باثولوجيا الإدمان الإلكتروني في صفوف المدرسة

كوثر فاتح أستاذة ثانوي تأهيلي حاصلة على دكتوراه في الفلسفة باحثة في قضايا أنثروبولوجيا التربية

الإدمان الالكتروني ظاهرة حديثة وليدة مجتمعات العصر الالي. هو نتيجة للطفرة التكنولوجية الرقمية وتحول التقنية من بارديجم الاستعمال الى باثولوجيا الاستلاب. وان اختلفت التسميات بين ادمان الكتروني، ادمان الانترنت، ادمان رقمي او ادمان الهواتف …فإنها تلتقي جميعا في كون جهاز رقمي ما هو موضوع هذا الإدمان. وفي غياب تمييز ابستيمولوجي صريح يمكن الحديث اجمالا عن ادمان الكتروني بالمطلق. وان كان أبرز تمظهر لهذا الإدمان يتمثل أساسا في ادمان الهواتف الذكية. ذلك ان الهواتف صارت ذكية فأصبحت تغني عن الحواسيب، الالواح الالكترونية وأجهزة العاب الفيديو. فنظرة عابرة في شوارع الحي، جنبات المقاهي، اسوار المدارس وحتى داخل غرف النوم تكفي للوقوف عند الحضور المبالغ فيه للهواتف الذكية في يومي الافراد ومعيشهم.
فكيف تحول استعمالنا لجهاز اريد به التواصل الى مسؤول أساسي عن غياب التواصل مع العالم الواقعي؟
كيف اخترق الإدمان الالكتروني الفصول الدراسية وساهم في الهشاشة المعرفية وضعف التركيز بل وحتى الهدر المدرسي؟
هل من استراتيجيات بيداغوجية ونفسية لمواجهة هذا الإدمان في صفوف المراهقين؟
امبريقيا، من الصعب التمييز بين استعمال مفرط وحالة ادمان. لكن متى تحول هذا الاستعمال المبالغ فيه الى حالة استلاب ذهنية، نفسية وسلوكية يمكن تشخيص سلوك –ادمان conduite addictive.وعليه لا يمكن الحديث عن الإدمان الا في حالة ظهور عوارض سلبية على الحياة اليومية للفرد.

لتقديم تعريف شامل للإدمان يمكن الانطلاق من قراءة مختصة للطبيب النفسي الامريكي Aviel Goodman الذي يذهب الى اعتبار الإدمان »: صيرورة فعل يولد شعورا باللذة او يحد من حالة لا ارتياح .يتمثل أساسا في فعل متكرر دون القدرة على التحكم فيه ، الاستمرار في نفس الفعل رغم ما يترتب عنه نتائج عكسية واضحة « . Goodman.1990)) .ليكون الإدمان دينامية تكرار لفعل غير متحكم فيه تتولد عنه السعادة كما الإحباط .ويأخذ هذا الإدمان اربع تمظهرات أساسية :
-عدم القدرة عن الامتناع عن الفعل.
-تنامي التوتر قبل القيام بالفعل.
-حالة الاشباع عند القيام بالفعل.
-عدم القدرة على التحكم في الفعل.

الى جانب هذا يربط الإدمان بين ذات مدمنة، موضوع ادمان وفعل ادمان. ويفترض هذا الثالوث تداخلات نفسية، استعدادات بيولوجية، تمظهرات وظيفية وسلوكية. اي ان الإدمان يستدعي فعلا مرغوبا فيه محفزا ونتائج للفعل تنعكس بالأساس على ذات المدمن من خلال تزايد شعوره بالنشوة والاشباع. وهذا ما يجيز مناولة الإدمان من الزاوية السيكولوجية. وان كان لابد من التأكيد ان نتائج الإدمان تمتد للحقل الاجتماعي أيضا.

