من يزرع الريح , يحصد العاصفة

من يزرع الريح , يحصد العاصفة

فيروس كورونا , هذا الكابوس المرعب الذي بدأ يدق ناقرس الخطر أمام عجز المختبرات العالمية التي مازالت تسابق الزمن لإيجاد لقاح فعال لكبح جماحه , وهو الخطر الذي لا سبيل لمواجهته في الفترة الراهنة , إلا باتباع الوسائل الوقائية , وهي الأكثر فعالية ونجاعة , اقتداء بتجربة شعب الصين العظيم الذي أبهر العالم بكيفية تعاطيه مع هذا الوباء اللعين , وفي ذلك عبرة لكل شعوب العالم التي مازالت تعاني من تداعيات هذا الفيروس الرهيب, بعدما تخلصت منه الصين الى غير رجعة .
عبرة كذلك لبعض الشعوب التي مازالت لم تحدث قطيعة مع الفكر الخرافي بحلته الجديدة والذي يتم ترويجه وتسويقه بأحدث الوسائل الوسائطية , حيث وجد التربة الخصبة التي وفرته له بعض الكيانات المتحكمة في صنع القرار , معتقدة أنها بذلك ستؤمن استمرارها وهيمنتا على المشهد السياسي وبناء شرعيتها عبر بناء قاعدة من الحشد الاحتياطي من الأميين والجهلة والمشعوذين وتجار الدين خريجي الكتاتيب وجمعيات مشبوهة تفوح منها رائحة الأصولية التي انتشرت كالفطر في نسيج مجتمعنا , معتقدة أنها ستحتاج لهذا الاحتياطي عند الضرورة من أجل تحقيق التوازنات وهندسة الخرائط السياسية , حيث تكون هذه الحشود عبارة عن كتلة انتخابية احتياطية, يتم تسخيرها في الوقت المناسب .
إلا أن لعنة فيروس كورونا استطاعت أن تكشف عن بعض الخلايا الفيروسية النائمة التي كانت تنمو في غفلة عن الجميع , والتي تحولت من تشكيلات كانت تدعي المظلومية إلى خلايا عنقودية قابلة للإنفجار في أي لحظة , معلنة وبكل وضوح أنها ضد كل القوانين والتشريعات والعيش المشترك , وأن تواريها عن الأنظار في لحظة ما , لا يعني استسلامها , بقدر ما هو التريث واقتناء الفرصة المناسبة للإنقضاض على كل مكتسبات المجتمع المغربي وموروثه الثقافي والديني والعقائدي والإثني وتدمير النسيج الاجتماعي وهياكل الدولة .
وما الأحداث الأخيرة وإن كانت معزولة اقتصرت على بعض الأحياء الشعبية , لدليل ومؤشر على أننا أمام خطر أكثر فتكا من فيروس كورونا , لأن الأخير يمكن القضاء عليه عبر تشخيصه ومحاصرته , في حين أن الكائنات الفيروسبة يصعب رصدها وتحديد هويتها ومواقعها , لذلك فالمسؤلية أصبحت جماعية للتصدي لهذه الآفة التي كان وراء نموها وانتشارها وحتى دعمها أحيانا في وقت ما , رهانات سياسية مرحلية فاشلة , أبانت الوقائع والأحداث منذ التسعينات , أنها كانت اختيارات خاطئة مازلنا نجني تداعياتها المكلفة .

ادريس اقنيقن

عن موقع: فاس نيوز ميديا