موضوع تمثيل الدولة على المستوى الجهوي والإقليمي والمحلي؛ يتطلب الانطلاق من بعض الأسئلة المهمة والأساسية التي يمكن حصرها فيما يلي:
من يمثل الدولة على المستوى الجهوي والإقليمي والمحلي؟ ما هو الدور الذي يلعبه رجال السلطة في التنظيم العام للبلاد أثناء الحرب؟ ما طبيعة علاقتهم بالمواطنين وبالمنتخبين ومختلف المؤسسات؟ من هو الرأس المنسق لجميع اعمال المصالح الخارجية على المستوى الجهوي والإقليمي والمحلي؟ ما هي حدود تدخل كل قطاع حسب الاختصاص؟ من يحل مشكل التداخل في الاختصاصات على المستوى المحلي؟ على ماذا تحتوي أجندة مؤسسة الوالي أو العامل كممثل للدولة على المستوى الترابي؟
ومن خلال تفكيك شيفراتها؛ ماذا بداخل هذا الصندوق الأسود لهذه المؤسسة التابعة لوزارة الداخلية؟ كيف يتمثل ويتخيل المواطن مؤسسة الوالي او العامل؟ كيف يتمثل العمال والولاة أنفسهم في علاقتهم بالمواطنات والمواطنين وبمختلف المؤسسات التابعة لنفوذ اختصاصهم الترابي؟ أين تتموقع مؤسسة الوالي او العامل بالنسبة لسياسة اللامركزية وعدم التركيز الاداريين؟ ماهي مستويات الإحراج التي يتعرض لها هؤلاء بمناسبة أدائهم لمهامهم، خاصة في علاقات مختلف القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية؟ كيف يعمل هؤلاء على خلق مناخ للاستثمار وجلب وإقناع المستثمرين لركوب مخاطر الاستثمارية بنفوذهم الترابي؟ كيف يعمل هؤلاء على تنفيد سياسة الدولة من خلال هذه التمثيلية التي يتمتعون بها؟ كيف يعمل هؤلاء على خلق نوع من التناغم والضبط المؤسساتي والمجالي من خلال التسويات العامة للنزاعات؟
modérateur ou régulateur du système
مؤسسة العامل او الوالي هي التي تعمل على تأمين عمل عدة قوى تعمل داخل النفوذ الترابي للجهة او للعمالة او الاقليم؛ من خلال العديد من الآليات كالاحتكام لقرارات الوالي او العامل وتقريب وجهات النظر بينها وخلق نوع من التسويات والتراضي فيما بين مختلف الفرقاء.
هذه بعض الاسئلة التي تفرض نفسها في ظل تنامي دور الجهوي والإقليمي والمحلي وتراجع أدوار الدولة والسيادة؛ فكيف يمكن دراسة وتحليل مؤسسة الوالي او العامل؟ ما هي الآليات والمناهج والمفاهيم التي يمكن توظيفها لتحليل وتفكيك شيفرات هذه العلبة السوداء؟ من خلال طرح هذه الإشكالات والتساؤلات يمكن إبراز محورين أساسيين في تناول هذا الموضوع في ارتباطه بمفهوم المركزي والجهوي والاقليمي والمحلي؛
المحور الأول؛ له ارتباط بالإطار النظري والمفاهميي.
والمحور الثاني؛ وله ارتباط بالإطار المنهجي.
وهذين المحورين في ترابطهما يؤديان إلى إشكالية ثلاثية الأبعاد وتتجلى في الاشكاليات والمقاربات التالية:
أولا: مؤسسة الوالي او العامل وإشكالية الموضوع؛
ثانيا: مؤسسة الوالي او العامل وإشكالية المقترب؛
ثالثا: مؤسسة الوالي او العامل وإشكالية العلاقة بين المركز والمحيط؛
ان تحديد موضوع مؤسسة العامل بهذا الشكل؛ يتطلب الإجابة عن السؤال المرتبط بعلاقة المركزي بالجهوي والاقليمي والمحلي أو تحديد مدى وأبعاد وسياقات سلطة الدولة في البحث عن موقع متقدم لها وبسط سيادتها وسلطتها على المجال الترابي.
فلفهم مؤسسة العامل ننطلق احيانا من المركزي وعدم التركيز ونعقد المقارنة ونقول أن هذا المركزي هو الكل والجهوي والاقليمي والمحلي هو الجزء من هذا الكل. لكن مؤسسة العامل ليست بهذه السهولة؛ فهي تتميز بنوع من الغموض وتثير الكثير من الالتباس حولها.
ففي المجال الإداري تحيل إلى مؤسسات ترابية والى شكل من أشكال التنظيم الإداري في الدولة. لكن خارج هذا الحقل العلمي المعياري تصبح هذه المؤسسة إطارا أو مجالا متعدد ومتنوع الأبعاد والسياقات يمكن تحديد معناه بالرجوع إلى المركز على اعتبار انه الإطار المرجعي. ومن خلال هذه الرؤية يمكن اعتبار مؤسسة العامل مجرد إطار تنظيمي لتنفيذ السياسات العامة للدولة التي يتم رسمها على المستوى المركزي.
