تطرق الخطيب “أحمد أموني” الإمام الخطيب بمسجد بدر بفاس، في خطبة يومه الجمعة 20 دجنبر 2019، لموضوع خطورة التسويف.
وبدأ الخطيب بالتذكير أن التسويف مأخوذ من كلمة “سوف”، وهي كلمة عربية تعتبر أداة تدخل على المضارع فقط في الأفعال.
ومنها حرف السين، الذي يدخل على الفعل فيفيد الزمن القريب. كمثل قولنا : (سنسافر) .. إلا أن السين في الحال هاته، تفيد الزمن القريب، في حين أن كلمة (سوف) تفيد الزمن البعيد، و منها جاء مصطلح التسويف..
وذكر الإمام بأشكال منطوقة أخرى لكلمة (سوف) عند العرب كمثل (سو) و(سي) …
ونبه المتحدث إلى أن (سوف) تدمر الخير بالتمني. كون الفاعل يصرح لمحيطه أنه سوف يحج، مثلا أو سوف يقوم بالتصدق على فلان ، أو غير ذلك، ويقف عند قوله دون ترجمته إلى فعل، مقدما أعذارا واهية.. وهو عين التسويف.
وقال تعالى داعيا إلى المبادرة بفعل الخيرات والمسارعة إلى نيل القربات دون تسويف ، فقال جل و علا : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ) آل عمران (133).
وقال تعالى : (سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الحديد (21).
محرضا المومنين على الإجتهاد في تنفيذ الخيرات، سواء في أمور الدين أو الدنيا.
واكد الخطيب على منهاج رباني لتنفيذ الأعمال الصالحة، وهي التفكير ثم العزيمة فالتنفيذ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: “بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا فقراً مُنسيًا، أو غنًى مُطغيًا، أو مرضاً مُفسدًا، أو هَرَماً مُفنِّدًا، أو موتاً مُجهِزًا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، والساعة أدهى وأمر؟”.
بادروا بالأعمال سبعاً، يعني: سابقوا وسارعوا قبل أن ينزل بكم واحد من هذه الأمور المذكورة، فقد ذكر النبي ﷺ سبعة أشياء، فبادروا بالأعمال وقت إمكان الفرصة، قبل أن يدهمكم ما لا قبل لكم به، فيحول بينكم وبين العمل، هذا هو المراد.
وفي الجزء الثاني من خطبة الجمعة، استرسل الإمام الخطيب في موضوع التسويف، منبها إلى أنه يقتل الخير. وذكر بأن العلماء المسلمين دأبوا على تنبيه طلبة العلم من خطورة التكاسل و التسويف في العلم والمعرفة.
فكم من طالب تفوته الفرص للتقدم العلمي والتميز كسلا منه وتأخيرا لبرامجه من يوم إلى يوم..
وذلك شأن المبتلين أيضا، فالمدخنون مثلا، يعدون أنفسهم وذويهم بأنهم سيمتنعون عن عادتهم السئية القاتلة بقولهم سوف … دون أن يسارعوا إلى التنفيذ مؤخرين ذلك من يوم إلى آخر.
فالتسويف مذموم في كل الأحوال، في الأمور الدينية كما الدنيوية..
ومن يقدم سوف، سينتهي بحسرة يؤخر فيها قوله يا ليت، دون أن ينفعه ندم.
و العلة في ذلك غياب البرنامج المنهجي لتنفيذ المشاريع الدنيوية والصالحات الأخروية.
وختم الإمام خطبة الجمعة بالدعاء لأمير المومنين الملك محمد السادس ولأسرته الكريمة بالصلاح والتواب، و لكل المومنين والمومنات، مستعيذا بالعلي القدير من السويف.