يوميات حالمة : مجسمات كارتونية تعلمنا سر الحياة

محسن الأكرمين.

فخاخ الشيطان،
من سذاجتنا العقلية تحميل الشيطان كل فشلنا على علو البناء، فحين تحدث العلاقة الفارقة بين الواقع ومنطق اللامعقول تحصل الكوارث الإنسانية وليست الطبيعية، فمن المستحيل أن يتخلى اللعين الشيطان عن بناء الفخاخ والظهور بمظهر البراءة والبكاء على الضحية. إنه يمثل حالات الذئب في الزمن والمكان، فهو يأكل لحم الفريسة “الضحية”، و يبكي مع الراعي “نفاقا”، و يلهو حينا مع الأغنام “الالهاء”.
المشكلة العميقة حين لم تسعفنا لا ثقافتنا ولا تكويننا من تحصين الوسط الاجتماعي من الاختلالات المميتة، لم ينفعنا تفكيرنا المنطقي غير الغيبي من أن نكون جزءا من الحل بدلا من أن نكون موردا تفاعليا لصناعة شيطنة المشاكل بالتكاثر.

حكايات الغابات،

للغابة حكايات وعمق اكتشاف سر حي بن يقظان في الوصول إلى المعرفة الوجودية، للغابة قوة حاكمة لا يخالطها شيطان الشر إلا في نزهة الإنس في رحلة الصيد القاتل، للغابة أحداث متناسقة زمنيا فكل حدث هو نتيجة لسابقه بقوة علاقة السالب والايجابي، فيمكن أن تعيش في الغابة  أمام رعب الموت والقلق، يمكن أن تعتبر الموت هو الدواء الناجع لنهاية “الألم”.

حب الحياة ،

حقيقة الغابة لم تمنع قابيل وهابيل من الاقتتال على نوعية القربان، حين أصبح الموت عند قابيل نافيا للأخر، حين تمت عملية التصفية الجسدية، افترض قابيل أن أخاه في حالة غيبوبة غير مؤلمة.

لم تمنعهما التنافسية من التمييز بين قربان البيئة الخضراء وإسالة دم الذبيحة، لكن الغابة حقيقة علمت قابيل من سلوك الغراب كيف يواري سوءة أخيه، علمته الندم والتوبة، علمته بعد موت هابيل أن من يدخل الغابة من إنسي تزول حينها نبوءة السلم و تنكشف علوا سوداوية العلاقات “الغرابية ” وقتل التلذذ. حينها نقول بأننا نشأنا من عقل الغباء ومن الغراب تعلمنا ردم الموت و بناء الحياة، وسد فراغات العجز، أننا نفتقد الشجاعة في تقرير اختيار الحياة”المشتركة” وليس الموت”الاستئصال”.

 فلسفة ماوكلي الكارتوني ،

الغابة الناعمة “في النزهة” وجدنا فيها فزاعات قاتلة و مخيفة، وجدنا فيها شياطين من الإنس يتنفسون الهواء معنا بالتقاسم وممكن في أي لحظة أن يخنقوا أنفاسنا بالسادية. يقول (ماوكلي) فتى الأدغال ” البشر يتعلمون من حكايات الحيوانات”، وقد صدق حين علمنا الغراب ردم الموت ومداومة الحياة، حين أصبحت أنثى الذئب الماكر أما محتضنة لـ (ماوكلي) بالتبني    والرضاعة، حين تولى الدب الأسود تربية” ماوكلي” ورعايته بالتتبع والخوف عليه، حين كان الدب سيد فلسفة الحكمة وعلم ماوكلي أن الأطفال يعوزهم التركيز العقلاني للنجاة من المخاطر الجانبية، حين كانت نصيحة الدب فلسفة حياتية (ماوكلي) وقال له : حين تفر افعل ذلك بسرعة البرق، لأن من يهرب هو من يكون أكثر عرضة بأن يصير فريسة صائغة، فلا توجد في الغابة فرصة ثانية للحياة.
أنيقة أنت الحيوانات الكارتونية في الحكمة، حين علمتنا ونحن صغار  أن الفهد يصطاد عند الضرورة فقط، فلا مكان في الغابة لصيادي المتعة البخسة، فالقتل للمتعة صناعة وبلاهة من بشر البدائي.