وبالتالي فالسياسات العامة المجالية تصبح مجرد تنفيذ للسياسات العامة الوطنية؛ وبمعنى أوضح فإن السياسات العامة الجهوية والاقليمية والمحلية لا تعدو أن تكون مجرد تطبيقات للسياسة العامة الشمولية الوطنية.
لكن ما هي طبيعة مؤسسة العامل وما هي أبعادها وحدودها؟
للوصول إلى سلطة مؤسسة العامل سوف ننطلق من مؤشرات وعناصر أولية افتراضية للتحقق من دور هذه المؤسسة في النسق السياسي والاجتماعي المغربي المعاصر وهي كالتالي:
1. افتراض قدرة الجماعات الترابية على رسم سياسات عامة مجالية بشكل مستقل عن تدخل الدولة.
2. افتراض قدرة النخبة المحلية على اتخاذ قرارات جهوية واقليمية ومحلية تهم تدبير الشأن العام الجهوي والاقليمي والمحلي.
3. افتراض قدرة هذا الجهوي والإقليمي والمحلي على تعبئة المتاح من الموارد المادية والبشرية.
4. افتراض قدرة هذا الجهوي والإقليمي والمحلي على تفعيل وتوجيه عناصر النسق الإداري المحلي.
5. افتراض وجود نظام قانوني ودستوري يتيح لهذا الجهوي والإقليمي والمحلي إمكانيات وهامش كبير في تدبير شؤونه العامة من خلال تخويله اختصاصات موسعة من قبل الدولة.
6. افتراض وجود مظهر من مظاهر السياسات العمومية الترابية ووجود مجال محفوظ لفائدة الجماعات الترابية يتيح لكل جهة او عمالة واقليم وجماعة إمكانية نهج منحى معين في تدبير شؤونها في مختلف المجالات؛ التعمير، البيئة، الصحة، التعليم، الشغل، إلى غير ذلك.
لكن اين تتموضع مؤسسة العامل في اطار وإشكالية هذه العلاقة؟ إن هيمنة المفهوم الكلاسيكي للدولة ودورها وفي وظائفها التقليدية حيث يتم التمييز في لعب الأدوار بين ما هو أساسي وما هو ثانوي، جعل الأدوار الأساسية تبقى من اختصاص المركز بينما الأدوار الثانوية يتم التخلي عنها ونقلها للجهوي والاقليمي وللمحلي أو يتم تفويتها للقطاع الخاص. فطبيعة الدولة وارتباطها بالسلطة من خلال عدة حقول معرفية وتقنية، وتكنولوجية، وجيوسياسية واجتماعية وسياسية وتاريخية أدى الى الغموض بين الدولة والسلطة وانعدام الدقة من خلال نموذج العلاقات الاجتماعية السائد. وندرج امثلة حول كيفية تحديد طرق انتاج العلاقات المؤسساتية والقانونية في والقيم الاخلاقية والدينية.
إلا أن ثقافة الوفرة والرفاه قلصا من أهمية هذا التقسيم في وظائف الدولة وأدوارها، ودفع بالدولة إلى البحث عن شركاء لتدبير الشأن العام حتى في المجالات الأساسية، هذا من جهة، من جهة ثانية نجد الوصاية ومراقبة الدولة على الجماعات الترابية، حيث أن هذه الوصاية والرقابة تتخذ عدة أشكال وعدة أبعاد وتمظهرات حسب كل مرحلة من التجارب التي مرت بها سياسة اللامركزية بالمغرب، إذ يتحكم في هذه التجارب لسياسة اللامركزية عنصرين متناقضين: فمن جهة قامت الدولة بنقل الاختصاص وتفويته لفائدة المحلي، وفي النقيض نجد الهاجس الأمني و عـدم السماح لهذا المحلي بهامش كبير من التحرك في استقلالية تامة عن الدولة وهذا المنطق المتناقض لا يتيح فرصة وإمكانية للحديث عن سياسات عامة جهوية واقليمية ومحلية وقرار عام مرافق لها بالمعنى الصحيح والمبتغى والمفروض أن يكون.
لكن مع ذلك؛ يمكن استحضار احدى العناصر التي تحد من هذا الطرح ويتجلى في كون الدولة المركزية، ولتحقيق عنصر المطابقة بين السياسات العامة على المستوى الوطني والسياسات العمومية الجهوية والاقليمية والمحلية وتحقيق التناغم التنموي المجالي، تلجأ لأسلوب المراقبة والتتبع والتقييم؛ مراقبة عرفت عدة تطورات؛ من مراقبة قبلية إلى مراقبة بعدية إلى مراقبة موازية او مواكبتيه، في أفق مراقبة قضائية، الشيء الذي يحد من أهمية هذا العنصر، أي إمكانيات تبني آليات جديدة تؤسس لعلاقة جديدة بين الدولة والجماعات الترابية من خلال إعمال الشراكة والتكامل والتمازج والتطابق والتعايش في تدبير متطلبات التنمية، موضوع شعارات المناظرات الوطنية حول الجماعات المحلية.
