التدرب على كتابة الجمل الأمازيغية طريقك لإتقان اللغة
مبارك بلقاسم
يمكنك أن تفني عمرك بأكمله وأنت تلوم العروبيين والإسلاميين والإخوان والدولة والمخزن وجزر الواق الواق على الواقع الكارثي الذي توجد فيه اللغة الأمازيغية اليوم. ولكن هذا لن يفيدك ولن يفيد الأمازيغية في شيء.
ومن يتوهم بأن اللغة الأمازيغية غير قابلة للانقراض أو أنها تملك مناعة ما ضد الانقراض إنما هو جاهل يضحك على نفسه بالأوهام. فهو جاهل لأنه يجهل أن اللغة الأمازيغية انقرضت في 99% من تونس وفي 99% من موريتانيا وفي 90% من ليبيا وفي نصف مناطق المغرب ونصف مناطق الجزائر.
وانقراض اللغة الأمازيغية مستمر بسبب زحف العربية والفرنسية المكتوبتين وجمود الأمازيغية اللامكتوبة.
الأمازيغية لغة عادية كباقي اللغات. ليست لديها قوة خرافية ولا يحزنون. ليست لغة استثنائية ولا يحزنون.
اللغة الأمازيغية قابلة للانقراض ككل اللغات وقد انقرضت فعلا من الجزء الأكبر من شمال أفريقيا وحلت محلها عدة لغات، شفويا وكتابيا: العربية الفصحى، الدارجات، الفرنسية، الإسبانية…إلخ.
وفي مغرب الغرابة والغرائب في عز عام 2020 نجد أن المدارس الثانوية المغربية تدرس 6 لغات للطلبة المغاربة: الألمانية والإيطالية والإسبانية والإنجليزية والعربية والفرنسية، ولا تدرس اللغة الأمازيغية لهم إطلاقا.
واللغات الأوروبية (الألمانية والإيطالية والإسبانية والإنجليزية) التي تدرس للطلبة المغاربة في الثانويات لأول مرة تدرس لهم باستعمال الحرف اللاتيني فيستطيعون به تعلم تلك اللغات الجديدة بسرعة من الصفر.
وإذا سألت الأمازيغ عن هذا المشكل الغريب قالوا لك: يجب نشر حرف تيفيناغ أولا!
حرف تيفيناغ أصبح أهم من اللغة الأمازيغية!
عجيب حقا أمر المغرب والمغاربة والأمازيغ.
قديما كانت اللغة تنقرض بانقطاع أهلها عن الكلام بها وانتقالهم إلى الكلام بلغة أخرى. وكان هذا نادرا.
وحديثا تنقرض اللغة بانقطاع أهلها عن الكتابة بها وانتقالهم إلى الكتابة بلغة أخرى. وهذا شائع جدا إذا توفرت الحوافز المالية والسياسية والاجتماعية. والكتابي الآن أصبح هو المتحكم بالشفوي. ومع تراجع الطباعة الورقية جاءت الطباعة الإلكترونية الرخيصة والسريعة على الشاشات مما ضاعف تأثير الكتابي على الشفوي. ولأن الحضارة الحالية حضارة حرفية رقمية إنترنيتية سريعة تقوم على الكتابة على الشاشات والمنتوجات فإن الانقطاع عن كتابة اللغة الأمازيغية كتابة عملية وظيفية نافعة للناس يعني ببساطة: انقراض اللغة الأمازيغية.
في الحضارة الحالية: الكتابي يؤثر بقوة على الشفوي. اللغة المكتوبة تؤثر على اللغة الشفوية إلى أن تنقرض اللغة الشفوية وتحل محلها اللغة المكتوبة أو اللهجة المكتوبة.
وما نلاحظه اليوم في المغرب من تفرنس الشباب واستعراب الشباب (إقحامهم الكلمات الفرنسية والعربية الفصحى في كلامهم بلا مبرر سوى الاستعراض والتحذلق) إنما هو نتيجة طبيعية لغياب كتابة وطباعة اللغة الأم الأمازيغية والدارجة مع شيوع الفرنسية والعربية المكتوبتين بالمغرب. وإذا كان أغلب الناطقين بالدارجة يعتبرون الدارجة فرعا للعربية ولا يمانعون في إقحام الكلمات العربية الفصحى في الدارجة فإن إقحامهم الفرنسية في دارجتهم دليل على أن الكتابي يحكم الشفوي ولو تعلق الأمر بلغتين مختلفتين تماما.
