استهل خطيب الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب السعادة بفاس الأستاذ “الجيلالي المريني” بكلية الآداب والعلوم الانسانية بسايس، خطبته بقول الله عز وجل في كتابه العزيز : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”.
وأضاف الخطيب أنه انطلق من هذه الكريمة لمعالجة موضوع استقلال المغرب الذي عاش حدثا لا يمكنه أن يُنسى، لأن التاريخ هو الذي يبنى عليه الحاضر والمستقبل، إنها ذكرى الاستقلال الذي لم يأتي على طبق من دهب بل كان على طبق من دماء.
وشدد المريني على أن الاستقلال جاء بفضل المجاهدين الذين نذروا أرواحهم من أجل هذا البلدن المسلم، مبرزا أنه في 20 من غشت من سنة 1953، قامت سلطات الاحتلال الفرنسي أو ما يسمى بالارهاب الاستعماري بوضع حد لكل نشاط يقاومها ويرد عليها أو يزعزها أو يشوش عليها كيفما كان ذلك، وختمت هذا المسلسل التعذيبي بعزل الملك الراحل محمد الخامس عن العرش وبعثت به إلى المنفى مع أسرته، ونصبت محله محمد بن عرفة بمساعدة المتعاونين الخونة في مكانه.
وبتصرفها هذا يردف الخطيب وضعت الشعب المغربي المسلم أمام الباب المسدود، فوجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما، أما أن يقبل التحدي وينكمش على نفسه إلى ما شاء الله، وإما أن يواجه بالتحدي، فاختار هذا الشعب الأبي المواجهة ضد مستعمر عنيد وقاس ومتجبر وقاتل وارهابي، من رجال ضحوا بأرواحهم في سبيل الله من أجل اعلاء كلمة الله وتحرير الوطن.
وأشار خطيب الجمعة إلى أن الانطلاقة كانت بالشرارة الأولى، شرارة من العنف والازعاج وشرارة في مواجهة المستعمر، من طرف المتعلمين لأنها أحرقتهم بنورها وبأبنائها وبمجاهديها وطردتهم شرّ طردة، فحُقّ لهم يكون بيت الظلام في اشارة إلى جامع القرويين بفاس.
وأبرز “الجيلالي المريني” أن الارهاب الاستعماري كان يفرض على المجاهدين الالتفاف حول بعضهم ولم تظهر في الأفق أية دلائل تبشر بالانفراج، لكن سرعان تشكّل جيش التحرير وأخذت المقاومة ضغطها بايمان قوي وعزيمة لا تلين، مركّزا على أن الذي طرد المستعمر ورفع راية الاسلام هو الله تعالى أولا ثم الملك والشعب ثانيا، لأن المعركة خيضت باسم الاسلام وليس باسم شيء آخر، فجاء الفرج وتحقق النصر وكانت العودة ميمونة للمغفور له محمد الخامس واستقل المغرب آنذاك والحمد لله.
إذا كان الاستقلال قد تحقق بفضل الله أولا، يضيف خطيب الجمعة، ثم بالتلاحم بين العرش والشعب باسم الاسلام وبيدن محمد عليه الصلاة والسلام، متسائلا : هل يجوز لنا نفرط فيهن؟، أناشدكم الله أن تقولوا الحق، هل يجوز لنا أن نفرط في فرضية واحدة من ديننا؟ وهذا الدين هو الذي أعطانا قيمة عالمية وبه نحيا وبه سندخل الجنة وبه سنفوز في الدنيا والآخرة. الاسلام لا يعترف بالعصبية ولا بالفئوية، لذلك لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العصبية، قال : ” دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ “، لايجوز فانها حرام، اثارة الفوضى باسم الحرية لا أصله في دين الله.
وتضرع الخطيب في الختام إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين ويحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وبأن يجعل كل مبادراته أعمال خير وبركة على البلاد والعباد، ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبأن يحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة.
عن موقع : فاس نيوز ميديا