فمن خلال المركز يمكن توجيه السياسات العامة في الدولة، والسوق، والمجتمع والمدن، والحدود وتوسيع مجال المنافسة، تنظيم وإعادة النظر في آلية الاشتغال السياسي والاجتماعي، الشيء الذي سيدفع إلى المواجهة بالمحلي كآلية اشتغال وسائطية وإعادة هيكلة الفاعلين المحليين، والمجموعات والمؤسسات، من جمعيات وخواص… أي القدرة على موازاة الدولة؛ لكن في إطار منسجم ومتناغم.
ومن الإشكاليات التي يطرحها الموضوع نجد مفهوم الدولة ودور هذه الأخيرة ووظيفتها في ظل تنامي أدوار الجهوي والاقليمي والمحلي وفي سياق أصبح يتميز بتقلص سيادتها أو ما يمكن أن نطلق عليه أزمة مفهوم السيادة.
إن اثارة هذا الجدل سببه تراجع أبعاد الدولة على المستوى المجالي، مما يفضي إلى التساؤل عن المفهوم الجديد للسيادة في ظل العولمة واقتصاد السوق؟ وكذا التساؤل حول مفهوم الحدود في ظل هذه العولمة؟
وهذه المفاهيم لها ارتباط أيضا بأسئلة منهجية يمكن حصرها فيما يلي: هل هناك نخبة جهوية واقليمية ومحلية قادرة على رسم السياسات العمومية الترابية واتخاذ القرار الجهوي والاقليمي والمحلي لذلك والتي تهم تدبير الشأن العام وتقدم بذلك حلولا وإجابات للمشاكل والطلبات الاجتماعية المطروحة محليا في اطار حكامة جيدة؟ في غياب مؤسسة العامل او الوالي؛ هل هذه النخبة مؤهلة تاريخيا وسياسيا وأيديولوجيا لتدبير الشأن العام الجهوي والاقليمي والمحلي؟ وهل هذه النخبة مستقلة في سلطتها عن سلطة الدولة وعن منطق اشتعال هذه الأخيرة؟ هل هناك سلطة تنظيمية محلية بمعنى برلمان مصغر يشرع ويرسم سياسات عامة جهوية واقليمية ومحلية ويتخذ لذلك قرارات عامة كجهاز تنفيذي متميز عن سلطة الدولة؟ كيف تشتغل هذه النخب والسلطات الاقليمية والمحلية؟ وهل تتمثل هذه النخب نفسها كفاعل محلي قادر على تعبئة المتاح من الموارد المادية والبشرية والإمكانيات القانونية الموضوعة رهن إشارتها؟ هل للقرار الجهوي والاقليمي والمحلي المنتج للسياسات العمومية الترابية منطق وآلية اشتغال خاصة به وفي استقلال عن منطق وآلية اشتغال القرار العام الذي يبلور أو ينتج السياسات العامة الوطنية أو المركزية؟ هل المتاح من الموارد المادية والبشرية كاف لتمكين هذه النخب من بلورة سياسات عمومية ترابية واتخاذ قرار جهوي واقليمي ومحلي؟ هل المستوى الثقافي في ظل القوانين الحالية يسمح بالتخلي لفائدة هذه النخبة عن تدبير الشأن العام الجهوي والاقليمي والمحلي؟ ما هي استراتيجية التواصل عند هذه النخب الجهوية والاقليمية والمحلية؟ لكن ماذا يفعل هذا الوالي او العامل منذ مغادرته مكتبه في وقت غير محدد إلى حين التحاقه بمكتبه في وقت غير محدد؟
بدأت بمغادرته لمكتبه بشكل مقصود؛ لان رجال السلطة بصفة عامة لا ينطبق عليهم التوقيت الإداري داخل أوقات العمل. كيف ذلك؟
بحكم طبيعة عملهم وطبقا للقانون المنظم لهذه الفئة التي تخضع لمقتضيات الظهير الشريف رقم 67-08-1 صادر في 27 من رجب 1429 (31 يوليو 2008) في شأن هيئة رجال السلطة؛ الذي ينص على “القيام بمهامهم ولو خارج أوقات العمل العادية” وبالتالي فان اجندة الوالي أو العامل غير مقيدة بعامل الوقت أو الزمن. لكن ماذا يقصد بكلمة أجندة؟
كلمة اجندة تحيل الى معني في «التنظيم» والمفكرة تجنبا للنسيان وتحتوي على أرقام الهواتف؛ قبل ظهور الهواتف النقالة التي تحمل تطبيق لتدوين ارقام الهواتف وكذا تطبيق مفكرة لتدوين المواعيد وتاريخ أعياد الميلاد وغيرها من العناوين والمواعيد، وتدوين الملاحظات. وأحياناً الخواطر اليومية. لكن هذا المعنى لا نقصده في هذا الاتجاه؛ بل نقصد بالأجندة المعنى الذي يحيل إلى جدول أعمال محدود في الزمان والمكان. جدول أعمال او برنامج او خطة عمل على المدى القصير، المتوسط والبعيد. وحينما نتحدث عن اجندة او برنامج عمل على المدى الطويل فهو يحيل الى التزام ضمني من قبل الوالي او العامل حول ما حققه او ما سيحققه من قيمة مضافة او إسهام تنموي لمدة انتدابه على راس جهة او عمالة او اقليم او مقاطعة او عمالة او مديرية او قسم او في إطار تكليفه بمهمة محددة ومعينة.
