ملحمة المسيرة الخضراء..المجال، الإنسان والتاريخ

ملحمة المسيرة الخضراء..المجال، الإنسان والتاريخ
من يريد الإنفصال أو المطالبة بحق تقرير المصير؛ ليس مجبرًا ان يحمل ولو حبة رمل من تراب المغرب في حذائه على كعب رجليه..
..مرافعة قانونية وحقوقية للدكتور عبدالله شنفار
لفهم مدى مشروعية وشرعية تواجد المغرب بأقاليمه الصحراوية، يجب استحضار التاريخ.


فعبر تاريخ المغرب، السلطان المغربي هو المصدر الفعلي للقرارات السياسية ولكل إنتاج حقوقي وديني وثقافي، وهو المتصرف الأعلى في الدولة وواضع ومحدد للسياسة العامة والتعليمات والقرارات والتوجهات في المملكة الشريفة.
تاريخيا التقسيم الترابي للملكة قبل الحماية، نميز فيه بين مناطق الاستقرار الذي طبع بعض التجمعات التي يمكن أن نطلق عليها مراكز او مناطق أو جهات حضرية والتي تشكل إلى حد الآن مظهرا عتيقا يضرب في القدم من حيث التكثيف الحضاري حيث تواجد المخزن او الادارة كضابط لهذا النسق الاجتماعي والاقتصادي والثقافي (مراكش، فاس، إليغ، سوس…) وعدم الاستقرار الذي طبع بعض المناطق والتجمعات التي قامت على الترحال، كما هو الشأن للبادية المغربية التي تشمل حيزا كبيرا من الاقاليم الصحراوية وشبه الصحراوية. وعدم الاستقرار الذي يتنافى فعلا والتمدن، تلك التي شكلت هدفا “لحركات” السلطان، وما أطلق عليه “ببلاد السيبة” و التي وإن لم تخضع لنظام المخزن، إلا أنها تعترف بالسلطة الروحية والدينية للسلطان ملك المغرب.


مع رفض الخضوع لسلطة فرض الضريبة وما يواكب ذلك من تجاوز وعنف الساهرين على جمع الضرايب لردع محاولات التمرد على عناصر المخزن. فالمخزن مؤسسة سياسية وسلوك سياسي ونظام اجتماعي ومنظم لحقل المجتمع المدني فالمخزن قوة “حركات” السلطان وسلوك القواد الكبار.


ان المخزن ليس مجرد وهم Mystère، ولكن حقيقة؛ بحيث تحليل الثقافة الشفوية للمواطن المغربي يحيل إلى أن الإدارة والمخزن لا يفترقان في شيء أي مسميان لمعنى واحد. المخزن بنية كلاسيكية استبدلت بالإدارة كمفهوم حديث، أي مع تطور الدستورانية أصبح يحتفظ بطابع رمزي في حلة جديدة هي: الإدارة.


فالمخزن بالأمس يتعايش مع الحالي مع فارق في الصورة حيث نجد غيابه في الخطاب الرسمي، ولا وجود له إلا في الثقافة الشفوية، بحيث لا هوية له تماما كالإدارة.


المخزن يحكم، يقنن، يفرض الضريبة … إلى غير ذلك فهو إجمالا الإدارة وليس بدولة موازية او تفوق الدولة في شيء
وبناء على هذه المعطيات؛ فإن محكمة العدل الدولية وهي تنظر في قضية الصحراء المغربية، ربطت بين الولاء للسلطان أمير المؤمنين، ووجود السلطة السياسية، أي وجود إدارة، حدود جغرافية، سكان يبايعون ملك البلاد.


وبالتالي الروابط الروحية والتاريخية لملك وشعب يسكن بالمناطق الجنوبية الغربية للبلاد كما هو الشأن للامتدادات الجغرافية للملكة الشريفة.


هذه الروابط بين ملك وشعب والتي لا تزال متجذرة الى حد الآن في نفوس المواطنات والمواطنين المغاربة بالأقاليم الجنوبية؛ هي الثوابت الأساسية في الاستمرارية والشرعية.


فمن يريد الإنفصال أو المطالبة بحق تقرير المصير؛ ليس مجبرًا ان يحمل ولو حبة رمل من تراب المملكة الشريفة في حذائه على كعب رجليه.. الممتدة من طنجة إلى لكويرة..

عن موقع : فاس نيوز ميديا