بقلم : د. عبدالله شنفار
يرى الباحث المتخصص في مجال علم السياسة والعلوم الإدارية الدكتور عبدالله شنفار؛ ان الأمن القانوني في ارتباطه بالأمن القضائي؛ هو بكل بساطة مدى قدرة القواعد القانونية على معرفة مجال للتطبيق ومدى ثقة الناس فيها ..
وهذا الوضع دفع بالعديد من الباحثين في مجال علم الاجتماع إلى طرح السؤال التالي؛ ما هو القانون بالمغرب؟ أو بالأحرى ما معنى القانون بالمغرب؟ Qu’est-ce que le droit au Maroc؛ في ظل كثرة نصوصه، وعدم مطابقتها للواقع السوسيولوجي؟
كذلك هذا الموقف ادى بالعديد إلى طرح تساؤل آخر فيما إذا كان القانون تعسفيا في بعض جوانبه حينما ينزع بكثرة نصوصه إلى التقليص من الحقوق والحريات للأفراد، بحكم أنه لم يكن وليد اكتناف أو صراع معين، بل مجرد دخيل في العديد من نصوصه؟
هناك العديد من النصوص القانونية البرانية عن المجتمع المغربي التي بالإضافة إلى برّانِيتِها وعدم انبثاقها من الواقع والمعيش السوسيولوجي بالمغرب، تبقى صعبة التطبيق، إن لم نقل مستحيلة التطبيق والتنفيذ على الإطلاق.
ومن تلك النصوص على سبيل المثال والحصر؛ نجد الفقرة التاسعة من الفصل 35 من القانون الجنائي التي تعاقب تعاطي الشعوذة والسحر. فنحن نعرف ان المجتمع المغربي من أكثر المجتمعات العالمية التي تؤمن بالسحر الذي يتم إما علانية، بحيث يكفي معاينة بسيطة لساحة “جامع الفناء” بمراكش لالة عيشة البحرية بأزمور بالجديدة وسيدي عبدالرحمان مول المجمر بعين الدياب بالدار البيضاء ومولاي بوشعيب بازمور وغيرها من الأماكن المعروفة والمعلومة؛ لمشاهدة استفحال الظاهرة، وإما في الخفاء حيث يصعب إثباتها ووسائل ضبطها؛ حتى تظهر للعلن بعدما تكون مقرونة بفعل جرمي اخر كما مثلما فضح من خلال ما يسمى الرقية الشرعية أو الزنا والفساد المقنع والمتخفي تحت ستار المعالجة بآيات القران.
فهو إذن مجرد تنصيص يدخل في مجال نص استراتيجي مضمن مع وقف التنفيذ.
نفس الأمر بالنسبة للتنصيص على معاقبة تعذيب أو حبس الحيوان. فلو افترضنا أن الأمر تعلق ب “قط” أو “كلب”، فالبحث السوسيولوجي البسيط يؤدي إلى استنتاج مفاده أنه في الثقافة الشعبية؛ تعذيب أو الاعتداء بالضرب على القط او الكلب يؤدي إلى الإصابة بضربة صرع أو ضربة الجن “التشير” او مقولة؛ فيه ذنب وإثم كبير؛ فهما يدخلان في مجال المقدس أو التمثل أو الخوارق الطبيعية؛ وليس احترامًا للحيوان الأليف كما هو الشأن عند الغربيين.
لذلك نجد العديد من عمال الجماعات يتهربون من محاربة الكلاب والقطط الضآلة؛ ليس خوفا من جمعيات الرفق بالحيوان؛ بل للسبب السالف الذكر؛ حيث يعملون على جمعها من خلال اصطيادها وإحالتها على مصلحة البيطرة لتنتهي مهمتهم؛ وحتى المصالح البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية؛ يتهربون لنفس السبب متذرعين بكون المادة السامة ” الستريكلين” المستعملة في محاربة الكلاب والقطط والثعالب والدواب الضآلة والمسعورة؛ مادة خطيرة ؛ في حين ان التعويض الهزيل المتمثل في فوطة وصابون وبعض الدريهمات هو الذي يدفع إلى التهرب من المهمة في غياب الحوافز والتعويضات عن هذه المهام الصعبة والشاقة.
وحتى التنصيص من خلال مقولة لا يعذر أحد بجهله القانون تبقي السؤال حول محلها من الإعراب في مجتمع يعاني الأمية بنسبة تزيد على 60 %؟ إلى غيرها من النصوص الدخيلة والمتجاوزة؛ والتي تعود إلى عهد الحماية الفرنسية أو بداية الاستقلال.
نحن نعرف ان المشرع المغربي لا يوقفه شيء ؛ الا سعة الإمكانات في السرعة في بلورة وإخراج القوانين والتشريعات؛ فمتى تتم اعادة النظر في الترسانة القانونية بالمغرب بالتقليص منها وإعادة صياغتها حتى تساير التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المغرب؟
عن موقع : فاس نيوز ميديا