مؤسسة الوالي أو العامل، ومن خلال قراءة بسيطة في بروفايلات او مسارات العمال والولاة يمكن استنتاج العناصر التالية: من حيث العدد؛ فهم بعدد الجهات 12 جهة؛ وحسب عدد الأقاليم والعمالات والمقاطعات البالغ 75؛ مع الأخذ بعين الاعتبار ان الوالي هو في نفس الوقت عامل عمالة الإقليم مركز الجهة؛ هذا بالإضافة الى العاملين بالمصالح المركزية كوالي او عامل مدير او مدير عام أو ملحق مكلف بمهمة.
من حيث التصنيف نجد الفئة الأولى وتشكل نسبة قليلة جدا لا تتجاوز نسبة 25 ٪ ويسمون “أولاد الدار” وتتكون من خريجي المعهد الملكي للإدارة؛ وهؤلاء معروف مسار تكوينهم وتدرجهم في أسلاك السلطة من درجة قائد؛ قائد ممتاز، باشا، كاتب عام، فدرجة عامل. أو استثناءً من درجة قائد أو باشا إلى درجة عامل مباشرة. الفئة الثانية عبارة عن مهندسين خريجي المدرسة المحمدية للمهندسين او معاهد اجنبية في مجال القناطر جريجي كليات الهندسة التكنولوجية او البوليتكنك. الفئة الثالثة عبارة عن خليط من الاطر المغربية التي أبانت عن كفاءة معينة في مجال او قطاع معين؛ وهذه ميزة تجعل من وزارة الداخلية التميز والفرد من خلال الانفتاح على جميع التخصصات والكفاءات.
من حيث المعيار الوظيفي او المهام؛ نجد عامل اقليم؛ ومعروف ان الإقليم يكون على مساحة شاسعة وله ارتباط كبير بالعالم حسب الطبيعة والجغرافيا والكثافة السكانية القليلة؛ بالعالم القروي. وعامل العمالة حيث معيار المساحة الأقل من الإقليم والارتباط بالعالم الحضري والشبه حضري والكثافة السكانية الأكبر. وعامل المقاطعة على مستوى مدينة الدار البيضاء الكبرى على الخصوص؛ بعد تعديل التقسيم الترابي للمملكة والأخذ بوحدة المدينة؛ والذي بموجبه تم إلغاء وتقليص عمالات على مستوى مدينتي مراكش (عمالة مراكش المدينة وعمالة سيدي يوسف بن علي وعمالة كليز المنارة) ومدينة فاس ( عمالة فاس الدبيبغ وعمالة فاس المدينة وعمالة زواغة مولاي يعقوب) في حين تم تحويل عمالات عين السبع والبرنوصي وانفا والدار البيضاء المدينة والحي الحسني إلى عمالة مقاطعات.
اما من حيث صلاحيات الولاة والعمال في الدستور فيمكن تلخيصها فيما يلي:
يعمل الولاة والعمال تحت سلطة رئيس الحكومة. تعيين الولاة والعمال يتم باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني ويتم ذلك داخل المجلس الوزاري. يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية. يعمل الولاة والعمال باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية. يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، خاصة رؤساء المجالس الجهوية على تنفيذ المخططات، والبرامج التنموية. يقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها.
جدول الأعمال الخاص بمؤسسة العامل هذا؛ وكتنزيل للاختصاصات المضمنة بالقوانين او الاختصاصات العامة الغير محددة بنص قد يشمل عقد اجتماعات ضيقة او موسعة يترأسها حول مشكل مطروح يتعلق بجانب الاستثمار؛ او تنفيذ البرامج والصفقات او بالجانب الأمني او خطة عمل. استقبالات مختلفة لمستثمرين او فاعلين ومسؤولين او مواطنات ومواطنين حول قضايا معينة.
بالإضافة الى الروتين اليومي؛ فهذه المؤسسة تختزن منطقا عميقا يجب البحث عنه، من خلال تحديد محتوى نسق ومنطق وظائف، ووسائل إنتاج هذه المؤسسة وتحديد معطياتها السياسية والجيوغرافية والسوسيو اقتصادية ومجالات التقاطع، والتنازع والتعايش، وتجاوز الدغمائية في تناولها. لكن أين تتموضع مؤسسة العامل أو الوالي في النسق السياسي والاجتماعي المغربي؟ كيف يدبر العامل او الوالي مستويات النسق على مستوى الجهة او الاقليم؟
فالفعل السياسي يمكن تصوره في إطار مؤسسة عامة. والفعل الإداري أيضا يمكن تصوره في إطار مؤسسة عامة، يستهدفان خدمة الصالح العام والمصالح العليا للوطن. والإدارة تسهر على تنفيذ السياسة العامة مسطرة من قبل هذا الفعل السياسي، في اطار نوع من الحياد الذي ليس إلا الإدارة في آخر المطاف، وبالتالي فهي تابعة للنظام السياسي أو هي النظام السياسي نفسه.