يمكننا أيضا ان نستحضر تقرير DSM-5، الذي وضعته الجمعية الامريكية لعلم النفسAPA سنة 2013 والذي يعد مرجعا أساسيا في تصنيفات طب الإدمان. يعرف هذا التقرير الإدمان بوصفه: استعمالا غير ملائم لمنتج من شأنه أن يؤدي إلى سوء استعمال أو إلى معاناة واضحة سريريا، تتمثل في ظهور اثنين على الأقل من الأعراض التالية، في مرحلة تمتد إلى اثنا عشر شهرا :

1-استعمال مطول للمنتج بكميات كبيرة على فترات زمنية طويلة.
2-رغبة ومحاولة للتحكم في الاستعمال.
3-مدة أطول للاستعمال.
4-حالة Craving ، وهو مفهوم سيكولوجي أنجلو-ساكسوني يمكن ترجمته بالرغبة الملحة في استعمال منتج ما.
5-استعمال متكرر يجعل الشخص مقصرا في واجباته الأخرى بالبيت، العمل أو المدرسة.
6-نتائج عكسية على العلاقات الاجتماعية والمهنية.
7-زيادة الانعزال الاجتماعي.
8-استعمال متكرر للمنتج في وضعيات خطرة.
9-رغم معرفة ما يخلفه من أضرار، إلا أن المدمن يستمر في حالة تعاطيه المبالغ فيها.
10-استعمال متزايد حتى الشعور بالإشباع.
11- حالة sevrage؛ أي العوارض العصبية ،النفسية والاجتماعية المرتبطة بالإقلاع عن تعاطي المنتج.

هذه المعايير التشخيصية الاحدى عشر لقياس الإدمان ليست موضوع اجماع نهائي من قبل المشتغلين بالحقل السيكولوجي في طب الإدمان، لذا فهذا التقرير موضوع مراجعات متعددة ولكنه يظل الى حدود الساعة المرجع الأساسي. أضف الى ذلك ان الإدمان الالكتروني غير معترف به اكلينيكيا في هذا التقرير الدولي كحالة باثولوجية الى جانب ادمان المخدرات، المشروبات الكحولية، العاب القمار والعاب الفيديو. وحتى تقرير منظمة الصحة العالمية11 –CIM سنة 2019 لا يدخل الإدمان الإلكتروني في التصنيفات المرضية.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا تغييب الإدمان الالكتروني في قائمة الاضطرابات النفسية؟ هل لقصور في قياس المرض امبريقيا؟ ام لاعتبارات اكلينيكية؟ ام لطابعه الجديد؟ هل اقصاؤه من الدراسة النفسية يحشره في زاوية الباثولوجيا السوسيولوجية؟
ليطرح موضوع الإدمان الالكتروني إشكالات التشخيص الاكلينيكي والتتبع العلاجي. لكن غياب الإدمان الالكتروني في التقارير المختصة لا يلغي الاعتراف به كحالة مرضية. ولعل هذا التردد الابستيمولوجي سيتم تداركه لاحقا. وان كانت اخر طبعة من DSM-5 سنة 2018 قد احتفظت بنفس المعايير والتصنيفات.

في سياق اخر، الطبيب النفسي الامريكي Ivan.Kenneth.Goldberg من أوائل من أشاروا الى اضطراب استعمال الانترنت Internet Addiction Disorderسنة 1995 محذرا من الاقبال المفرط على غرف “الشات” والعاب الفيديو.وهذا الادمان اليوم موضوع مقاربات طبية سيكولوجية واجتماعية متعددة خاصة في السنين الأخيرة. فنحن في واقع الامر امام ظاهرة سيكولوجية فتية تتجاوز العشرين سنة بقليل. ولعل هذا ما يبرر هذا الجدال المعرفي.

