المصطلح النقدي عند الشاعر: ابن مقبل / الدكتور: عبد الإله الوزاني الشاهدي

 

الدكتور:

 

عبد الإله الوزاني الشاهدي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  1. مقدمة:

إن اللغة العربية هي لسان هذا العالم, والمتحدث الرسمي عن حضارتها حتى غدت محط اهتمام الدارسين ،وقد كان المصطلح من ابرز القضايا التي شغلت اهتمام هؤلاء الدارسين ليتناوله بالدراسة

والتحليل.

لقد شكلت المصطلحات النقدية العربية من خليط من التصورات ،استمد بعضها من عالم الأعراب وخيامهم (البيت ـ العمود) و من عالم سباق الخيل (المصلى) ،ومن عالم الثياب (حسن الديباجة ـ رقيق الحواشي مهلهل) ومن عالم الحروب والشجاعة (متين الأسر) ومن ظروف التصارع القبلي (النقائض السرقة ـ الرفادة ـ الإغارة) .
وقد استمد مصطلحات من عالم الطبيعة (هذا شعر فيه ماء و رونق)، ومن الحياة الاجتماعية (الطبع والصفة) بل استمدت مصطلحات من عالم الجن (الفحولة) ومن تجارب العرب في الترجمة (اللفظ والمعنى).
وهكذا نجد أن البواكر الأولى للمصطلحات النقدية – ثم التطور الذي آلت إليه من بعد- تحمل معطيات الحياة العربية من الجاهلية ( المعلقات ـ القصائد ) إلى صدر الإسلام (النقائض) إلى عصور الانحطاط (المعارضات ـ الموشحات).
وبتقدم الزمن و تعمق التجربة الثقافية تزود النقد بمصطلحات فلسفية ، مثل: (المعاني للشعر بمنزلة المادة الموضوعة والشعر منها كالصورة) مثل التشبيهات العضوية (الكلام جسد وروح، فجسده النطق وروحه معناه).
وقد بلغ الاتجاه الفلسفي للنقد أوجه على يد (حازم القرطاجي) في مصطلحات مثل (القوة الفائزة و القوة الصانعة والقوة الحافظة) وهذا عدا عدد من المصطلحات الأخلاقية مثل (الصدق والكذب والغلو والإغراق) ناهيك عما أدخلته المصطلحات البلاغية من استعارة وتشبيه وإدماج وإرداف و إطراف وإطناب وما أضافته في تزويد وافتعال مصطلحات السرقات الشعرية من ( مسخ و سلخ…إلخ([1].

  1. نبذة عن حياة الشاعر : ابن مقبل

تميم بن أبي بن مقبل العجلاني واحد من الشعراء المخضرمين بين الجاهلية والإسلام من بني العجلان بن عبدالله بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ولا تعرف سنة ولادته ولا وفاته، وهو أحد المعمرين عاش 120 سنة نصفها في الجاهلية. تزوج امرأة أبيه في الجاهلية، فلما أسلم فُرق بينهما  وكان يحبها، ولم يزل يذكرها ويحن إليها حتى وفاته.[2]

جعله ابن سلام في الطبقة الخامسة من فحول الشعراء الجاهليين، وأشار ابن النديم إلى أن القدماء وجهوا اهتمامهم إلى جمع شعره وشرحه.[3]

[1] المصطلح في التراث النقدي, د.رجاء عيد الناشر المعارف بالإسكندرية , ص6.

[2] طبقات فحول الشعراء، ابن سلام الجمحي، قرأه وشرحه/ محمود محمد شاكر، مطبعة المدني- القاهرة، د.ط، د.ت،1/143،150.

[3] الفهرست ابن النديم، مكتبة خياط، بيروت لبنان، د. ط، 1964، 224.

غير أن المتتبع لحياة هذا الشاعر يلاحظ قلة المصادر التي تناولته، وقلة ما ذكر عنه، ويلاحظ أيضاً إكثاره من الغريب، وأسماء الأماكن، فأغلب ألفاظ ديوانه بحاجة إلى العودة للقواميس اللغوية؛ لمعرفة معانيها، ويرجع ذلك إلى حياته البدوية وتمثله لها في شعره.