فالنسق يحيل إلى البنية والبنية” هي كل مكون من ظواهر متماسكة يتوقف كل منها على ما عداه، ولا يمكنه أن يكون ما هو إلا بفضل علاقته بسواه او بما عداه. وهذا النسق يفترض نوعا من الانسجام والتكامل والتمازج والتضامن على جميع المستويات؛ انسجام سياسي، واقتصادي واجتماعي وثقافي. فهو بنية كبرى يتضمن أنساقا أو بنيات صغرى sous systèmes، كمؤسسة الباشا والقائد في الميدان؛ والجماعات الترابية ومختلف المديريات والمندوبيات والادارات وغيرها باستثناء المؤسسات العسكرية والقضائية التي تتمتع بنوع من الاستقلالية، وهذه الأنساق الصغرى يمكن أن تخرج من جوف النقيض، بحيث يمكن أن تكون غير منسجمة وغير متكاملة، حيث التنافر والتباعد على المستوى الاجتماعي كالتركيبة الاجتماعية القبلية، وغياب الانسجام والتناغم على المستوى الاقتصادي كتوظيف وسائل تقليدية إلى جانب أخرى حديثة، أو المشهد السياسي الذي يحيل إلى التجاذب والتناقض بين أطراف اللعبة السياسية. وهنا تكمن دينامية المجتمع المغربي واستمراريته في خلق فضاء مفتوح وقابل للتطور. وهنا يبرز دور مؤسسة العامل او الوالي في احتواء الصراع من خلال استيعاب منطق واشتغال مختلف هذه المتناقضات وما تخلفه من إحراج في حال عدم التوافق او الوصول الى تسويات وتراضي يضمن استمرارية المرفق العام وتجاوز حالة التأزم.
بالنسبة لمرفق الداخلية بصفة عامة، يمكن القول أن طبيعة نشاطاتها في جميع دول العالم يأخذ نفس الطابع، بحيث كل مرفق لا يعمل إلا في إطار الشرعية والمشروعية وليس في إطار العشوائية، وتجاوز السلطة يبقى مجرد سلوك وعقليات فقط. فهي تأخذ وضعا متميزا ومفترقا للطرق administration carrefour والتي تحظى بموقع متقدم على المستوى المجالي للدولة، موزعة على مختلف التراب الوطني من خلال مصالحها الخارجية، يقومون بضبط المجمع بكل دقة، والعامل والوالي كرجل سلطة يقوم بتنسيق اختصاصات مختلف مصالح الوزارات من مديريات ومندوبيات ومؤسسات عمومية. وهذا ما نجده في جميع دول العالم، حيث مجموع الاختصاصات الإدارية التي ترجع إلى الدولة تمر عبر قناة مرفق الداخلية لتعرف التوزيع والاستقلالية بعد ذلك. ولعل تأمين عمل عدة قوى تعمل داخل المجمع كان السبب الرئيسي في تكتل الاختصاص ومروره عبر قناة واحدة.
وبالتالي فإن الجواب عن سؤال دور التناغم الذي تلعبه مؤسسة العامل، يجد مبرراته من خلال هذا المعطى: فالمناطق التي تفتقر لمعظم المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، ولفرص الشغل، تطرح صعوبات أكبر، وتحتاج إلى المزيد من تضافر الجهود، لتدارك التأخير والخصاص، لالتحاقها بركب التنمية. وفي المقابل، فإن الجهات التي تعرف نشاطا مكثفا للقطاع الخاص، كالدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة، تعيش على وقع حركية اقتصادية قوية، توفر الثروة وفرص الشغل”.
وهكذا فنسبة 25% من مجموع الجماعات الترابية هي وحدها القادرة على الدخول في منافسة حقيقية في ظل رهان السوق والعولمة بحكم تواجدها بالمنطقة او الشريط الساحلي الصناعي للمغرب، في حين أن 75% تبقى رهينة الدور التقليدي (الشواهد الإدارية، الجباية المحلية…) ولم تفهم بعد معنى الدخول في المنافسة والمبادرة الحرة. فذلك فهم حديث يتنافى وآليات التسيير التقليدية وضعف المستوى الثقافي وسيادة الثقافة التناحرية، وعدم الإجماع حول البرامج وخطط العمل.
يقول جلالة الملك “ولوضع حد لهذا المشكل، فإن العامل والقائد، والمدير والموظف، والمسؤول الجماعي وغيرهم، مطالبون بالعمل، كأطر القطاع الخاص أو أكثر، وبروح المسؤولية وبطريقة تشرف الإدارة، وتعطي نتائج ملموسة، لأنهم مؤتمنون على مصالح الناس.” مقتطف من نص الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك يوم السبت 29 يوليوز 2017، بمناسبة الذكرى الثامنة عشر لعيد العرش.
