أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، صلاة الجمعة بمسجد حسان بالرباط.
وقد خصص الخطيب خطبة الجمعة للحديث عن الأهمية الكبيرة التي يوليها الإسلام للقيم التي تحفظ المجتمع، وتعزز تضامنه وتماسكه، ومنها النصيحة، التي تحتل مكانة عظيمة ومنزلة عالية رفيعة عند الله، كما أن شأنها عظيم في حياة الفرد والأمة على حد سواء.
وأوضح الخطيب أن النصيحة هي أساس بناء الأمة والسياج الواقي من الفرقة والتنازع والتنافر، مما جعل الرسول الكريم يحصر فيها الدين كله في قوله “الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم”.
وأبرز أن النصح، الذي يعد واجبا على العلماء والعامة، كل في ما يخصه، هو خمسة أمور، أولها النصح لله، ويكون بالدعوة للإيمان به، وتنزيهه عما لا يليق به، وترغيب الناس في رحمته ولطفه وثوابه. وثانيها النصح لكتاب الله، ويكون بالإيمان به وتعظيمه، وتعهده بالتلاوة والتدبر والدرس، والكشف عن أسرار إعجازه، وإذاعتها بين الناس، ودراسة ما فيه من الأحكام، وإفتاء الناس بالحق، وإبعادهم عن الخوض في المتشابه من آياته.
وثالث هذه الأمور، النصح لرسول الله، وهو التصديق برسالته، وتعظيمه في أمره ونهيه، ونصرته بعد وفاته، وإحياء سنته وطريقته على علم، ومجانبة من ابتدع في سنته أو تعرض لأحد من أصحابه بسوء. أما رابعها فهو النصح لإمام المسلمين، أمير المؤمنين، ولي أمرنا، ويكون بطاعته في الحق، وإعانته عليه بتفان وإخلاص، ومساندته في كل ما يتصل بتدبير مسؤولياته، والدعاء له بالصلاح والعون والتأييد.
ويتمثل خامس هذه الأمور في النصح لعامة المسلمين، ويكون بأداء حقوقهم أولا، ثم بكف الأذى عنهم، كما يكون بإرشادهم إلى مصالحهم في دنياهم وأخراهم، وبتبصيرهم بمواطن الباطل لاجتنابها، وتعليمهم ما جهلوا من الدين بالقول والعمل، والشفقة عليهم، واحترام كبيرهم والرحمة بصغيرهم.
ونبه الخطيب إلى أن هذه الأمور تشمل الإسلام كله وتتعلق بالأمة كلها، وعليها مدار الدين، وهي من جوامع كلم رسول الله، الذي لايتعلق بزمن دون زمن، ولا بحالة دون حالة.
واستطرد أن للنصيحة آدابا يتعين أن تراعى، منها، الإخلاص لله تعالى في النصيحة، والتجرد عن الهوى والأغراض الشخصية، والنوايا السيئة، والرفق في النصح، حتى لا تصير النصيحة تعنيفا وتوبيخا لا يقبل، والحلم بعد النصح، وتوقير جميع الناس، وإنزالهم منازلهم عن حق، والترفق مع أهل الفضل، إضافة إلى اختيار وقت النصح المناسب، واختيار أسلوب النصح المتزن البعيد عن الانفعالات.
وفي الختام، رفع الخطيب أكف الضراعة للباري عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرا عزيزا ويحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، ويقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وأن يحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة.
كما تضرع إليه، جل جلاله، بأن يتغمد بواسع مغفرته ورحمته ورضوانه الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.
و.م.ع
عن موقع : فاس نيوز ميديا