 

  1. المصطلح النقدي في نصوص الشاعر ” ابن مقبل”:
  • حَذاءَ:

( في العبريّة hadad ( حَاذَذْ ): حَذ، حَذّ، أسْرع ).
1 – القَطْع 2 – السّرْعة والخِفّة
قال ابنُ فارس: ” الحاءُ والذالُ أصلٌ واحدٌ يَدُلّ على القطْع والخِفّة والسّرعة ولا يَشِذّ منه شيءٌ “.
حَذّ فلانٌ الشيءَ ـُ حَذّا: قطعَه قطْعاً مُسْتأصِلاً ( عن ابن دريد ).
حَذّ ( كفرِحَ ) الشيءُ ـَ حَذذاً: كان أقطَع. فهو أحَذ، وهي حَذاء (ج) حُذّ.
وقصيدَةٌ حَذّاءُ: مُنَقّحة سائِرةٌ لا عيْبَ فيها. قال ابنُ مقْبل:
” مَنحْتُ نَصارى تغْلبٍ إذْ منْحْتُها * على نأيها، حَذاء باقية الغِمْرِ ”
 الغِمْرُ: الحِقْدُ والضّغينَة.
ولحْيَةٌ حَذاءُ: خفيفَةٌ. قال الشاعر:
” وشعْثٍ على الأكْوار حُذّ لِحاهُمُ * نفادَوا من الموْت الذريع تفاديا ”
ويدٌ حَذاءُ: قصيرَةٌ لا تصِلُ إلى ما يُريدُ صاحِبُها. وفي خبر عليّ – كرّم الله وجْهه -: ” أصُولُ بيَدٍ حَذاءَ “؟ (كَنّى بذلك عن قُصور أصحابه وتقاعُدهم عن الغَزْو ). ويروى: ” جَذّاء ” بالجيم.
ويَمينٌ حَذاءُ: مُنْكرةٌ شَديدَةٌ، يُقتطَعُ بها الحَقّ.
وقيل: هيَ أنْ يحْلِف صاحبُها بسُرعةٍ.
ومِنْ أمْثالهم: ” تزَبّدَها حَذاءُ “. أي ابْتلَعَها ابْتلاعَ الزّبْدِ.
وفي اللِّسان: قال الشاعر:
” تزَبّدَها حَذاءَ يعْلَمُ أنّهُ * هو الكاذِبُ الآتي الأمُورَ البَجاريَا”
] الأمْرُ البُجْريّ: العَظيمُ المُنْكرُ الذي لم يُرَ مِثْلُه [.
الحُذة: القِطعَةُ من اللحْمِ، كالحُزّةِ والفِلْذةِ.
قال أعْشى باهلة:
” تكْفيه حُذةُ فِلْذٍ إنْ ألمّ بها * مِن الشّواءِ، ويَكْفي شُرْبَه الغُمَرُ ”
ويروى: حُزّة. [1]

  • باقية:

[1] المعجم الكبير، مجمع اللغة العربية، القاهرة

ابن منظور هو صاحب لسان العرب؛ يقول أن الخُلد والخُلُود تعني البقاء في مكان لا يخرج منه أما صاحب الصحاح في اللغة والفيروزآبادي صاحب القاموس المحيط فيقولون أن الخلد والخلود هو دوام البقاء.[1]

مَنحْتُ نَصارى تغْلبٍ إذْ منْحْتُها * على نأيها، حَذاء باقية الغِمْرِ “

ويقصد الشاعر أن الحقد والضغينة باق لن ينتهي.

  • القوافي : وقافية – القوافيا.

 

قفاه واقتفاه وثقفاه : تبعه واقتفى أثره[2]، وقافية  كل شيء آخره [3] ، وقال أبو عبيدة: الأصل في القفو والتقافي : البهتان يرمي به الرجل صاحبه يقال : ” قفوت أثره واقتفيته:تبعت قفاه، والاقتفاء: أتباع القفا… وكني بذلك عن الاغتياب وتتبع المعايب.[4]

والعرب تسمي البيت من الشعر قافية، وكانوا يطلقون القافية على القصيدة كلها.[5]

ولقد اختلف علماء العروض والقوافي في تحديد المقصود بالقافية، فذهب قطرب النحوي،وأبو العباس ثغلب إلى أنها الحرف الذي تبنى عليه القصيدة والتي تسمى به،ودهب الأخفش إلى أنها الكلمة التي يختم بها البيت الشعري، وروجع في ذلك لأن معارضيه رأو أن القافية قد تكون كلمة، وقد تكون أكثر من أكثر أو أقل، الشيء الذي جعل كثيرا من العروضيين يتجاوزون قوله وينهجون نهج الخليل الذي اعتبر القافية من الساكنين الذين في آخر البيت مع ما بينهما من الحروف المتحركة ومع المتحرك الذي قبل الساكن الأول.[6]

وفي نصوص الشاعر ورد المصطلح مرة نكرة ومرتين معرفا في صيغة الجمع “القوافي”-“القوافيا” بمعنى القصائد و الأشعار.