من خلال توظيف المقاربة الوظيفية في تناول مؤسسة العامل، أي إبراز الوظائف المنوطة بالوالي او العامل على مستوى عدم التركيز واللامركزية الادارية، وكذا على مستوياتها العمودية والأفقية. حيث ان تشعب أنشطة الدولة سواء على المستوى المركزي، عدم التركيز أو اللامركزية، تبقى – تابعة لهذا السياسي – ومهما بلغت استقلاليتها تبقى أجهزة ايديولوجية للدولة كباقي الأجهزة الأخرى، أي أن الدولة او الإدارة تهدف أساسا تغيير المجتمع وليس إدارته. فهي إذن توازن من نوع خاص في جميع الأنظمة السياسية بين القوى الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي يصعب القول بشيء اسمه “قرار إداري”؛ الذي هو على الأقل امتداد للقرار السياسي، بحيث لا وجود لعمل إداري محض يتمحور كليا حول معطيات تقنية، لا لشيء، بل فقط لأن الإدارة ليست غاية في حد ذاتها بل تخضع لأهداف سياسية. فهناك إذن تداخل وتمفصل قائم بين السياسي والإداري كما وكيفا: على المستوى العضوي، الإنساني، النفسي … إلخ.
ورغبة في تقديم الخدمات في أحسن الظروف، يجب التنسيق على صعيد المصالح المحلية والمركزية، وإلا فإن الفلسفة التي من أجلها تم تبني سياسة عدم التركيز تبقى عديمة الجدوى”. وبالتالي ضرورة خلق مؤسسات، رغبة في التخفيف من عبء تمركز منح الوثائق من لدن الإدارة الأم، والتقريب الفعلي للإدارة من المواطنين وحتى يتماشى عدم التركيز الإداري، من خلال إعطائه مفهوما واسعا ومتطورا لامتصاص حجم المشاكل وسياسة اللامركزية. في ظل تنامي أدوار المحلي والجهوي وتراجع ادوار الدولة.
أصل هذه الاختصاصات المخولة للعمال والولاة يمكن استنتاجها من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.75.168 بتاريخ 25 صفر 1397 الموافق ل 15 فبراير 1977؛ يتعلق باختصاصات العامل؛ والذي طرأت عليه العديد من التغييرات.
والذي يعتبر مؤسسة العامل بمثابة مندوب حكومة جلالة الملك في العمالة أو والإقليم التي يمارس فيه مهامه. ويسهر على تطبيق الظهائر الشريفة والقوانين والأنظمة وعلى تنفيذ قرارات وتوجيهات الحكومة في العمالة أو الإقليم. ويتخذ العامل في نطاق ممارسة المهام المشار إليها في وضمن حدود اختصاصاته التدابير ذات الصبغة التنظيمية أو الفردية طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها.
كما يكلف العامل بالمحافظة على النظام في العمالة أو الإقليم. ويجوز له استعمال القوات المساعدة وقوات الشرطة، والاستعانة بالدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية طبقا للشروط المحددة في القانون. ويتشرف بالخصوص تحت سلطة وزير الداخلية على أعمال رؤساء الدوائر ورؤساء المقاطعات الحضرية والقروية الباشا والقائد.
يقوم العامل بتنفيذ مقررات مجالس العمالات والأقاليم، ويراقب الجماعات الترابية في حدود اختصاصاته. كما يتولى العامل تنسيق أعمال المؤسسات الخارجية للإدارات المدنية التابعة للدولة وأعمال المؤسسات العمومية التي لا يتجاوز اختصاصها الترابي نطاق العمالة أو الإقليم.
يراقب العامل تحت سلطة الوزارة المختصين النشاط العام لموظفين وأعوان المصالح الخارجية للإدارات المدنية التابعة للدولة المزاولين عملهم في العمالة أو الإقليم، ويسهر داخل حدود اختصاصاته الترابية على حسن تسيير المصالح العمومية وكل مؤسسة أخرى تستفيد من إعانة الدولة أو الجماعات المحلية. ويجب أن يطلع سلفا على كل انتقال يهم رؤساء المصالح الخارجية للإدارات المدنية التابعة ومساعديهم المباشرين. كما يوجه سنويا إلى الوزير المختص نظرة عن سلوك رؤساء مصالح الإدارات المدنية ومساعديهم المباشرين العاملين بالعمالة أو الأقاليم.
هذا، وطبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم: 113.14 المتعلق بالجماعات في المادة 110 منه، يمارس عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه اختصاصات أصلية تتجلى في المحافظة على النظام العام والأمن العمومي بتراب الجماعات؛ تأسيس الجمعيات والتجمعات العمومية والصحافة؛ الانتخابات والاستفتاءات؛ النقابات المهنية؛ التشريع الخاص بالشغل، ولاسيما النزاعات الاجتماعية؛ المهن الحرة ورخص الثقة لسائقي السيارات الأجرة، مراقبة الاحتلال للملك العمومي الجماعي؛ تنظيم ومراقبة استيراد الأسلحة والذخائر والمتفجرات وترويجها وحملها وإيداعها وبيعها واستعمالها؛ مراقبة مضمون الإشهار بواسطة الإعلانات واللوحات والإعلامات والشعارات؛ الشرطة الادارية؛ شرطة الصيد البحري؛ جوازات السفر؛ مراقبة الأثمان؛ تنظيم الاتجار في المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول؛ مراقبة الدعامات وغيرها من التسجيلات السمعية البصرية؛ تسخير الأشخاص والممتلكات؛ التنظيم العام للبلاد في حالة الحرب.
