مسجد السلام بحي الزهور الخطيب محمد الفروني استاذ بكلية الشريعة بفاس
استهل “محمد الفروني”، و هو استاذ بكلية الشريعة بفاس، خطيب الجمعة، بمسجد السلام بحي الزهور بفاس، خطبته بالحديث عن كون الإسلام جعل الحفاظ على الأعراض من الضروريات الخمس، ومن مقاصد الدين الإسلامي الكبرى، التي يجب الحفاظ عليها، وإلا وقع الخلل.
ويعود الخطيب للتذكير بأن المقاصد الكبرى التي حث الدين الإسلامي المؤمنين على الحفاظ عليها، هي :
- الدين
- النفس
- العرض
- العقل
- المال
وشدد المتحدث على إلزامية الحفاظ عليها جميعا، لأن التفريط في أي منها من شأنه أن يصيب حياة المؤمن ومجتمعه بالخلل. والحكمة في ذلك هي الحفاظ على الإنسان وعلى نسله ونقائه وطهارته، و لذلك حرم الإسلام انتهاك العرض، وشدد على ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع : “أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولى، فإنِّى لا أدرى لعلِّى لا ألقاكم بعدَ عامى هذا، بِهذا الموقِفِ أبدًا”.
“أيُّها النَّاسُ، إنَّ دماءَكم وأموالَكم عليْكُم حرامٌ، إلى أن تلقَوا ربَّكم كحُرمةِ يومِكم هذا، وَكحُرمةِ شَهرِكم هذا، وإنكم ستلقونَ ربَّكم، فيسألُكم عن أعمالِكم وقد بلَّغتُ، فمن كانت عندَهُ أمانةٌ فليؤدِّها إلى منِ ائتمنَهُ عليْها، وإنَّ كلَّ ربًا موضوعٌ، ولكن لَكم رؤوسُ أموالِكم، لا تظلِمونَ ولا تُظلَمونَ قضى اللَّهُ أنَّهُ لا ربًا وإنَّ ربا العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ موضوعٌ كلُّهُ، وإنَّ كلَّ دمٍ كانَ فى الجاهليَّةِ موضوعٌ، وإنَّ أوَّلَ دمائكم أضعُ دمَ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلب- وَكانَ مستَرضَعًا فى بنى ليثٍ، فقتلتْهُ هُذيلٍ- فَهوَ أوَّلُ ما أبدأُ بِهِ من دماءِ الجاهليَّةِ”.
وعن أَبي هُريْرة أنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَالَ: “كلُّ المُسلِمِ عَلى المُسْلِمِ حرَامٌ: دَمُهُ وعِرْضُهُ وَمَالُهُ رواهُ مسلم.”
وعنْ أَبي بكْرةَ أنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَالَ في خُطْبتِهِ يوْم النَّحر بِمنىً في حجَّةِ الودَاعِ: “إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت” متفقٌ عَلَيهِ.
فكانت وصيتَه صلى الله عليه وسلم في أمته إلى يوم القيامة.
فلا يجوز للمسلم أن ينال من عرض أخيه بأي وجه كان، سواء بالزنى بمحارمه أو بالقذف في أعراضهن.
ونبه الخطيب إلى الموجة التي يريد البعض تكريسها، و المتمثلة في التحرر الجنسي، وفي محاولة إقناع المغاربة بأن ممارسة أبنائهم وبناتهم الجنس خارج إطار الزواج ما هو إلا تقدم ومسايرة لمقتضيات العصر، مع أن الدين الإسلامي دين الدولة، والأعراف المغربية لم تقبل التحرر الجنسي عبر تاريخها.
وأضاف الخطيب أن مما حرمه الإسلام وجعله من السبع الموبقات، القذف. وهو رمي المحصنات بالزنى والرجال بالفاحشة.
قال تعالى في محكم التنزيل : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (4) . سورة النور، الآية الرابعة.
وهكذا فإن الله جل وعلا عاقب من يقذف في الأغراض دون بينة، وهنا أربعة شهود، بالجلد ثمانين جلدة، ولا تقبل منه شهادة أبدا. فالأعراض خط أحمر، يقول الخطيب، ولا يقبل في قذفها أي تجاوز.
واعتبر الدين الإسلامي من قُتل دفاعا عن عرضه شهيدا، مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: عنْ أَبي الأعْوَر سعيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرو بنِ نُفَيْلٍ، أَحدِ العشَرةِ المشْهُودِ لَهمْ بالجنَّةِ، ، قَالَ: سمِعت رسُول اللَّهِ ﷺ يقولُ: “منْ قُتِل دُونَ مالِهِ فهُو شَهيدٌ، ومنْ قُتلَ دُونَ دمِهِ فهُو شهيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ دِينِهِ فَهو شهيدٌ، ومنْ قُتِل دُونَ أهْلِهِ فهُو شهيدٌ.”
رواه أَبو داود، والترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وحذر الخطيب من محاول صناعة واقع التكريس للحرية الجنسية في الإعلام، و في المرئي منه بالخصوص، عبر الإتيان بسيناريوهات تُطَبع مع تحرر الشابات والشباب وممارستهم الجنس خارج إطار الزواج، بمباركة أسرهن، كما نرى في مختلف القنوات التلفزية وفي السينيما.
وفي الجزء الثاني من خطبة الجمعة، عاد الخطيب للتذكير بعِظَم ذنب قذف المحصنات والناس بالزنى، بغير وجه حق، مذكرا أن أعداء الله ورسوله حاولوا النيل من عرضه، قال تعالى : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (15)سورة النور. فبعض من يقذف المحصنات بالزنى يعتبر ذلك هينا، وما هو بالهين، توضح الآية الكريمة.
وشدد الخطيب المتحدث على التحري وأخذ الحيطة والحذر قبل توجيه التهم، وقذف المحصنات.
فالقذف بدون حق يستوجب لعنة الله . قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)) سورة النور.
وذكَّر الإمام أن الله جل وعلى لم يستثن من يقذف الذكور بغير حق من العقاب . قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) سورة النور (23).
وختم المتحدث خطبته بالصلاة على النبي الكريم، وعلى أهله وصحبه، ثم دعا لأمير المؤمنين ولولي عهده، و لأسرته، ثم دعا العلي القدير بالصالحات للمجتمع المغربي وللأمة الإسلامية جمعاء.
عن موقع : فاس نيوز ميديا