النص الكامل لرئيس جامعة مكناس بمناسبة اللقاء الأول الموسع حول نظام البكالوريوس

كلمة رئيس جامعة مولاي إسماعيل بمناسبة اللقاء الأول الموسع حول نظام البكالوريوس الجمعة 21 فبراير 2020

والصلاة و السلام على أشرف المرسلين

السيدة مديرة الميزانية والشؤون العامة وممثلة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، قطاع التعليم العالي والبحث العلمي

نائب الرئيس المكلف بالشؤون الأكاديمية والتنمية الجامعية،

السادة رؤساء  المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح ونوابهم المكلفون بالشؤون البيداغوجية،

السيدات والسادة أعضاء لجنة الشؤون الأكاديمية المنبثقة عن مجلس الجامعة،

السيدات والسادة منسقو لجن الشؤون البيداغوجية المنبثقة عن مجالس المؤسسات،

السيدات والسادة رؤساء  الشعب بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح،

السيدات والسادة منسقو مسالك الدراسات الأساسية في المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح،

السيدات والسادة أعضاء من مجالس الشعب من نفس المؤسسات،

السادة الكتاب الجهويين لنقابات الأساتذة الباحثين،

السيدات والسادة اطر وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، قطاع التعليم العالي والبحث العلمي

السيد ممثل طلبة سلك الإجازة في مجلس الجامعة،

السيدات والسادة ممثلو وسائل الإعلام

أيها الحضور الكريم

في البداية اود ان أتقدم إليكم جميعا بشكري الخالص على تلبية الدعوة وعلى كل  المجهودات القيمة التي تقومون بها كل حسب موقعه. والتي مكنت جامعتنا من اكتساب إشعاع إيجابي ان على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي بحيث أضحت جامعة مولاي إسماعيل تحضى باحترام وتقدير على جميع المستويات وذلك بسبب تضافر جهود كل مكوناتها.

بكل هذه التضحيات، أصبحت جامعتنا تحتل مراتب متقدمة في ميادين الشؤون الأكاديمية، والبحث العلمي والعلاقات الدولية.  فلكم مني جزيل الشكر والتقدير.

حضرات السيدات و السادة،

تشكل منظومة التربية و التكوين والبحث العلمي قاطرة حقيقية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية ببلادنا، و اعتبارا لذلك حظيت هذه المنظومة بعناية مولوية خاصة في مجموعة من الخطب الملكية وفي مناسبات متعددة، حيث يقول صاحب الجلالة في ذكرى ثورة الملك و الشعب سنة 2012 :

» وهذا يحيلنا على المنظومة التربوية، وقدرتها على تكوين الأجيال الصاعدة، وإعدادها للإندماج الكامل في المسار التنموي الديموقراطي، لذلك يتعين الانكباب الجاد على هذه المنظومة التي نضعها في صدارة الأسبقيات الوطنية « .

ونظرا لأهمية قطاع التعليم العالي واستراتيجيته داخل هذه المنظومة فقد شهد هذا القطاع إصلاحات جذرية متتالية في الألفية الثالثة، ولا سيما بعد الإصلاح البيداغوجي لسنة 2003، والمخطط الاستعجالي 2009-2012، و قد تم تتويج هذا المسلسل الإصلاحي بإصدار قانون-إطار خاص بالمنظومة التعليمية رقم 17-51 يحدد المبادئ الضابطة الموجهة لمنظومة التربية و التكوين ببلادنا، وفي هذا السياق يأتي نظام البكالوريوس الذي جاء ليعوض نظام الإجازة، وهو نظام يختلف كثيرا عن النظام المعمول به حاليا لاسيما على مستوى الهندسة البيداغوجية ووحداتها التكوينية وآليات التقويم المعتمدة.

حضرات السيدات و السادة،

إن المقاربة الإصلاحية لنظامنا التعليمي، يجب أن تنطلق أساسا من المكتسبات والإنجازات التي تعكسها النتائج الإيجابية لنظام التعليم العالي و أثرها في تطوير المعرفة و تنمية الإقتصاد، وذلك من خلال المؤشرات الرقمية و النوعية للنسبة الخام للتمدرس بالتعليم العالي، وارتفاع عدد المؤسسات الجامعية، وتزايد ميزانية التعليم العالي، وتطور المسالك المهنية بالجامعة وغير ذلك من الإنجازات المسجلة.

وبالمقابل يجب أن تستهدف هذه المقاربة الإصلاحية البؤر الإشكالية لنظام التعليم العالي واختلالاته، وفي هذا السياق يقول صاحب الجلالة في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الستين لثورة الملك والشعب  2013 :

»إن الوضع الراهن لقطاع التربية و التكوين، يقتضي إجراء وقفة موضوعية مع الذات لتقييم المنجزات، وتحديد مكامن الضعف والإختلالات… «

وبالرجوع إلى واقع قطاع التعليم العالي ببلادنا، يلاحظ مجموعة من الأعطاب النوعية، حيث عجزت هذه المنظومة عن مسايرة التطور الحقيقي في مجالات التدريس و البحث، حيث ظلت حبيسة الإستجابة لمتطلبات التزايد العددي للطلبة دون أن تتمكن من بلوغ مستوى الجودة المطلوبة ولاسيما فيما يخص التأطير الجيد والمتابعة الدقيقة والإنتاج العلمي المحكم الذي يعتبر من أهم معايير تصنيف الجامعات في العالم.