ومن ابرز الدراسات في حقل الإدمان الالكتروني تلك الدراسةالمعنونة ب Prävalenz der Internetabhängigkeit التي أجريت في جامعتي Lübeck وكلية الطب Greifswald و مؤسسات أخرى تابعة لها بألمانيا سنة 2011 بطلب من وزارة الصحة الفيديرالية. اجريت الدراسة على عينة عشوائيةمن 15024المانيا تتراوح أعمارهم بين 14 و64 سنة. عبر استجواب هاتفي طلب من المشاركين الإجابة عن مجموعة من الأسئلة التشخيصية. توصلت هذه الدراسة الألمانية بداية الى تراجع مؤشرات الإدمان الالكتروني مع التقدم في العمر. من جهة ثانية اختلفت مواضيع الإدمان بين المراهقة وسن الرشد. فاذا كان ادمان المراهقين على العاب الفيديو ومواقع التواصل أكبر فان ادمان البالغين على العاب الحظ واضح أكثر. في شق اخر اكدت الدراسة من زاوية النوع هذه المرة ان الاناث أكثر ادمانا على مواقع التواصل الاجتماعي في حين ان الذكور أكثر لجوءا الى العاب الفيديو. كما اكدت الدراسة على ان هذا الإدمان تترتب عنه عوارض نفسية وجسدية ملحوظة من قبيل قلة الحركة، غياب إدراك الوقت، انخفاض ساعات النوم، سوء تغذية، انعزال اجتماعي، تغيب عن العمل، تغيب عن الدراسة، اكتئاب ……. خلصت الدراسة الى ان المدمنين يقضون في المتوسط 4 ساعات على الانترنت.

يتضح اذن ان الإدمان الالكتروني الى جانب كونه ادمانا سلوكياcomportemental فهو أيضا ادمان ذهني cognitif ، طالما انه يستدعي مثيرات الإرادة في الفعل او الامتناع عنه.
في حالة الإدمان الإلكتروني يأخذ الإدمان ابعادا أكثر تعقيدا. هو من ناحية أولى ادمان على مجموعة تقنيات، تطبيقات وتوليفات الكترونية تعزز التواصل مع الاقران والاشباه من جهة وتوفر هوامش حرية افتراضية تتعدى اشراطات الواقع والممكن. اي انه ادمان يفتح للشخص باب الاندماج في الحشد دون تمييز لضوابط الاخلاق او الرقابة الاجتماعية. ويسمح أيضا بإمكانات هائلة للتواصل، التخاطب، التعبير، التعلم، الترفيه واللعب. الى جانب ولوجية مباحة للمعرفة. انه ادمان غير محظورو غير مذنب اجتماعيا.
فكيف يقاوم متعلمونا اغواء هواتفهم؟

الاستعمال المبالغ فيه للهواتف الذكية يطرح إشكاليات متعددة على مستوى الممارسة التعليمية. المدرس اليوم يجد نفسه امام متعلمين مستلبين الكترونيا خاصة في مستويات المرحلتين الإعدادية والتأهيلية. فمتعلمو جيل الأصابع لا تفارقهم هواتفهم.
في غياب دراسة طولية ومحلية عن الإدمان الإلكتروني في صفوف التلاميذ، قمنا بتجربة فصلية مع المتعلمين لقياس مدى قدرتهم على الاستغناء عن هواتفهم وذلك في إطار أنشطة النوادي التربوية. مدة التجربة أسبوع كامل دون استعمال لأي جهاز الكتروني.

شملت التجربة عينة قصدية من تلاميذ الثانوي التأهيلي تتراوح أعمارهم بين 16 و20سنة.32 من الذكور مقابل 17 من الاناث. اغلب المشاركين صرحوا بانهم يستعملون هواتفهم لأكثر من 4 ساعات في اليوم. تلميذة مشاركة عجزت عن اكمال التجربة في مدتها متوسلة بانها لم تنم لثلاث ليال متتالية وان أمها طالبتها بالتوقف عن التجربة لأنها صارت مزعجة ومزاجية، في حين ان هاتفها يجعلها هادئة ومطيعة طالما انها تقضي يومها صامتة امام شاشة هاتفها، محشورة في ركن من البيت. كل المشاركين أقروا باستعمالهم المطول للهاتف خاصة ليلا فأدنى ساعات نومهم هي 12 ليلا واقصاها الرابعة صباحا.
الذكور يستعملون هاتفهم للألعاب الالكترونية خاصة لعبة free fire ولتطبيق الواتساب. الاناث اكثر اقبالا على الواتساب و الفيسبوك.