وهو من الشعراء الذين أشاروا إلى اختيار القوافي، والتفنن فيها.

إِذَا مِتُّ عَنْ ذِكْرِ القَوَافِي فَلَنْ تَرَى     *    لَهَا تَالِياً مِثْلَي أَطَبَّ وأَشْعَرَا

ألا ترى كيف يذكر بصره بطب القوافي، هل سمعت بطبيب متخصص في القوافي ؟

  • بيتا:

 

الباء والياء والتاء، أصل واحد، وهو المأوى والمآب ومجمع الشمل، يقال: بيت وبيوت وأبيات، ومنه يقال لبيت الشعر بيت على التشبيه لأنه مجمع الألفاظ و الحروف والمعاني على شرط مخصوص هو الوزن…، والبيت عيال الرجل والذين يبيت معهم،وبيت الأمن إذا دبره ليلا.[7]

[1] لسان العرب، الصحاح، القاموس المحيط.

[2] لسان العرب.

[3] القاموس المحيط.

[4] المقاييس.

[5] المصطلح النقدي في نقد الشعر، ص 320.

[6] علم العروض والقوافي،ص 195.

[7] مقاييس اللغة لابن فارس، ص 324، الجزء 1.

 

قال الراغب :” أصل البيت مأوى الإنسان بالليل ثم قد يقال للمسكن بيت من غير اعتبار الليل فيه وجمعه أبيات وبيوت، لكن البيوت بالسكن أخص ، وفي استعمال الشعراء: هو القدر من الشعر المكون من شطرين على وزن معين.[1]

وقد ورد عند الشاعر نكرة في سياق الحديث و أنه من أكثر الشعراء اختياراً للبيت الشعري المارد العصي المتأبي الذي ضرب من أجله مفاوز وحزون حتى تيسر ، وأنه لجماله وروعته يتأمله الناس ويصنعون به كما يصنع المتأمل في الخيل الفارهة ويمسح الناس بأيديهم على وجهه وعرفه تعجباً من جماله وحسنه .

وأَكْثَرَ بَيْتاً مَارِداً ضُرِبَتْ لَهُ       *    حُزُونُ جِبَالِ الشِّعْرِ حَتَّى تَيَسَّرَا
أَغَرَّ غَرِيباً يَمْسَحُ النَّاسُ وَجْهَهُ      
*     كَمَا تَمْسَحُ الأَيْدِي الأَغَرَّ المُشَهَّرَا

  • الشعر: بشعره – وأشعرا.

 

تدل مادة ( ش ع ر) في المعاجم الغوية على أصلين: “يدل أحدهما على الثبات، ويدل الثاني على علم

وعَلَم. فالأول: الشعر معروف… و الواحدة شعرة… والباب الآخر: الشعار الذي يتنادى به القوم في الحرب، ليعرف بعضهم بعضا. والأصل قولهم : شعرت بالشيء : إذا علمت وطنت له”.[2]

الشعر وقد يسمى “الكلام المنظوم” من أهم فنون العرب الكلامية، وكان “ديوان علمهم ومنتهى حكمهم  به يأخذون وإليه يصيرون”.[3]

و الظاهر- بعد التأمل – أن الأصل الحسي الذي تطورت منه المادة كلها هو شعر الجسد. وقد تفرد الراغب يلمح ذلك في قولهم، القيم النفيس: الشَعر معروف.. وشعرت: أصبت الشعر،[4] ومنه استعير شعرت كذا [5] ، أي علمت علما في الدقة كإصابة الشَعر. وسمي الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته.

وفي أبيات الشاعر وردت كلمة “أشعرا”، وهي درجة قول الشعر، وهي معيار الجودة و الاستحسان في الشعر ويقابلها معيار الرداءة.[6]

وأشعرا: اسم تفضيل من الفعل شعر بمعنى: قال الشعر: أجاده، ولقد ورد عند الشاعر بصيغة اسم التفضيل في قوله:

 

إِذَا مِتُّ عَنْ ذِكْرِ القَوَافِي فَلَنْ تَرَى    *     لَهَا تَالِياً مِثْلَي أَطَبَّ وأَشْعَرَا

 

كما ورد هذا المصطلح منكرا مسبوقا بحرف جر “الباء” : بشعره. بمعنى قصيدته.

