محسن الأكرمين.
اسم الفقيه حملته عائلة أصول المرحوم الحاج المهدي المعزوزي جيلا بعد جيل، “ولد الفقيه ” به كنا نناديه احتراما له . هو ابن الزيتون أبا عن جد، ابن المحراث ببلاد العويجة ، ابن الأسرة الثرية بعلم القرآن والتفسير والفقه. ابن السلف والزاوية الصوفية الحاملة لكتاب الله تلاوة وتفسيرا.
من محراب مسجد سيدي امبارك بباب كبيش الزيتون كان عمامة الفقيه من فوق المنبر تحمل رزانة تعليم تقليدي إسلامي وفق كتاب الله والسنة وفقه المذهب تتلمذنا فوق حصيرالمسجد الصغير، وتعلمنا الحرف والكلمة والجملة، وحفظنا ما تيسر من القرآن الكريم وفقه الأركان. نلنا” الفلقة” به وكانت أشد حين نلنا أكلا من شجرة “الكرموس” التين الخاصة بالفقيه ما طاب منها ولذ من الكرموس ” الورناكسي” ، فيما كان صديقي الطيب المعزوزي قد نال ضعف العدد من” الفلقة” لأنه الحفيد الأصغر للفقيه.
اليوم شمعة روح الحاج المهدي المعزوزي قد غادرت علوا ونورا نحو السماوات، روح الفقيه الطاهرة وكلامه الطيب الواعظ اللين غادرنا و ترك فينا ابتسامته و تيسيره للغة الفقه التعبدي والمعاملتي. من الذكريات الوافدة وقبل وفاة الوالد رحمة الله عليه سنة (2004) كان قد أوصاني وصية لا مثيل لها بالتفرد وحملها لي على انفراد، أوصاني حين استحلفني قسما ألا يكون تغسيل جسده النهائي إلا من يد الحاج المهدي المعزوزي ، كانت وصيته قد أحدثت لي تشويشا ودعاء بقضاء وصيته. فحين قبضت روحه بقدرة الرحمان كان أول بيت قصدته منزل الحاج المهدي آنذاك ، دخلت باكيا فعرف بالأمر من فطرته لأن الوالد كان طريحة فراش الموت، لأن الحاج المهدي في آخر زيارة للوالد رحمة الله عليهما بالجمع قد بكى دمعا أمام أعين الوالد وصديق طفولته، كان قد استفاض بالدعاء على تيسير مرور الموت نحو حياة الخلد وموت الألم.
حين حكيت له وصية الوالد بكى من قلبه حزنا، وبقينا نحن أبناء المرحوم بنسالم بن الحاج عبد الكريم من أعز الناس عندهم يسأل عنا جميعا ولا يتوانى في الدعاء لنا.
وصيت الوالد نفذها المرحوم الحاج المهدي المعزوزي بكل فروضها وأركانها رغم أنه كان عليل الصحة، كنت حينها مساعده في عملية التغسيل وكان الألم والحزن يغالب عينيه بالبكاء الصامت. هي الذكريات تجيء وتؤدي ويبقى وجه الله العلي القدير باقيا.
اليوم أعلن أن حي الزيتون قد افتقد شمعة رزينة للفقه الإسلامي، افتقد رجلا أنيقا في هيئته وأقواله، افتقد رجلا صادقا في أعماله وأخلاقه. اليوم أعلن أن حي الزيتون فقد مناضلا في صفوف حزب المهدي بن بركة زمن الرصاص، فقد مناضلا تحمل قول ” لا” للدستور أيام صك الأفواه وقوة المخزن. اليوم رحمة من الله للحاج المهدي المعزوزي، دعاء منا له بجنة الخلد. اليوم نموذجنا الأبي الحاج المهدي بقيت روحه بيننا ترشدنا للحق، بقيت مواقفه تحملها ذاكرتنا الصغيرة في كبر سننا. اليوم كل التعازي مع دمعة بكاء صدق لعائلته الصغيرة والكبيرة ولكل أصول وساكني حي الزيتون.
عن موقع : فاس نيوز ميديا