وفي اطار قانون المسطرة الجنائية كما تم تعديله وتتميمه، وفي اطار تعزيز مراقبة حقوق المعتقلين والسجناء، تقوم اللجنة الإقليمية التي يترأسها الوالي أو العامل، من خلال توسيع دائرة القطاعات الحكومية المشاركة فيها، وتمديد صلاحياتها لتشمل مراقبة المؤسسات المكلفة برعاية الأحداث الجانحين.
في المادة 28 كذلك يجوز للوالي أو العامل، في حالة الاستعجال، عند ارتكاب جرائم تمس أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، أن يقوم شخصياً بالإجراءات الضرورية للتثبت من ارتكاب الجرائم المبينة أعلاه أو أن يأمر كتابة ضباط الشرطة القضائية المختصين بالقيام بذلك، ما لم يخبر بإحالة القضية إلى السلطة القضائية.
يجب على الوالي أو العامل في حالة استعماله لهذا الحق، أن يخبر بذلك فوراً ممثل النيابة العامة لدى المحكمة المختصة، وأن يتخلى له عن القضية خلال الأربع والعشرين ساعة الموالية للشروع في العمليات و يوجه إليه جميع الوثائق ويقدم له جميع الأشخاص الذين ألقي عليهم القبض.
يجب على كل ضابط من ضباط الشرطة القضائية تلقى أمرا بالتسخير من الوالي أو العامل عملا بالمقتضيات أعلاه، وعلى كل موظف بلغ إليه أمر القيام بحجز عملا بنفس المقتضيات، أن يمتثل لتلك الأوامر وأن يخبر بذلك فورا ممثل النيابة العامة المشار إليه في الفقرة السابقة.
إلا أن ذلك يبقى مشروطا: بتوفـر حالـة الاستعجال. وعدم علمهم بمباشرة القضية من طرف وكيـل الملك الذي يجـب إخـباره فـورا. وتخليهم عن القضية للسلطة القضائية بعد مرور ثلاثة أيام من الشروع في البحث بشأنها، فيقدموا لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك حسب نوع الفعل الجرمي، وثائق ومستندات البحث، وكذلك الأشخاص المقبوض عليهم بمناسبة البحث.
في اطار المادة 620 تكلف في كل ولاية أو عمالة أو إقليم لجنة للمراقبة، يناط بها على الخصوص السهر على توفير وسائل الصحة والأمن والوقاية من الأمراض وعلى نظام تغذية المعتقلين وظروف حياتهم العادية وكذا المساعدة على إعادة تربيتهم الأخلاقية وإدماجهم اجتماعياً وإحلالهم محلا لائقا بعد الإفراج عنهم. ويترأس هذه اللجنة الوالي أو العامل أو مفوض من قبله، ويساعده رئيس المحكمة الابتدائية ووكيل الملك بها وقاضي تطبيق العقوبات.
اما المادة 635 فتنص على انه يمكن تطبيق مسطرة الإكراه البدني في حالة عدم تنفيذ الأحكام الصادرة بالغرامة ورد ما يلزم رده والتعويضات والمصاريف غير أنه لا يمكن تنفيذ الإكراه البدني، على المحكوم عليه الذي يدلي لإثبات عسره بشهادة عوز يسلمها له الوالي أو العامل أو من ينوب عنه و بشهادة عدم الخضوع للضريبة تسلمها مصلحة الضرائب بموطن المحكوم عليه.
دور رجل السلطة في مراقبة القرار المحلي لتحليل دور رجل السلطة في مراقبة القرار المحلي ننطلق من التساؤل المحوري وهو: ما موقع ممثلي السلطة المركزية (رجل السلطة) داخل مجالس الجماعات الترابية؟
رجل السلطة يلعب دورا مهما وكبيرا في تدبير الشأن المحلي؛ بحيث يعتبر ممثلا للإدارة المركزية على المستوى المحلي من حيث ممارسة سلطة الوصاية. وهذا الدور يتجلى في الاختصاصات المخولة له قانونا عبر عدة نصوص قانونية ومنها انه يعتبر عين الدولة على السياسات العامة المحلية.
هنا لا ينحصر دور رجل السلطة في اعداد التقارير المخابراتية كما يتصور البعض؛ ولكنه يلعب دور المنشط التنموي من خلال عملية التنسيق والتناغم بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية على المستوى المحلي.