 

  • شاعر: شاعره – بشاعر.

[1] مصطلحات النقد العربي عند الشعراء الجاهليين و الإسلاميين ،الشاهد البوشيخي، ص184.

[2] مصطلحات النقد العربي عند الشعراء الجاهليين و الإسلاميين ، ص 99.

[3]  طبقة فحول الشعراء الجزء الأول، ص 24.

[4] مصطلحات النقد العربي عند الشعراء الجاهليين و الإسلاميين ، ص 99.

[5] نفسه، ص 99

[6] مجلة دراسات مصطلحية، العدد 8…

        شعر به: علم وأشعره الأمر وأشعره به: أعلمه إياه. والشعر: منظوم القول غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية وإن كان كل علم شعرا. وجمعه “أشعار”وقائله شاعر، لأنه يشعر مالا يشعر غيره أي: يعلم.وشعر: قال الشعر.

قال ابن وهب: ” الشاعر من شعر يشعر شعرا فهو شاعر… ولا يستحق الشاعر هذا الاسم حتى يأتي بما لا يشعر به غيره، وإلى ذلك ذهب ابن رشيق فقال: ” وإنما سمي الشاعر شاعرا، لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره، فإن لم يكن عند الشاعر توليد معنى، ولا اختراعه، أو استظراف لفظ وابتداعه، أو زيادة فيما أجحف فيه غيره من المعاني، أو نقض مما أطاله سواه من الألفاظ ، أو صرف معنى إلى وجه عن وجه آخر، كان اسم الشاعر عليه مجازا لا حقيقة ولم يكن له إلا فضل الوزن،وليس بفضل عندي مع التقصير”. وقال ابن سنان: ” وسمي شعرا من قولهم: ” شعرت ” بمعنى فطنت، والشعر الفطنة، كأن الشاعر عندهم قد فطن لتأليف الكلام”. وقال المظفر العلوي: ” وسمي الشاعر شاعرا لعلمه وفطنته”.

وللشاعر منزلة كبيرة عند العرب، وقد كانت القبائل تحتفل بنبوغ شاعر وتقيم الأفراح ويأتي إليها المهنئون. وكان الشاعر أرفع قدرا من الخطيب، ولكنه فقد منزلته حينما اتخذ الشعر مكسبة…، ولكن الشعراء – على الرغم من ذلك- ظلوا متميزين لأنهم كما يقول الخليل بن أحمد: ” أمراء الكلام يُصرفونَه أنى شاءوا ويجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم”.[1]

  • وخطيب: الخطيب

خطُب خَطابة: صار خَطيبا، ورجل خطيب: حَسن الخُطبة، وجمع الخطيب: خُطباء.

الاسم من الخطابة: خاطب مثل “راحم” فإذا جعل وصفا لازما قيل: “خاطب” كما قيل في راحم: “رحيم” وجُعل “رحيم” أبلغ في الوصف وأبين في الرحمة، وكذلك لا يسمى خطيبا إلا من غلب ذلك على وصفه وصار صناعة له.

وكان الجاحظ من أكثر القدماء حديثا عن الخطيب وصفاته وعيوبه، وأدقَهم في الكلام على ملابسه وجَهارة صوته وذلاقة لسانه. وقد ذكر أن الخطيب أصبح أفضل من الشاعر بعد أن انتشر التكسب بالشعر.[2]

وجاء المصطلح مرة نكرة ومرة معرفا عند الشاعر.

 

وخطيبِ أقوامٍ عَبَأْتُ لنارِهِ      *     مَطَرِي،فَأَطْفَأَهَا بِدِيمَة ِ وَابِلِ

                 بوفري العشيرة أعراضها            *    وخلعي عذار الخطيب اللسن

  • اللسن:

اللِّسانُ: جارحة الكلام، وقد يُكْنَى بها عن الكلمة فيؤنث حينئذ؛ قال أَعشى باهلة: إِنِّي أَتَتْني لسانٌ لا أُسَرُّ بها من عَلْوَ، لا عَجَبٌ منها ولا سَخَرُ قال ابن بري: اللِّسان هنا الرِّسالة والمقالة؛

[1] معجم النقد العربي القديم، أحمد مطلوب، الجزء الثاني، دار الشؤون الثقافية العامة، ص 55،56،57.

