.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير بلادنا في ظل القيادة الرشيدة لمولانا الامام صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

عن موقع : فاس نيوز ميديا