فالمغربي حين يخلط بكثافة بين الدارجة والفرنسية في كلامه أو حين يخلط بين الأمازيغية والفرنسية أو بين الأمازيغية والإسبانية في كلامه فهو يقفز بين لغتين مختلفتين تماما ويتكلم حينئذ لغة كريولية creole هجينة أو لغة بيدجين pidgin هجينة أو يمارس code-switching (التناوب اللغوي). والسبب في ذلك هو شعوره بالعجز عن التعبير بلغته الأم (الشفوية اللامكتوبة) أو شعوره بضرورة استعراض مهاراته ومعرفته بكلمات اللغة الأجنبية المشهورة أمام أقرانه ليحترموه ولتتحسن بذلك مكانته الاجتماعية.
أما الكتابة الفولكلورية الرمزية “اللاوظيفية” و”اللانافعة” للغة الأم فلا محل لها من الإعراب ولا تصلح إلا للزينة والديكور الذي لا يعبأ به أحد تقريبا.
مشكلة المثقفين والمتعلمين الناطقين باللغة الأمازيغية اليوم هي أنهم لا يريدون أن يشمروا عن سواعدهم ويبدأوا في كتابة لغتهم الأمازيغية كتابة وظيفية انطلاقا من حياتهم اليومية العادية، بل ينتظرون الدولة والمعهد الفلاني والنخبة الفلانية والمجلس الفلاني أن يفعلوا ذلك لهم.
وحتى إذا كتب بعض الأمازيغ شيئا باللغة الأمازيغية فإنك تجده في الغالب شعرا غامضا أو أدبا تجريديا غامض المعنى لا يقرأه أحد تقريبا ولا تأثير له على أرض الواقع. يهربون من الواقع إلى التجريد. بينما الواقع هو الوجبة الرئيسية والمكان الطبيعي للغة. أما التجريد الأدبي والفني فهو ترف ثقافي لا يحتاجه المغرب ولا يحتاجه الشعب الأمازيغي الذي ما زال عالقا في ضغوطات الواقع ولا يتفهم الترف التجريدي.
إذا كنت تنتظر “الإيركام” أو “مجلس اللغات” أو الدولة المغربية أن يصنعوا لك لغة أمازيغية رائعة فصحى معيارية جميلة من النوع الممتاز فإنك تكذب على نفسك وتضحك على نفسك وتمني نفسك بالأوهام.
لن يصنعوا لك لغة أمازيغية جديدة رائعة فصحى لأنهم عاجزون عن ذلك. وقد رأينا عجزهم مرات ومرات.
فالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (الإيركام) عجز حتى عن ترجمة الدستور المغربي إلى اللغة الأمازيغية ترجمة صحيحة فجاءت ترجمته مليئة بالأغلاط اللغوية الفادحة لا تستحق نقطة 4 على 10. وفوق ذلك كله كتبها بحرف تيفيناغ (Neo-Tifinagh) الذي لا يقرأه أحد تقريبا بالمغرب.
الإيركام وغيره عاجزون عن أن يصنعوا لك تلك اللغة الأمازيغية الرائعة الفصحى التي تحلم بها لأن منطلقاتهم فاشلة ومسيسة منذ اليوم الأول من حيث الحرف ومن حيث المنهج ومن حيث الهدف.
وفكرة “الأمازيغية المعيار الفصحى” هي محاولة لتقليد “العربية الفصحى” المنفصلة عن اللهجات والعاميات العربية انفصالا متعمدا وممؤسسا بهدف ديني وسياسي. وهذا المشروع التأحيدي الإيركامي التيفيناغي اليعقوبي فاسد لا يصلح للأمازيغية لأنه يتناقض مع حالة اللغة الأمازيغية ولهجاتها الطبيعية الشعبية.
وإنما ما يناسب الأمازيغية هو لغة متعددة الأقطاب Pluricentric تجمع بين اللهجات الأمازيغية كلها ولا تبيدها ولا تهمشها. ونموذج اللغة المتعددة الأقطاب Pluricentric موجود في حالة اللغة الألمانية ذات اللهجات الشعبية المتعددة والمعايير الكتابية المتعددة داخل ألمانيا نفسها وأيضا بين ألمانيا والنمسا وسويسرا ولوكسمبورغ وبلجيكا.
والكتاب المدرسي الأمازيغي المغربي الوطني يجب أن يتضمن اللهجات كلها وأن يتم تدريسها للتلاميذ بشكل متدرج يبدأ بما هو محلي أولا حسب تقدير المعلم والأستاذ والمؤسسة الدراسية.
