فاس نيوز – موقع الجهة الاخباري 24 ساعة موقع اخباري لجهة فاس مكناس منكم و اليكم ننقل الرأي و الرأي الآخر
نص مسرحية “لعبة الشطرندلس “
تأليف حسن الفايز
قراءة في النص بقلم
الدكتور عبدالإله الوزاني الشاهدي
***************************************
إن قيمة حسن الفايز الإبداعية تكمن في المزاوجة بين التأليف والإخراج، وفي عملية الكتابة يجمع كل أصنافها من الإعداد والتأليف والاقتباس، لذلك فهو متعدد ومتجدد ومجرب.
وبالعودة إلى النص المسرحي «لعبة الشطرندلس»، فإن إصداره يعتبر حدثا مهما ليس لصاحبه حسن الفايز فحسب، بل للخزانة المسرحية المغربية، لأنه يعتبر حقا تجربة مسرحية جديدة في الكتابة المسرحية الساخرة.
في تقديم هذا النص المسرحي اعتبره نصا جديدا وغريبا ومثيرا ومدهشا في كل شيء. نص فيه عبثية تجادل المنطق، وفيه مشهدية تتجاوز الكتابة وهي تعيد ترتيب الواقع وتؤثثه بنفس الأحداث التاريخية التي نعرفها، مثل هذا النص لا يمكن أن نقدمه بالكلمات أو ننوب عنه في تقديمه إلى الناس لأنه مكتوب بلغة أخرى.
يعتبر نص «لعبة الشطرندلس» من بين النصوص المسرحية المغربية المنفتحة على تعدد الرؤى وبناء قراءات دلالية، لأنها تفسح المجال للقارئ وجمهور المتلقين للتأمل في منظومة لغاتها وموضوعاتها وحواراتها وشخصياتها…
فهو نص يحمل خطابا مسرحيا مغايرا، متأثرا بالأحداث السياسية والاجتماعية والوطنية والعربية، ويقدم نمطا من المعرفة تحرص على إيصال جمالية مسرحية تتغيى التواصل مع الجمهور، من أجل تحريك واقعه الساكن المهزوم، مازجا الواقع بالتاريخ متخذا إياه خلفية لإبراز القضايا المعاصرة للمواطن المغربي، موظفا الأسطورة والحكاية الشعبية والظواهر الفنية والتراث العربي الإسلامي، من أجل استغلال إمكانياته.
وقد عمد المؤلف إلى تطوير تصور جديد لمكونات الكتابة الدرامية كالشخصية، والمكان، والزمن، والحكاية والحدث… وهذا ما يجعلنا نصنف مشروع هذا النص ضمن النصوص التي حققت طفرة نوعية في مشروع كتابتها، وفي بناء رؤيتها.
إن «لعبة الشطرندلس» نص فرجوي يتأسس على لوحات ومشاهد تدور أحداثها وسط رقعة الشطرنج، تندرج فيما يسمى بمسرح الدوائر المغلقة، تعيش بداخلها شخصيات غرائبية في أطوارها وعجائبية في شكلها، فيتآمرون فيما بينهم أحيانا، ويتصارعون ويتحالفون من أجل بناء توازنات وتحقيق أحلامهم المختلفة أحيانا أخرى، مما يجعل انعكاساتها عليهم وخيمة ومآسيها النفسية تبقى قوية البشاعة والفظاعة.
في نص مسرحية «لعبة الشطرندلس» يلاحظ أن الشخصيات التي ارتداها المؤلف في نصه، لها مواصفات خاصة في أسمائها وأشكالها وهيئاتها وأحجامها، وقد صاغها المؤلف في سمات عجائبية تتسم بالكاريكاتيرية، لتفي بالحدث المأساوي الذي تعيشه، وتستحضر من خلاله العمق العبثي لتسخر مما وقع، وهي بذلك تقدم رسائل مشفرة في خطابها وتفكيرها، إننا نجد حالات ومواقف تراجيدية، وعلى المتلقي أن يفهمها ويحللها ليستخلص منها النتائج التي تساعده على صياغة مواقفه الخاصة.
وينبني الحوار في مسرحية « لعبة الشطرندلس » على أسلوب رصين ولغة واصفة، كتبها المؤلف بعين المخرج، وحدد معالمها من رؤية التقني، اختار ألفاظها بدقة متناهية
حسب كل شخصية وأبعادها النفسية والاجتماعية، وانتقى لذلك صيغا وجملا غير مألوفة من أجل خلق جو مسرحي متحرك تتفاعل فيه الشخصيات بين الاستفهام والتعجب والأمر والنداء، وما بين الترغيب والترهيب والعطف والرجاء، وما إلى ذلك…
وقد لازم هذا الحوار بعض الإرشادات المسرحية التي عمد فيها المؤلف إلى توجيه القارئ
أو المتلقي وتوهيمه بالفضاء المناسب والإطار الذي يرغب فيه، لتكون القراءة أو التعامل مع النص مبنيا على قصدية وملاءمة محددة موصوفة لكل شخصية وللجو العام للفضاء المسرحي.
هكذا ربط الفايز الخطاب المسرحي بالخطاب السياسي والاجتماعي، للكشف عن أسباب التخلف والتبعية المهيمنة على المجتمع المغربي خاصة والعالم العربي عامة وتحقيق التواصل مع الجماهير الشعبية المغيبة عن الفعل والقراءة.
