خالد بوبكري
في الوقت الذي دعت فيه ثلاث أحزاب وطنية، وهي الإتحاد الإشتراكي، التقدم والإشتراكية، وحزب الإستقلال، إلى فتح نقاش بالفضاء العمومي، يهم البحث في الإصلاحات السياسية الممكنة، وإدخال تعديلات على المنظومة الإنتخابية برمتها، كمتنفس للواقع السياسي الذي تعيشه بلادنا، كنا ننتظر حوارا وجدلا قانونيا ودستوريا وسياسيا بين الفرقاء السياسيين ونخب المجتمع والقائمين على تدبير الشأن العام مركزيا وترابيا.
لكن الذي حدث أنه تم صناعة أحداث ووقائع للتغطية عن هذا النقاش الآني المرتبط بالإستحقاقات الإنتخابية والسياسية المقبلة، وتم إخراج أشخاص من حاوية القمامة، للقيام بمهمة le sale boulot، او بالتحدبد الأعمال القدرة، بحيث يبدو أن الدور الذي أنيط بهم في هذه المرحلة، هو إعادة كرة المطالبة بالإصلاحات السياسية والإنتخابية، إلى مرمى الأحزاب وتعليق مشجب واقع المغرب السياسي في عنقها.
مناسبة هذا الكلام، هو تكليف سيدة مغمورة “على قد الحال” شكلا ومضمونا وتكوينا، وتحمل إسما ثلاثيا غريبا، للقيام بأعمال القدارة بالفضاء السياسي، وكانت البداية بمهاجمة الحداثين والعلمانيين وإنتقلت في ظرف وجيز لقيادة الأحزاب والوزراء ومدراء المؤسسات العمومية…
السيدة التي نزعت حجابها، بعد أن نشرت لها صورا “خليعة” في الفضاء الأزرق، وهي تمارس أعمال القدارة في منزل رجل ما، كلفت مؤخرا ب”التعربيد”، على عزيز أخنوش زعيم حزب الحمامة، وهي بالمناسبة حرة في قول ما تشاء، لكن أن تصل بها الجرأة بالإدعاء في قلب مؤتمر حزب البام ، أنها تساند وهبي على حساب منافسيه، وأنها حاضرة للمؤتمر بدعوة خاصة من جهة خاصة، وأنها جاءت للتغيير داخل حزب الأصالة والمعاصرة، مع أنها ليست عضوا أو مؤتمرة به، فهذا هو العجب العجاب الذي سبق وأن تحدث عنه سعد الدين العثماني رئيس الحكومة.
وإذا كانت أعمال قدارة تلك المضيفة، مقبولة إلى حد ما في أحزاب معينة، فأعتقد أنها ستصبح ضربا من اللغو مع حزب الإتحاد الإشتراكي، الذي أختير لها أن تستعرض مفاتنها ومساحقها وأبواقها على أبوابه، وتفتي في شؤونه الداخلية، وتعين فلان على رأسه، وتقيل فلان، بشكل مستفز لنساء ورجالاته وشبابه.
فالإتحاد الذي أعرف خباياه وتاريخه وواقعه ونسائه ورجالاته، أجزم انه لن يكون متسامح مع مثل هذه السلوكات ولو وصل الصراع بين تياراته وقياداته لسدرة المنتهى، فلو وقع أن دخلت تلك الإنسانة لمؤتمر الاتحاد الاشتراكي، فصدقوني لن تخرج إلا وهي تطلب السلامة والنجاة، وأشياء اخرى لا يعلمها إلا الله.
فالثابت والمتعارق عليه في بلادنا، أن الرسائل بين المؤسسات والفاعلين في المجال السياسي، كانت إما مشفرة عبر خطابات أو تصريحات أو بلاغات، أو مباشرة من خلال الرسائل والمذكرات، أو وسيط غالبا ما يتسم بالحكمة والرزانة وله وزنه ومكانته الخاصة.
ووفق هذا التوجه، لم نكن نتوقع أن يتم جلب وجوه مغمورة تعيش في الفضاء الأزرق، وتسند لها مهمة “le sale boulot”، لتميع ما يمكن تميعه، لأن مثل هذه السلوكات يعرف الجميع أنها لن تساهم إلا في الدفع نحو إبتعاد الاجيال الحالية والمستقبلية عن السياسة، وإفراغ الأحزاب من محتواها، وبالتالي إنهيار الوسائط الإجتماعية، ما ينتج عنه وضع المجتمع وجها لوجه مع مؤسسات لها مكانتها الخاصة.
وهكذا فالسؤال الذي نطرح ولا ننتظر له إجابة، مرتبط بمن يكلف هذه السمراء بأعمال “le sale boulot”؟ ولماذا؟ وماذا سيجني الوطن من مثل هذه الأعمال؟ وهل إنتهت كل الحلول وصار اللعب ب”الدراري” الصغار هو الحل؟
عن موقع : فاس نيوز ميديا