متابعة محسن الأكرمين.
حين نقول بأن مكناس تعيش زمن ومكان الانتظار”شد الصف”، نزيد قولا بأنها تعيش بؤس تدبير في قضاياها الأساس والاجتماعية، تعيش نكوصا تنمويا وحضاريا نحو هاوية ما قبل البداوة، تعيش حقيقة أزمة بناء استراتيجي وعمل مواكب للتحولات الاجتماعية والعمرانية الطاغية. في حين أن الجانب الآخر ” المتحكم” يقول بأن رؤيتنا سوداء قاتمة تحمل طينة النقد فقط ولا تقدر على ابتكار تفكير الحلول. لكن أمر الانتظارية بلغ حد باب المرحاض اليتيم بساحة “الهديم”، بلغ حتى أن حاجيات طبيعية لم تستطع الساكنة أو الوافدة إليها من قضائها بكل أريحية ونظافة.
حين لم تستطع مدينة توفير مراحيض تليق بالإنسان وآدميته، حين تصبح الأماكن المهجورة والأسوار تلفظ الروائح الكريهة ، فعن أي تنمية نتحدث؟ عن أي برنامج عمل جماعة نتكلم؟ عن أي مدينة ممكن أن نسائل مدبريها بحكامة العهد الجديد؟. الأهم بمكناس أن الساكنة تحمل ألوان الصبر بطيفه المتنوع القنوع، تحمل ” الصمت حكمة” وهي حكمة غير شريفة ولا بريئة ، تحمل الأمل في قطار التنمية “غودو” الذي يأتي ويمكن ألا يأتي.
هي ساكنة مكناس من صفوف إدارتها وبيروقراطيتها، من صفوف مرافقها الصحية العمومية أو الخصوصية، من صفوف انتظار وسيلة تنقل، من صفوف طوعية حتى قفة رمضان المجانية، وقفة السياسة تعيش فتح اليد للسماء بكل تحمل صبور. الآن بلغ الصف الطويل حتى بوابات مراحيضها اليتيمة النتنة والتي في وضعية كارثية ، ويمكن أن تنتظر وفق عدم تصنيف صفوف الرجال والنساء، يمكن أن يطول انتظارك وإن كنت مريضا ما عليك إلا أن تقضي حاجتك في أي مكان قصي عن عيون المارة.
الأسهل حين تتغنى مهرجانات مكناس بالثقافة والسياحة والسينما بـــ “الطبل والغيطة”، الأسهل حين تمارس طواحين مكناس الهوائية من سياسي المدينة والكلام المنمق “الخشبي” والحديث عن المنجزات والفتوحات التنموية، الأسوأ أن الواقع بمكناس يحتاج إلى تدخل عاجل ليس في بناء المراحيض ولكن في احترام كرامة ساكنة مكناس أولا.
عن موقع : فاس نيوز ميديا