في معرض اجابتهم عن شعورهم لحظة اخدهم قرار المشاركة وتخليهم عن هواتفهم صرحت تلميذة انها احست كما لو انتزع منها جزء من جسدها. اخرون عبروا عن شعورهم بالفراغ. تلميذ اخر من مدمني لعبة free fireصرح بانه طالما انتظر هذه اللحظة لكنه كان عاجزا عن القيام بها لوحده.

عبر كل المشاركين عن عجزهم عن نوم متواصل وهادئ في الليلة الأولى للتجربة وعن حالة توتر وانفعالية زائدة طيلة اليومين الاولين .30 ٪ من المشاركين أحسوا بالآلام في الراس. خفت العوارض تدريجيا بشكل كبير بداية من اليوم الثالث. استطاع المشاركون قضاء ليال هادئة وتحولت ساعات نومهم الى 11 مساءا كحد اقصى واستيقظوا جميعا باكرا بنشاط وحيوية. اصبحت قدرتهم على التركيز أكبر في حصص الدرس.

لتعويض غياب هاتفهم لجأوا الى ممارسة الرياضة، مشاهدة التلفاز، الجلوس مع الاهل، زيارة الأقارب، الجلوس في مقاهي، القيام بأعمال منزلية، قراءة كتب …والاهم انجاز فروضهم الدراسية. خلال التجربة لم يتغيب أي من المشاركين عن الحصة الدراسية الأولى على الساعة 8.30 رغم ان اغلبهم كان يحضر الى المدرسة بعد العاشرة او يتغيب في حصص الصباح. و حتى من كان يحضر كان خاملا مشتتا التفكير، تبدو اثار السهر فاضحة على وجهه.

كل المتعلمين أكدوا ان اهتمامهم بدراستهم زاد خلال هذه الفترة في غياب وسائل التشتيت التي تنتج عن استعمال هواتفهم.
عن موقف أهلهم، اعترف كل المشاركين باستحسان أهلهم لهذه التجربة ودعوتهم لاستمرارها فترة أطول.
وفي سؤالهم عن مدى استعدادهم للعودة الى التجربة فترة أطول تفوق الشهر دفع 40 ٪ من المشاركين باستعدادهم اللامشروط لهذا الامر. 6تلاميذ أكدوا بالفعل اتخادهم لقرار التخلي عن هواتفهم طيلة السنة الدراسية والاكتفاء باستعمالها في العطل. مقابل تلميذ واحد عبر عن ان التجربة لم تغير فيه شيئا وانه عاد الى نفس نمط الاستعمال المفرط بمجرد استرجاع هاتفه. في استجواب لاحق صرح ٪ 80 من المشاركين عن تراجع واضح في ساعات استعمالهم الليلية لهواتفهم وتحولهم الى النوم الى 01 صباحا كحد اقصى.