والسؤال الذي قد يتبادر الى الدهن هو: هل لازال رجل السلطة يتمتع بنفس القوة التي كان يحظى بها من قبل على مستوى ممارسة سلطة الوصاية؟
على الرغم من التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية؛ حيث تنامي الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي؛ وهنا نميز بين العالم القروي الذي لا زالت تحكمه نسبيا نفس المحددات التقليدية حيث لازال بعض رجال السلطة يمارسون مهامهم طبقا لهذه المعطيات؛ حيث يصعب تكسير الحواجز التقليدية والإيديولوجية التي تنزع الى ابقاء الوضع كما هو عليه لكونها تستفيد منه او على هامشه وليس من مصلحتها اقرار التغيير. والمجال الحضري حيث رجل السلطة يمارس مهامه طبقا لمعطيات حداثية ويحاول استيعاب عدة متناقضات، وحتى طبيعة العمل تكون نسبيا محددة في المهام الامنية والاجتماعية بحيث كل جهة تقوم بالاختصاصات المنوطة بها في ظل تنامي نوع من الوعي بالمسؤولية على عكس العالم القروي حيث يبدل رجال السلطة مجهودا كبيرا في تحضير كل شيء. فهو المنشط التنموي خاصة في ظل ارتفاع نسبة الامية في صفوف النخبة المحلية والتي لا زالت تتعامل في اطار العفوية والسذاجة والارتجال.
ففي العالم القروي يجد رجل السلطة نفسه مضطرا احيانا الى التدخل ومن حيث لا يدري يحل محل رئيس المجلس في تدبير شؤون الجماعة؛ ليس تعسفا او ضدا على القانون؛ ولكن واقع الامر فرض هذا التدخل الذي قد تتناسل عنه مشاكل امنية كانعدام مرفق الماء الشروب والكهرباء والمستوصفات وسيارة الاسعاف وغيرها من الطلبات الاجتماعية.
فالنظام الخاص برجال السلطة ينص على انه: “يمثل العمال السلطة التنفيذية بأقاليم وعمالات مملكتنا الشريفة. فهم يسهرون على تطبيق القوانين والأنظمة ومقررات وتعليمات السلطة المركزية ويراقبون تحت سلطة الوزراء المختصين النشاط العام لموظفي الدولة كما ينفذون مقررات المجالس العمالية والإقليمية وينسقون أعمال المصالح الخارجية للوزارات ومكاتب الاستغلال والمؤسسات العمومية الأخرى. ويعهد إلى العمال بالمحافظة على النظام ويشرفون بالخصوص تحت سلطة وزير الداخلية على أعمال رؤساء الدوائر ورؤساء المقاطعات الحضرية والقروية كما يقومون بمراقبة الجماعات المحلية ضمن حدود الاختصاصات المخولة إياهم”.
وبالتالي فالمراقبة على اعمال الجماعات الترابية تتم على مستوى السلطة الاقليمية ممثلة في شخص العامل او الوالي من خلال تواجد قسم الجماعات المحلية على طراز المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية يتولى عملية تدبير شؤون الجماعات المحلية على مستوى الاقليم.
اما الفصل 31 من نفس القانون فينص على أنه: “يمثل رؤساء الدوائر السلطة التنفيذية في دائرة نفوذهم الترابي ويقومون تحت إشراف العامل بتنفيذ القوانين والأنظمة والمحافظة على النظام والأمن والهدوء. كما يسهرون تحت سلطة العامل على إذكاء نشاط رؤساء المقاطعات الواقعة في حدود الدائرة ومراقبة أعمالهم وتناط بهم أيضا في دائرة هذه الحدود مهمة الإرشاد والتوفيق في جميع القضايا ذات المصلحة الجماعية أو ذات الفائدة المشتركة بين الجماعات. ويعهد كذلك إلى رؤساء الدوائر بربط الصلة بين مختلف المصالح الإدارية والتقنية الواقعة في الدائرة وبالسهر على التنسيق العملي للتدخلات التي يتطلبها تجهيز ترابهم وتهيئته ويساعدهم في ذلك تقني واحد أو عدة تقنيين في الأشغال القروية يمكن جعلهم رهن إشارة رؤساء المقاطعات والمجالس الجماعية المعنية بالأمر”.
وبالتالي يفهم الدور الذي يقوم به الباشا ورئيس الدائرة الذي يتولى عملية التنسيق والتجميع للقضايا على مستوى الدائرة للملحقات الادارية والجماعات التابعة للنفوذ الترابي للدائرة بداخل مؤسسة العامل او الوالي.
هذا ويمكن استنتاج ان دور مؤسسة الوالي او العامل تتجاوز بكثير سياسة عدم التركيز الاداري الى ما دون ذلك ويمكن تلخيصها في المقول التالية باللغة الفرنسية:
« La centralisation; ou La décentralisation, ou La déconcentration: c’est le même marteau qui frappe; mais cette fois un marteau dont on a raccourci le manche; un marteau dont le manche est courte frappe plus juste et plus vite. »
هذه باختصار صورة تقريبية حول مؤسسة العامل التي تعمل في صمت وفي إطار نكران الذات المؤسساتي خدمة للمصالح العليا لهذا الوطن.
عن موقع : فاس نيوز ميديا