والفلسفة المناسبة للغة الأمازيغية هي: اللغة الأمازيغية هي مجموع لهجاتها.
وليست: اللغة الأمازيغية هي ما يقرره الإيركام ومجلس اللغات في مدينة الرباط!
اللغة الأمازيغية هي تلك التي تتكلمها أنت أيها المغربي في حياتك اليومية في البيت والشارع والعمل والمدرسة والمقهى والمطعم. فاكتب أمازيغيتك كما تنطقها أنت.
خذ دفترا جيبيا صغيرا “كارني” وقلما “ستيلو بيك” ودرب نفسك على كتابة الجمل الأمازيغية البسيطة التي تنطقها وتسمعها حولك في حياتك اليومية. أو خذ تليفونك الذكي Smartphone أو جهازك اللوحي Tablet واكتب عليه الجمل الأمازيغية البسيطة من حياتك اليومية. وانشر ذلك على الإنترنيت إن أردت.
ومع تدربك على كتابة الجمل الأمازيغية البسيطة من حياتك اليومية سوف تحس بنوع من اللياقة اللغوية Linguistic fitness تجعل قلمك أو أصبعك يزداد غزارة وخفة كل يوم وكل أسبوع في كتابة الجمل الأمازيغية. ثم بعد فترة تدريبية معينة سوف تحس أنك أصبحت قادرا على كتابة فقرات بأكملها بالأمازيغية.
وبعد أشهر من التدرب والتسلي بكتابة الجمل والفقرات باللغة الأمازيغية سوف تجد نفسك قادرا على كتابة مقالات أو نصوص أو رسائل إيميل أو رسائل ورقية باللغة الأمازيغية.
فالجملة البسيطة هي اللبنة الأولى لأي إيميل أو ميساج أو مقال أو كتاب أو فيلم سينمائي أو برنامج وثائقي.
إذا كنت قادرا على كتابة جملة أمازيغية بسيطة. فأنت قادر على كتابة مقال أو كتاب أو فيلم سينمائي.
أما أن تنتظر المعهد الفلاني أو الهيئة الفلانية أو المجلس الفلاني أو الدولة الفلانية ليكتبوا لك الأمازيغية الرائعة الجميلة التي تتخيلها في خيالاتك وأحلامك فأنت تطعم نفسك الوهم. ودهاقنة المعهد والهيئة والمجلس والدولة يراهنون على استمرار إيمانك بالوهم ليبقوا في السلطة والمناصب الريعية يبيعون لك الوهم.
اللغة الأمازيغية تحتاج كثيرا من الأشياء: تحتاج الترسيم الدستوري الحقيقي (وليس الترسيم الدستوري الحالي المشوه)، وتحتاج منهجا تعليميا جديدا، وتحتاج الحرف اللاتيني، وتحتاج أشياء أخرى.
ولكن الأهم من ذلك كله هو أن اللغة الأمازيغية تحتاج إلى أن يقوم أهلها المثقفون والمتعلمون والشباب بكتابتها في حياتهم اليومية وإلا فالترسيم الدستوري والتدريس للأطفال والشباب والترسيم الإداري مجرد إجراءات شكلية مفرغة من المحتوى وطقوس شكلية لتسجيل موقف رمزي.
ما هي هذه الجمل الأمازيغية البسيطة اليومية التي يمكنك أن تكتبها وتتمرن بها على كتابة اللغة الأمازيغية وتنشرها دون أن تنتظر إذنا من الإيركام أو من مجلس اللغات أو من الدولة؟
ها هي أمثلة منها:
– في البيت:
Nec lloẓeɣ = أنا جعت (أنا جائع / أنا جائعة).
Nec djoẓeɣ = أنا جعت (أنا جائع / أنا جائعة).
?Mani yella weɣrum = أين الخبز؟
?Mani yedja weɣrum = أين الخبز؟
?Yus-dd baba-c = (هل) جاء أبوك؟
Yemma teffeɣ = أمي خرجت.
Nec ffudeɣ = أنا عطشت (أنا عطشان / أنا عطشانة).
Ad ssenʷeɣ aksum = سوف أطبخ اللحم.
!Egg ayi-dd ad cceɣ = دير ليا ناكل! / ديري ليا ناكل!
!Seɣ-dd aɣrum ed yiselman = اشتر (لنا) الخبز والسمك!
!Awey-dd mayen d-ac nniɣ = جيب لّهنا شنو قلت ليك!
?Yuwey-dd manayenni = (هل) جَلَبَ ذلك؟
!Egg mayen d-ac nniɣ = اِفعلْ ما قلته لك!
