قال إدريس الگراوي، رئيس جمعية الدراسات والأبحاث للتنمية، منسق اللجنة الدولية المكلفة بتنظيم الملتقى الدولي للداخلة، إن مسلسل التنمية في القارة الإفريقية يتسم بعدد من المفارقات؛ فرغم أنّ هذه القارة تختزن ثروات طبيعية هائلة، وتُعدّ منطقة جذب قوية للاستثمارات الخارجية، فإنّ قدراتها الصناعية لم تواكب التطور الصناعي الذي يشهده العالم.
واستدلّ الگراوي لتأكيد هذا الطرح، في مداخلة له ضمن الجلسة الموضوعاتية المخصصة لموقع إفريقيا في الهيكلة الحالية والمستقبلية للاقتصاد العالمي الجديد، ضمن أشغال اليوم الثاني للملتقى الدولي الخامس للداخلة، برقم يتعلق بحصّة الصادرات الصناعية الإفريقية بين الصادرات العالمية، إذ كانت في سنة 1980 في حدود 5.99 في المائة، لتنكمش، حاليا، في حدود 3.3 في المائة، عازيا هذا التراجع إلى أن الصناعة الإفريقية مازالت بسيطة.
المفارقة الثانية التي توقف عندها رئيس جمعية الدراسات والأبحاث للتنمية تتعلق بعدم قدرة القارة الإفريقية على تحقيق تقدم ملموس على صعيد التنمية، رغم الإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها، إذ تؤكد المؤشرات الدولية أن كثيرا من بلدان القارة السمراء مازالت تعاني من نقص في عدد من المجالات، مثل الرعاية الصحية، والتعليم والشغل، فضلا عن كونها مازالت تعاني من انتشار الأمية، والفقر…
مفارقة أخرى أشار إليها الگراوي، تتعلق بعدم استفادة القارة الإفريقية من النمو الديمغرافي الكبير الذي تشهده، أو ما سمّاه “التسونامي الديمغرافي”؛ فعلى الرغم من أن هذا العنصر يمكن أن يكون ورقة قوّة بالنسبة للقارة السمراء، إلا أنها لم تستفد منه.
وعزا المتحدث ذاته سبب عدم استفادة إفريقيا من النمو الديمغرافي إلى غياب الشروط المتيحة لذلك، إذ يعاني سكان القارة، وخاصة الشباب، من قلة فرص الشغل، ومن ضعف الرعاية الصحية والسكن ومرافق الترفيه، إضافة إلى غياب البنية التحتية.
ورغم التحديات الكثيرة التي تواجهها إفريقيا، يرى الگراوي أنّ بإمكانها أن تحقق نهضة تنموية كبيرة وإقلاعا اقتصاديا كبيرا، في حال نجحتْ في حال الاستغلال الأمثل للثروات الهائلة التي تتوفر عليها، سواء المادية منها أو غير المادية.
وأشار المتحدث في هذا السياق إلى أن إفريقيا ستصير، في سنة 2050، على رأس قائمة المصدّرين لعدد من المنتجات المعدنية، إذ سيصبح المغرب المصدِّرَ الوحيد للفوسفاط، بسبب نفاذ مخزون الصين والسعودية والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية من هذا المعدن.
الگراوي أكّد أن القارة الإفريقية لا يجب أن تركز فقط على ما يختزنه باطن أرضها وبحرها من ثروات طبيعية، لتحقيق التنمية المنشودة، بل يجب أن تستغل ثرواتها غير المادية أيضا، لافتا إلى أنّ الفن والثقافة والتراث لا تقتصر أدوارها فقط على إضفاء قيمة مضافة على الميزات التي تسم إفريقيا، بل بإمكانها أن تلعب دورا في توفير فرص جديدة للاستثمار، وتوفير الشغل، خاصة بالنسبة للشباب والنساء.
عن موقع: فاس نيوز ميديا