في خطبة يومه الجمعة بمسجد الحسين بن علي بفاس، ذَكَّر الإمام الخطيب بتضحيات الرسول الكريم، وبمعاناته وبصبره في سبل الله، لتبليغ رسالة الإسلام إلى أمته.
وذَكَّرالخطيب بمكر كفار قريش، وبالمضايقات وبالأذى الذي كانوا يلحقونه بالنبي الكريم، محاولة منهم لثنيه عن تبليغ الرسالة، وإمعانا منهم في إهانته صلى الله عليه وسلم.
غير أن محمدا ابن عبد الله ظل ثابتا لم يتزحزح قيد إنملة عن الخط المرسوم، وظل وفيا للأمانة التي كلف بها، لا يحيد عنها أبدا..
فماذا يقدم مسلمو الوقت الحاضر لنصرة دينهم؟ يتساءل الخطيب المحدث.
فبالرغم من رغد العيش والنعيم الذي نعيش فيه، لا نبذل لا من وقتنا ولا من جهدنا ولا من مالنا لنصرة ديننا، و هو غاية البخل، يقول الإمام.
ثم تطرق الخطيب إلى أن الدعوة المحمدية جاءت مبشرة ومنذرة. وقد أمر الحق جل وعلا محمدا أن يبدأ بعشيرته الأقريبن في دعوته للإسلام، لتمتد الدعوة بعد ذلك إلى الأبعد فالأبعد، إلى أن تشمل الإنسانية جمعاء، عن طريق الترغيب مرة والترهيب أخرى.
والفلسفة الإلهية في الترغيب والترهيب، يقول الإمام، تتمثل في واقع أن القلوب اللينة تستميلها الدعوة بالترغيب، فتستجيب لها مطيعة، لطبيعة فيها تأنس اليُسر وطَيِّب الأقوال والأفعال.
أما القلوب القاسية، والغياذ بالله، تلك التي لا تقبل بالحق ولو بدا لها جليا، بل تعانده، فلا ينفع معها إلى الترهيب والتذكير بعذاب الآخرة، لما ألِفته من فظاظة وطيش وعناد بغير وجه حق.
وهي منهجية في التربية والتعليم، سطرها النبي الكريم قبل 14 قرنا، بوحي رباني، وامتدت على مراحل، ابتداء بالأهل ثم العشيرة ثم الناس جميعا، كل حسب طبيعة نفسه.
في الجزء الثاني من خطبة الجمعة، استمر الخطيب بتوضيح المنهج النبوي في الدعوة إلى دين الحق، مذكرا بصبره صلى الله عليه وسلم، وبواقع أن الدعوة لم يستجب لها أول الأمر إلى ثلاثة أنفار، و رابعهم أول سيد من سادة قريش، صديق النبي الكريم، أبو بكر الصديق، لتنتشر أنوار الدعوة بطاح مكة بعد ذلك، ويؤمن بها أربعون مكيا، كانوا يجتمعون سرا أول الأمر، ولما ترسخت الدعوة واستقوت انطلقت لتنتشر في بلاد العرب ومن ثم بلاد العجم والعالم أجمع كما هو الشأن اليوم.
عن موقع : فاس نيوز ميديا