محسن الأكرمين.
اضطرابات الهلع من الجائحة المستجدة، هو خوف آت من ضبابية حاجيات المستقبل”ما بعد زمن كورونا”. الخوف من المستقبل الذي يمكن أن يحمل صورة لنعش الموت وألم وجع الإصابة. “ما بعد زمن كورونا” قد يشكل أزمة اجتماعية وعالمية يمثلها عدم الاستقرار، وفي إعادة هندسة ترتيب الأولويات والحاجيات.
الخوف بالتأكيد قد أحدثته “كورونا” بتفتيت الاستقرار العالمي والدولي والاجتماعي. وقد يخلف فزعا كبيرا من الهلع لم تعشه البشرية منذ آخر حرب عالمية، ويمكن أن يمتد في المستقبل أي”ما بعد زمن كورونا”. هي”كورونا” الفيروس الضعيف الخفي فوق الأيدي والمسطحات، وحتى في هواء التنفس قد دمر عادات حياة، و غير رأسا على عقب سلوكيات “الروتين اليومي” عند المجتمعات والأسر والعالم. ولن نقول حتما نحو الأسوأ، بل ممكن أن تكون “كورونا” قد حملت لنا فرملة مكانية وزمانية نحو التغيير الإيجابي، وخلق مساحة مكاشفة للتأمل مع الذوات والآخر، وكذا مع مسارات العالم واتجاهاته. الآن، الخوف الفئوي “الكوروني” يكمن في دمار مستويات عيش الترفيه بالامتيازات الخاصة، وفي تحول جائحة “كورونا المستجد” إلى مفهوم الثورة “الكورونية” لفسخ الفوارق الاجتماعية وبناء الكرامة ومعادلة الإنصاف في عصر”ما بعد زمن كورونا”.
كلنا نعيش”الفوبيا”النفسية، ونسمع طلقات نار الموت من فيروس”كورونا”، كلنا يشاهد مآسي دول تفاقم الوباء بها، وعجزوا كليا الحد منه. ربما الشعور بخطر العدوى يبدو يتبعنا ملازما لنا في كل مكان وزمان ويشكل “الغول” المدمر لمستويات الاستقرار النفسي والاجتماعي. ربما نفكر جميعا بالركض بعيدا نحو أفق الغابة الآمنة من غول”كورونا” الحضارة، ربما أن وسائل الإعلام تحاصرنا وتمطرنا بصور الوباء والموت، ونفخ كير الخوف في نار الموت والمآسي الجماعية. لكن ، من حسن الإمعان في الأفلام “الكارتونية” أن الظباء في الغابة تتوقف عن ركض الخوف حين تتحول المسافة بينها وبين الحيوانات المفترسة متحققة بالأمان، هي التوليفة التي يجب أن نتبناها حين نلازم الحجر الصحي بالبيوت، فلا بد من التوقف عن ذبذبات الخوف وعيش فرح الحياة. هو سلم الرعب الذي يجب أن يخف أثره على النفسيات الفردية والجماعية ونتكيف مسرة مع لحظات السكينة بالبيوت والتخفي عن الوباء.
حقيقة نعيش الصدمة من توقيف عاداتنا المكتسبة في حياة الأمن والأمان، رغم أنها كانت تحفل بالضغوطات النفسية، نعيش بدايات الاكتئاب والصدمة النفسية الحادة من مجهولات المستقبل، وما يخفيه؟ نعيش تساؤلات داخلية حارقة، ولا نقدر التفكير فيها بالصوت المسموع، نستحضر تاريخ المستقبل غير الحادث و نفكر عن جدوى الحياة ” في زمن ما بعد كورونا”، نعيش عوز تطوير أداء حياتنا وفق خطة بديلة تعطل الخوف وتزرع أمل العودة إلى الحياة في المستقبل بتصالح مع الذات والعالم.
أكيد، أن من المتوقع الصادق بالتفسير أن العالم لن يرجع لنفس نقطة بداية “كورونا”، من المتوقع الحتمي أننا سنتحدث عن عالم ما بعد فيروس “كورنا”. قد نكون نستبق الأحداث والوقائع والنتائج، ولكنا الآن ندعو إلى خلق بدايات اللحمة الإنسانية وتجاوز الإكراهات النفسية وتحطيم فزاعات “خوف الفوبيا”، ندعو إلى تغيير عادات كانت غير سليمة ركبتنا ضمن انسياقنا مع الحداثة السائلة.
عن موقع : فاس نيوز ميديا