استهل خطيب الجمعة بمسجد الهدى الكائن بحي البديع بمدينة فاس، “عبد الصمد أحسيسن”، بقول الله تعالى في كتابه العزيز مخاطبا رسوله الكريم : “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، قائلا “إن إرسال الله نبيه الكريم وبعثه كان رحمة للعالمين جميعا، وهذا التعبير يفيد الحصر لأن الله تعالى لم يرسله نبيه لأي غرض أو قصد إلا أن يكون رحمة للعالمين كلهم”.
وأردف أن الرسول صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة للناس جميعهم كافرهم ومؤمنهم مخالفهم وموافقهم، مشيرا إلى أن من تبعه عليه الصلاة والسلام على دينه من الإنس والجن، فهو له رحمة، وسيدخل الجنة وينقذ نفسه وينجو من عذاب النار، لقوله سبحانه في كتابه العزيز : “وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم”. ومما يبين هذه الرحمة العامة بإرسال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، قول الله تعالى : “وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ”.
قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله” : وَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّتِهِ ، وَلَا مِنْ مُقْتَضَى رَحْمَتِهِ وَلَا حِكْمَتِهِ ، أَنْ يُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّسُولُ فِيهِمْ ، وَهُوَ إِنَّمَا أَرْسَلَكَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، وَنِعْمَةً لَا عَذَابًا وَنِقْمَةً ، بَلْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ أَيْضًا أَنْ يُعَذِّبَ أَمْثَالَهُمْ مِنْ مُكَذِّبِي الرُّسُلِ وَهُمْ فِيهِمْ ، بَلْ كَانَ يُخْرِجُهُمْ مِنْهُمْ أَوَّلًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ .
وأوضح “عبد الصمد أحسيسن”، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجسد هذه الرحمة في تعامله مع الكبار والصغار، لأنه كان حريصا على الدعاء لأمته في صلواته كلها، إذ كان يقول “أمتي أمتي” رحمة بها واشفاقا بها.
وأشار خطيب الجمعة، إلى أنه من جملة مواقف النبي عليه الصلاة والسلام التي تجسدت فيها رحمته أنه رحمة للعالمين جميعا موقفه من أهل مكة الذين تآمروا على قتله وضربوه وهي أحب الأرض إليه، وخاضوا ضده معارك وحروبا، إلا أن قال لهم ” اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ “، رغم أنه كان قادرا على قتلهم واستئصالهم جميعا، فعفا وخلى عنهم يوم الفتح، قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : “إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَفَا عَنْ مَكَّةَ وَأَهْلِهَا وَقَالَ: “مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ”.
وتضرع الخطيب في الختام إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين ويحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وبأن يجعل كل مبادراته أعمال خير وبركة على البلاد والعباد، ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبأن يحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة.
عن موقع : فاس نيوز ميديا