الأكرمين : في انتظار خروج الهندسة الجديدة للمهرجان “البديل” بمكناس

محسن الأكرمين.

 

هندسة مهرجان بمعايير التنافسية التفضيلية لن تكون عبر أماني “الاشتغال على تصور”*، وتغليب التفاؤل “أكثر من 80%جاهز”* دون تجريب على أرضية ملعب الأداء وقياس واقع الإكراه. صناعة مهرجان جديد بمكناس لن يكون عبر حسابات أحادية يمكن ألا تستند إلى مؤشرات توصيف أداء الجودة  ونوعية الإبداع. مكناس تفكر في مهرجان (بديل) هو تصريح لرئيس مجلس الجماعة أثناء دورة فبراير 2020. مهرجان جديدة “من طرف بعض فضلاء أبناء مكناس”*، هو توقع يمكن أن نصفه بالدفع إلى الأمام للتغيير وإيجاد صيغة لمهرجان يحمل التفرد ويسوق المدينة بمعالمها التاريخية والبيئية، وتكون فيه مكناس تعيش نشوة الربح برمتها. حين نخلخل التساؤلات بمكناس عن قيمة المهرجانات التراكمية وأدوارها في مجال السياحة والثقافة والفن وتحريك عجلة الاقتصاد، فإننا نحصل على مجموعة الآراء تصوب اللوم والسهام الثاقبة على جل مكونات المهرجانات المتناسلة بدون عوائد نفعية، نقف عند من يستحسن “التلفة” لتحديد علامة مكناس الحصرية ويصفها بالفوضى الخلاقة التي ممكن أن تؤتي أكلها لاحقا بمهرجان “بديل”، نتوصل أن مكناس ألفت مواسم الأنشطة و أخذ الصورة الباسمة التي لا تسمن نفعا، تأكدنا أن هنالك فئة تدفع إلى صناعة البديل الرزين عبر خلق علامة مهرجان (جديد) تكون له القوة التنافسية والجاذبية التفاعلية “الاشتغال على تصور، عرض علينا… تم الاتفاق على الاسم والعنوان ديالوا … حتى على الأفكار… باقي شكون لي ها يقوم به؟ الجهة التي تقوم به…تنفكروا في الآلية…التي ستحمل المشروع…” *.

التفكير في آليات مهرجان بديل يحمل صيغة خلق الفرجة المندمجة داخل المدينة باستقطاب السائح، والمنعش المالي، والإعلام المروج للمدينة، والفن الكوني، والتنوع الفني والثقافي، وجعل مكناس في قلب حدث الوطن والعالم، لن يغنيه البتة من توجيه ملاحظات أولية بنقد بدايات بناء هيكلة المهرجان “البديل” دون إحداث دراسة تعمق البيان في الحاجيات الوظيفية للمهرجان، وبأفكار التنظيرية  الموضوعاتية، دون تحليل إخفاق ما سلف من تجارب مهرجانات بمكناس والبحث عن المسببات لأجل التطوير والاستفادة من فجوات ما سبق.

لن ننفك نكرر الدعوة إلى تصويب البنيات الثقافية بمكناس وإحداث (المسرح الكبير) ودور الثقافة والفن، لن ننفك ندعو إلى إنعاش مؤشرات المهرجان (البديل) بمتطلبات الساكنة والمدينة في أفق سنة (2030). نعم وللحكمة التاريخية، لن نقوم بجر الممحاة على منتوج “مهرجان مكناس” في نسخه الثلاثية، لن نبخس مجموعة من المهرجانات الفنية والسينمائية كليا، من قيمة أدائها ولو بالقلة القليلة، ولكنا كنا نؤكد أن هنالك خلل في التخطيط والاختيارات والتسويق، أن هنالك خلل في امتلاك مفتاح المهرجان بالأحادية وتدويره سنويا بنفس المواصفات والوجوه، أن هنالك سبق في صناعة مستهلك  متلقي ألف  سماع دقة “الطبل والغيطة”، وأن مكناس باتت توزع ثقافة أحلاف وأنصار المهرجانات (عندي عندك، وقضاء الحاجة…).

لن نستبق التفكير عما سيدبر شأن المهرجان الجديد؟ لن نفكر في قدرة أفكاره الفنية والثقافية وتفرده، لن نفكر في البنيات التحتية غير التسويقية للفن والثقافة بمكناس، بقدر ما سنفكر بمراجعة تقويمية لاحتياجات الساكنة والمدينة من مهرجان (بديل)، يجب أن يحمل بصمة جينية للمدينة (التراث اللامادي/ التراث اللامادي/ التنوع الفني والثقافي…)، نأمل بمهرجان ينمط معايير الجودة والتنافسية “استحضرنا الصويرة، استحضرنا مراكش، استحضرنا أكادير استحضرنا وجدة الرباط و كذلك فاس و طانطان…” *. قولنا، سنبعثر التفكير عن الفئات المستهدفة (الفنانين / المتلقي)من أنشطة المهرجان (البديل) على الصعيد المحلي والجهوي والوطني والدولي. سنتساءل عن كيفية تسويق مهرجان بأريحية ربح الأثر النفعي؟.

حقيقة التطوير لا مفر من الاعتماد عليه وخلخلة بنيته، فهل قمنا بتقويم سليم ودقيق لأثر مهرجانات مكناس المتراكمة؟ هل نفكر في مهرجان بمواصفات دولية أم بمواصفات محلية؟ هل تم تشخيص الوضعية الثقافية والفنية بمكناس؟ هل البنيات التحتية كفيلة بتحمل مهرجان بمواصفات دولية؟ هل نفكر في إنتاج مهرجان بديل بتفكير الأحادية والتخطيط، أم بتفكير الجمع ومعايير الاستدامة؟ متى يمكن توطين زمن المهرجان البديل؟ من يقوم بتحمل تدبير المهرجان الجديد (جمعية/ وكالة/ مؤسسة…)؟ هل نوايا الدعم والاحتضان كفيلة بإنجاح المهرجان البديل؟ هل مكناس في حاجة إلى مهرجان جديد؟ لما لا يتم تطوير مهرجان مكناس،أو مهرجان وليلي ب(الأفكار الحاضرة الآن)؟ هل منصات المهرجان “البديل” وسهراته الفنية تحمل بطاقة الأداء أم بالمجان؟.

هي أسئلة مختلفة حتى في حجم الردود عليها بالتبصر والاستفاضة، فلن نحسّن رأينا الإيجابي إلا من خلال توصيف دال وبمؤشرات مضبوطة عن (المهرجان البديل)، ويمكن أن يكون كذلك الرد على استفهام الأسئلة صادما من حيث غياب ترتيب الأولويات بالسبق والتنويع. هي أجوبة يمكن أن نختلف في أداء تحليل مصداقي لها، ولكن حقيقة تقتضي فتح مشاورات عن “الثقافة البديلة” بمكناس أولا، والبحث عن درجات طيعة بالنفعية والواقعية لأي مهرجان “بديل” من حيث سلم القيم / الكونية /الجمالية/ الانفتاح/ الحركة الاقتصادية / التسويق السياحي/ الحركة التفاعلية مع محطاته الفنية و التواصلية/  مأسسة الثقافة النظيفة والفن الرزين.

* مقتطفات من مداخلة رئيس جماعة مكناس خلال الدورة العادية 6 فبراير 2020.

عن موقع : فاس نيوز ميديا