هذا، ويكشف التشخيص الموضوعي لهذا القطاع عن إكراهات متعددة أهمها الضغط المتزايد على التعليم العالي الجامعي يطبعه شرخ لغوي بين المستوى الثانوي و التعليم العالي، وضعف المستوى المعرفي، ناهيك عن غياب نظام ناجع للتوجيه.

بالإضافة إلى ذلك، لم يستطع النظام الحالي توفير تكوينات للطلبة في الكفايات الأفقية المتعلقة بالمهارات الحياتية و الذاتية، وعدم القدرة على تحديد الحاجيات وتعبئة الشركاء للمساهمة في بلورة وتأطير التكوينات المناسبة.

ولقد أفرز هذا الواقع المتردي – مجموعة من التأثيرات السلبية – منها ما هو مرتبط بضعف المردودية الداخلية للمنظومة ومن مؤشراته ارتفاع الهدر الجامعي بشكل جد مقلق، ومنها ما هو مرتبط بضعف المردودية الخارجية للمنظومة، ومن تمظهراتها عدم الملاءمة بين التكوين و التشغيل،وتقادم العديد من المسالك التي أصبحت بعيدة كل البعد عن متطلبات سوق الشغل.

حضرات السيدات و السادة،

إن الإطار العام لإرساء نظام البكالوريوس المرتقب يجد مرجعيته أساسا في البناء الدستوري للمملكة، حيث تنص المادة 31 على »ضرورة استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة… «  كما يجد مرجعيته من مقتضيات قانون الإطار الخاص بالمنظومة التعليمية رقم 17-51.

علاوة على اعتماده مجموعة من التوصيات الصادرة عن مجموعة من التقارير وخاصة المنجزة من طرف الجامعات، واجتماعات عدة لجان ضمت رؤساء الجامعات ورؤساء المؤسسات الجامعية وأساتذة من مختلف التخصصات.

حضرات السيدات و السادة،

إن الهدف من إرساء نظام البكالوريوس يتبلور من خلال مستويات رئيسية:

يتحدد المستوى الأول في الرفع من المردودية الداخلية خاصة بمؤسسات الولوج المفتوح، وذلك من خلال الحد من الهدر الجامعي والرفع من نسبة الإشهاد.

أما المستوى الثاني فيهدف إلى تحسين قابلية التشغيل وتطوير روح التنافسية لدى الطلبة من خلال تمكينهم من اللغات، ومن الكفايات الحياتية و الذاتية وتنمية الثقافة العامة لديهم.

هذا ويرنو المستوى الثالث إلى تحسين الحركية الدولية للطلبة عبر انفتاح منظومة التربية و التكوين على النماذج الدولية، واعتماد الدبلوم الأكثر تداولا بالعالم.

وأخيرا يهدف المستوى الرابع إلى تشجيع انفتاح واستقلالية الطلبة بجعلهم فاعلين في تعلماتهم وتحديد أهدافهم.

حضرات السيدات و السادة :

إن نظام الباكلوريوس يحبل بالعديد من المستجدات ذات الأهمية القصوى، والتي يمكن إجمالها في التالي:

أولا : اعتماد سنة تأسيسية، وإرساء نظام متطور للتوجيه و التنشيط.

ثانيا : إدماج الكفايات الحياتية و الذاتية بالهندسة البيداغوجية، و الرفع من فعالية التعلم و التمكن من اللغات الأجنبية وإدراج نظام الإشهاد.

ثالثا : تشجيع العمل الشخصي للطالب وتنمية وتعزيز قدراته الرقمية والإنفتاح على حقول معرفية أخرى.

رابعا : وضع نظام الأرصدة القياسية للحفاظ على المكتسبات.

حضرات السيدات و السادة :

إن تنزيل نظام الباكلوريوس المرتقب لا يمكن أن يكتب له النجاح إلا بتبني مقاربة تشاركية يساهم فيها كل المهتمين بالشأن البيداغوجي وعلى رأسهم رؤساء الشعب ومنسقي المسالك و السادة الأساتذة الأجلاء.

ويأتي هذا اللقاء الأول اليوم ضمن هذا السياق التشاركي، حيث سيتم اقتسام مجموعة من المبادئ الكبرى المؤطرة لهذا النظام، في أفق تعديله وتطويره.

نعم، إن لقاء اليوم يشكل محطة أولى و مناسبة سانحة لكل الفاعلين لتدارس معكم القضايا المطروحة، وتقديم الإقتراحات والبدائل، وإبداع الآليات القمينة للرفع من جودة هذا الإصلاح المرتقب. وسيلي ذلك تدارس هذا المشروع في المؤسسات الجامعية وبالخصوص داخل الشعب قصد إشراك كل الأساتذة في هذا المسلسل الإصلاحي.

وأملنا أن تتمخض هذه المقاربة التشاركية الهامة في كل محطاتها عن مخرجات في إطار إقتراحات وتعديلات وبدائل من شأنها تطعيم وإغناء هذا الورش الإصلاحي الهام.

وفقنا الله لما فيه خدمة هذا البلد الأمين، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده.

عن موقع : فاس نيوز ميديا