ما اثار انتباهنا خلال هذه التجربة:
-اغلب المتعلمين يدركون استعمالهم الغير معقلن واللامسوؤل لهواتفهم.
-كلهم يدركون ان جل نشاطاتهم على الهاتف تافهة ولا قيمة معرفية لها.
-كل المتعلمين يرغبون في تغيير هذا السلوك لكنهم عاجزون دون مصاحبة.
-كلهم يلجؤون لهواتفهم لشعورهم بالملل ورغبتهم بالاطلاع على الجديد من اخبار رفاقهم من خلال مجموعات الواتساب الكثيرة التي ينتمون اليها والتي من خلالها يتحدون بعضهم البعض من سيسهر أكثر من غيره لساعات متأخرة من الصباح التالي.
-الاهل مدركون لهذا الخطر المحدق بأبنائهم لكنهم يكتفون بموقف المتفرج الغاضب والعاجز. في هذا الصدد اكدت تلميذة واحدة فقط ان والدها يلجا مع الساعة 10مساءا الى مصادرة كل هواتف البيت ويوقف الربط بشبكة الانترنت.
-تلميذة صرحت بانها كانت تعتقد ان حياتها مستحيلة دون هاتفها لكنها أدركت ان لا قيمة له وان حياتها أفضل دونه.
-تلميذ واحد فقط اقلع بشكل نهائي عن لعبة free fire.

ما تجدر الإشارة اليه ان هذه التجربة هي فقط مقاربة بيداغوجية لمشكلة تربوية نلتمسها كممارسين في حقل التعليم تتعلق بضعف التركيز وكثرة التغيبات الناجمة عن ادمان الهواتف، قلة النوم والسهر طويلا ليلا. اضافة الى هشاشة لغوية، املائية ومعرفية صارخة. وبكل تأكيد ضعف حافزية للتعلم. وعليه فان هذه الظاهرة لابد ان تشكل استعجالا في حقل أنثروبولوجيا التربية وسيكولوجيا الطفولة والمراهقة وحتى طب الادمان لما تفترضه من اثار عكسية على المستوى الادراكي، الانفعالي والمعرفي للتلاميذ.

ما يثيرنا بالأخص ذلك الموقف السلبي للأهل واكتفائهم بالشكوى في مجمل الأوقات وتحميلهم للمدرسة عبء تردي المستوى الدراسي وضعف التحصيل علما ان عملية التعلم دينامية مشتركة تجمع المدرسة بالأهل، بالمجتمع، بالسياسات التعليمية وبالمظاهر الثقافية السائدة. فاذا كانت المدارس توضح في قوانينها الداخلية منع استعمال الهواتف بين اسوار المدرسة فأية إجراءات يتخذها الإباء لتقنين هذا الاستعمال المفرط ولمراقبة ساعات نوم أبنائهم؟
نحن إذا امام حالة هدر بشري ومعرفي للمراهقين. وان كانت نسب الإدمان تنخفض قليلا جدا في المرحلة الجامعية كما استنتجت ذلك الدراسة الألمانية الا ان هذا لا يسمح بتدارك الفقر المعرفي وضعف التحصيل في المراحل التعليمية الدنيا. ليستمر هذا النزيف المعرفي منذرا بأجيال مستلبة الكترونبا فقيرة معرفيا.
فأية استراتيجيات بيداغوجية ونفسية للحد من هذا الاستلاب التقني؟
إلى أي حد نحن مستعدون كمدرسين لمواجهة باثولوجيا الإدمان الالكتروني؟
كيف يمكن استثمار هذا الإدمان في الرفع من جودة التعليم؟
متى سيتحمل الإباء مسؤوليتهم في ترشيد الاستعمال الالكتروني لهم ولأبنائهم؟
هل يفترض التقدم الرقمي بالضرورة حالة الإدمان الالكتروني؟

 

مراجع
-Aviel GOODMAN, Addiction : Definition and Implications, British Journal of Addiction n°85, 1990.
– Ivan.Kenneth.Goldberg. The New Yorker, January 13, 1997 P. 28 in https://www.newyorker.com/magazine/1997/01/13/just-click-no
– American Psychiatric Association, DSM-5 : diagnostic and statistical manual of mental disorders, 5e édition, Washington D.C. American Psychiatric Association, 2013 (ISBN 9780890425541)
-CIM-11. Classification internationale des maladies.ICD-11 en anglais . in https://icd.who.int/browse11/l-m/en

عن موقع : فاس نيوز ميديا