!Sker ma d-am nniɣ = افعلي ما قلته لكِ!
– في المدرسة:
!Ɣeṛ-dd ssa = اِقرأ من هنا! / اِقرإي من هنا!
!Segged tira nnec = قوِّمْ كتابتكَ! (لا تعوج كتابتك!)
!Segged tira nnem = قوِّمي كتابتكِ!
ijjen rni ijjen yudga sin = واحد زائد واحد يساوي اثنين.
yan rni yan yugda sin = واحد زائد واحد يساوي اثنين.
Karim yuyur ɣer uɣerbaz = ذهب كريم إلى المدرسة.
Wa d-Karim = هذا كريم.
Ta d-Meryem = هذه مريم.
Maziɣ d-ameddukel en Maksen = مازيغ هو صديق ماكسن.
Yura usalmad ɣef tifilt = كتب المعلم على السبورة.
– في المدينة:
?Wi ilan taddart a = من يملك هذا المنزل؟
?Wi iřan taddart a = من يملك هذا المنزل؟
Tamurt a en Muḥemmed = هذه الأرض لمحمد.
Xsen ad ggen abrid da = بغاو يديرو طّريق هنايا.
Ran ad sekren aɣaras ɣid = بغاو يعملو طّريق هنا.
!Suydat aneɣ abrid = سرّحوا لينا طّريق! (سوّوا لنا الطريق!).
Yezzenz as tamurt nni = باع له تلك الأرض.
Uma-s izeddeɣ di Wejda = أخوه يسكن في وجدة.
Tamurt en Meṣṭafa temmenz = أرض مصطفى بيعت.
Bḍan idrimen nni jar-asen = قسموا تلك الأموال بينهم.
!Wer ttadef jar yiccer ed weksum = ما تدخلش بين ظّفر و لّحم!
Yenna asen wer dd-yeddikkʷil = قال لهم لن يرجع.
Wa d-abrid en tamara = هذا طريق المعاناة.
Aqemmum d-timessi ifassen d-arecti = الفم نار اليدان عجين.
Teẓrid wenni? Uzzlen-dd xaf-s = شفتي هاداك؟ جراو عليه.
Wenni d-awař en yiwdan waha = ذلك كلام الناس فقط.
Zedɣen dinni es waman ed tfawt = سكنو تمّا بلما و ضّو.
!Arr ayi-dd agřa inu = ردّ ليا رزقي! (أرجِعْ لي ثروتي!).
?Tennid as ad dd-yas = قلتي ليه يجي؟ (هل قلتَ له أن يأتي؟).
?Mayen yexs = شنو بغا؟ (ماذا يريد؟).
?Ma ran = شنو بغاو؟ (ماذا يريدون؟).
!Ewc as mayen yexs = عطي لو شنو بغا! (أعطِه ما أراد!).
!Efk as ma tra = عطي لها شتا بغات! (أعطِها ما أرادت!).
!Wer skerkas, ini tidett = لا تكذب، قل الحقيقة!
!Wer xaf-s ḍeṣṣa = ما تضحكش عليه! / ما تضحكيش عليها!
Wer ssineɣ mayen yettegg = لا أعرف ماذا يفعل.
Murakuc ad yirar aked Dzayer = المغرب سيلعب مع الجزائر.
هذه إذن أمثلة من جمل بسيطة يستطيع أي شخص متعلم ناطق بالأمازيغية أن يتمرن بها على كتابة اللغة الأمازيغية لكي يربي في نفسه مهارة الكتابة والتدوين باللغة الأمازيغية والتي يمكن له أن يطورها في أي اتجاه يعجبه: الكتابة الصحفية، النشاط السياسي، تأليف الأدب الشعبي (القصص الاجتماعية والبوليسية والخيال العلمي)، تدريس الأمازيغية لغير الناطقين بها، الكتابة السينمائية، الكتابة المسرحية، البرامج التلفزية، إنتاجات الفيديو، كتب وألعاب الأطفال، الترجمة، تطوير منتوجات تجارية بالأمازيغية…إلخ.
أما الاتكال والتوكل على الإيركام ومجلس اللغات والدولة والمخزن والنخب والأحزاب فقد أوصل اللغة الأمازيغية إلى الجدار الإسمنتي المعلوم.
المبادرة الفردية والجماعية التعاونية الإبداعية الحرة المستقلة هي ما سينقذ اللغة الأمازيغية وينفع المغرب.
عن موقع : فاس نيوز ميديا