من أحبه الله أحب لقائه، ولكن إذا غلقت المساجد واخليت الكعبة؟! فقدر المؤمن كله خير، والله لا يأتي إلا بخير، ربما أراد أن يُطهرنا من ذنوبنا، فالتسليم لأمر الله تعالى من ركائز الإسلام وثوابت الإيمان، ودلائل الإحسان، وصميم الايمان بعلم الله المحيط بكل شئ جملة وتفصيلًا، ماكان وما يكون وما سوف يكون.
قد يحتاج المؤمن لمزيد من الحكمة في إدارة مصابه الديني، وفي مواجهة الفتن، فاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً بل تشمل الجميع الصالح والطالح.
لكن من ُيسلم لله يسلم، ويَنَل خير الدنيا، وثواب الآخرة، وينعم بالرضا، والاطمئنان، ويستشعر السكينة والأمان.
لا أخفيكم سرًا أن “الواتس” على موبايلي، لا يغمض له جفن، ولا يتوقف عن استقبال الفيديوهات الساخرة المتنوعة، ومن جميع أنحاء العالم، بعدد لا نهائي من الفكاهات التي تحمل نوع من أنواع الكوميديا السوداء، والتي تصف الحال، بشيء من الاستهتار، الذي قد يُميت القلوب من كثرة الضحك، والاستخفاف بالأمور.
هذا فضلا عن التحليلات السياسية المتباينة، تارة بأنها خدعة صينية، ثم يُرد عليها بتحليل أخر أنها خدعة أمريكية والتي قامت بدورها بتلبيس “الطاقية” للضحية وهي “الصين”، وعدد غير محمود من المحلليين السياسين من كافة طوائف المجتمع الذين يظهرون فجأة في الأزمات، ولم نكن نعرفهم من قبل، وفيديو ملئ بالشحنات الكهربائية لطبيبة أمريكية ترتعد، شعرت وأنا أتابعها، أنني أريد أن أتصل بأقرب طبيب أمراض نفسية، وعصبية، ليقوم بعلاج توترها العصبي، وقد خرجت علينا لتنصحنا وتهدينا.
ثم يُرد عليها بكم هائل من الفيديوهات منها الساخر، ومنها المعارض، وينشغل الجميع وأولهم” أنا” بمتابعة “الواتس والفيس”، والمؤيد والمعارض لـ “إدارة الأزمة”، وفي ظل هذه الأحوال، وملك الموت يجوب ويقبض الأرواح في جميع أنحاء العالم ومن حولنا، وعن يمينا ويسارنا، فإذا تخيلنا أنه طاف وجاء إلينا، ونحن نسخر ونضحك ونتابع ونستجيب لتلك الفتن التي تظهر في أحلك الظروف، كيف تكون النهاية؟!
إذا اعتبرنا “كورونا” بالقياس” مثل “الطاعون” فما ورد عنه وفق رأي جمهور العلماء يمتنع القدوم على بلد الطاعون، ويمتنع الخروج منه فراراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الطاعون آية الرجز ابتلى الله عز وجل به أناساً من عباده، فإذا سمعتم به فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تفروا منه”.
وذكر في التاريخ أنه حين أصاب المسلمين طاعون “عمواس”، خرج بهم عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى الجبال، وقسمهم إلى مجموعات، ومنع اختلاطها ببعض وظلت المجموعات في الجبال فترة من الزمن، حتى استشهد المصابون، وعاد بالباقي إلى المدن.
وفي المنع من الدخول إلى الأرض التي قد وقع بها الطاعون، عدة حكم وفقًا لرأي ابن القيم وهي:
تجنب الأسباب المؤذية، والبعد عنها، والأخذ بالعافية التي هي مادة المعاش، وأن لا يستنشقوا الهواء الذي قد فسد فيصيبهم المرض، وألا يجاوروا المرضى الذين قد مرضوا فيحدث لهم بمجاورتهم من جنس المرض.
وحماية النفوس من العدوى؛ وفي النهي عن الدخول في أرضه الأمر بالحذر والحمية، والنهي عن التعرض لأسباب التلف، وفي النهي عن الفرار منه الأمر بالتوكل والتسليم والتفويض، فالأول: تأديب وتعليم، والثاني تفويض وتسليم.
“يارب سلمت لك أمري”.
يسرية سلامة
عن موقع : فاس نيوز ميديا