محسن الأكرمين.
قد نصدق القول ونقول بأن أحلاما جماعية حول تنمية مندمجة بمكناس أضحت رؤية تفوق قدرة مدينة على الانخراط في السير التنموي بسرعة الطريق السيار. قد نصفق بأيد متصلبة لإنجاز بعض الولوجيات ونقول أن مكناس تسير على سكة البداية والتخفيف من الإعاقات التنموية القديمة. قد تبدو عدة مشاريع (مهيكلة) من باب تجويد الخدمات والبنيات التحتية لكنها أصلا من الأولويات الأساس التي لا ترتقي بالمدينة إلى صف صفوة مدن الجذب والتنمية التفاعلية. قد تكون تنمية التمكين والممكن بمكناس لحد الآن لم يقص شريط تدشينها بالوفرة. قد تكون مطالب الساكنة بسيطة و تنحو باقتباس الكمية والنوعية التنموية التي تؤثث بيئة جمالية للمدينة و تستشرف توفير خدمات مدينة ذكية.
تنتهي سنة بعد أخرى وقد لا ننتبه إلى أن مخطط وبرنامج عمل مجلس الجماعة (2016/2021) في محاوره الإستراتيجية الثمانية الكبرى قد هرم ضمن رف الانتظارية و ميزانية شد صف. قد لا ننكر أن تفعيل أجزاء منه قد تم في جوانب هيكلة طرقات وأحياء بالتكسية (الزفتية). قد نقول أن سنة (2019) أوشكت على الانتهاء وحين نقيس أثر عوائدها التنموية على ساكنة مكناس نجدها لازالت تتناول حديث مراحل بناء رؤية التصورات فقط وهدر زمن الإقلاع الحقيقي، نأسف حينما لا نجد مكناس تحتل مراتب متقدمة جهويا ووطنيا، نأسف اختناقا حين نعلم أنها في مجال البطالة وبروز الاقتصاد غير المهيكل قد احتلت الصفوف الأولى، قد نشاهد العشوائية التي تفسد الوسط البيئي للمدينة و نصور المدينة بأنها مدينة “الفراشة بامتياز”.
التنمية يمكن أن ترى النور في المستقبل المنظور بمكناس حين يتم إنعاش الاقتصاد الاجتماعي (النموذج التنموي الجديد)، حين تتقوى مكناس تنافسيا وتصبح تمتلك (لوبي) الترافع السياسي والضغط الاقتصادي والمالي، حين تتم تهيئة طرق محورية كبيرة (الأجنحة الطرقية الخارجية) التي تفتح المدينة على عالمها المجاور وتصبح طيعة الوصول، حين تفكر مكناس في توطين مناطق الأنشطة الاقتصادية وتنتقل من مدينة الأسواق العشوائية إلى أنشطة مهيكلة واستثمارات مدرة للدخل التفاعلي، أنشطة اقتصادية مواطنة في أداء نصيبها من التسعيرة الضريبية للدولة.
جذب الاستثمار لن يمر بتخطيط الصدفة، بل هو عمليات بنيوية تجمع الترافع عن المدينة بصوت السياسي والاقتصادي ودعم من السلطة المحلية، هو بخلق صورة تسويقية للمدينة ببنية تحتية مسهلة ومتطورة، هو بخلق تحفيزات وتسهيلات والتزامات تعاقدية بأثر تنمية المدينة أولا، هو في تكوين يد عاملة مؤهلة حسب متطلبات سوق الشغل، هو في شباك إدارة مصاحب وميسر وليس بالمعرقل.
فليس في تصنيف المدينة ضمن مدن الممكن الاستثمار فيها بتمييز التفرد، بل يمكن اعتباره تصنيف على أن المدينة لا زالت بكر (عذراء) من توافد مشاريع كبرى تنجز بترابها. نختم الحديث أن مكناس في أمس الحاجة إلى انطلاقة وازنة في التنمية بالاستعجال لتحريك الفعل الاقتصادي، مع إمكانية التفكير في مناظرة مفتوحة تحدد أبواب وآليات التنمية المستدامة وتحدد مواصفات التشغيل وكفاءات اليد العاملة وعلامة المدينة الحصرية، مناظرة محلية تقوم بخلق لجان متحركة للترافع والتسويق للمدينة جهويا ووطنيا ودوليا.
عن موقع : فاس نيوز ميديا