[2] معجم مصطلحات النقد العربي القديم، الدكتور أحمد مطلوب، مكتبو لبنان ناشرون، الطبعة الثانية، ص 222-223.

  • وخطيب: الخطيب

خطُب خَطابة: صار خَطيبا، ورجل خطيب: حَسن الخُطبة، وجمع الخطيب: خُطباء.

الاسم من الخطابة: خاطب مثل “راحم” فإذا جعل وصفا لازما قيل: “خاطب” كما قيل في راحم: “رحيم” وجُعل “رحيم” أبلغ في الوصف وأبين في الرحمة، وكذلك لا يسمى خطيبا إلا من غلب ذلك على وصفه وصار صناعة له.

وكان الجاحظ من أكثر القدماء حديثا عن الخطيب وصفاته وعيوبه، وأدقَهم في الكلام على ملابسه وجَهارة صوته وذلاقة لسانه. وقد ذكر أن الخطيب أصبح أفضل من الشاعر بعد أن انتشر التكسب بالشعر.[1]

وجاء المصطلح مرة نكرة ومرة معرفا عند الشاعر.

 

وخطيبِ أقوامٍ عَبَأْتُ لنارِهِ      *     مَطَرِي،فَأَطْفَأَهَا بِدِيمَة ِ وَابِلِ

                 بوفري العشيرة أعراضها            *    وخلعي عذار الخطيب اللسن

  • اللسن:

اللِّسانُ: جارحة الكلام، وقد يُكْنَى بها عن الكلمة فيؤنث حينئذ؛ قال أَعشى باهلة: إِنِّي أَتَتْني لسانٌ لا أُسَرُّ بها من عَلْوَ، لا عَجَبٌ منها ولا سَخَرُ قال ابن بري: اللِّسان هنا الرِّسالة والمقالة؛ ومثله: أَتَتْني لسانُ بني عامِرٍ، أَحاديثُها بَعْد قوْلٍ نُكُرْ قال: وقد يُذَكَّر على معنى الكلام: قال الحطيئة: نَدِمْتُ على لسانٍ فاتَ مِنِّي، فلَيْتَ بأَنه في جَوْفِ عَكْمِ وشاهد أَلْسِنَةٍ الجمع فيمن ذَكَّرَ قوله تعالى: واختِلافُ أَلسِنَتِكم وأَلوانكم.

اللَّسِنُ والمُلَسَّنُ: ما جُعِلَ طَرَفُه كطرف اللسان.
ولَسَّنَ النعلَ: خَرَط صدرَها ودَقَّقها من أَعلاها.
ونعل مُلسَّنة إِذا جُعلَ طَرفُ مُقَدَّمها كطرف اللسان. غيره: والمُلسَّنُ من النِّعال الذي فيه طُول ولَطافة على هيئة اللسان؛ قال كثير: لهم أُزُرٌ حُمْرُ الحواشي يَطَوْنَها، بأَقدامِهم، في الحَضرَميِّ المِلسَّنِ وكذلك امرأَة مُلسَّنةُ القَدَمين.
وفي الحديث: إِن نعله كانت مُلسَّنة أَي كانت دقيقة على شكل اللسان، وقيل: هي التي جُعلَ لها لسانٌ، ولسانُها الهَنَةُ الناتئة في مُقَدَّمها.
ولسانُ القوم: المتكلم عنهم.
وقوله في الحديث: لصاحب الحقِّ اليَدُ واللسانُ؛ اليَدُ: اللُّزوم، واللسانُ: التَّقاضي.
ولسانُ الميزان: عَذَبَتُه؛ أَنشد ثعلب: ولقد رأَيتُ لسانَ أَعْدلِ حاكمٍ يُقْضَى الصَّوابُ به، ولا يتَكَلَّمُ يعني بأَعدلِ حاكم الميزان.
ولسانُ النار: ما يتشَكلُ منها على شكل اللسان.[2]

  • بابات:

إنما عنى بالبيت القبر، ولما جعله بيتا، وكانت البيوت ذوات أبواب، استجاز أن يجعل له بابا. وبوب الرجل إذا حمل على العدو. والباب والبابة، في الحدود والحساب ونحوه: الغاية، وحكى سيبويه: بينت له حسابه بابا بابا.
وبابات الكتاب: سطوره، ولم يسمع ما بواحد، وقيل: هي وجوهه وطرقه. قال تميم بن مقبل:
بني عامر! ما تأمرون بشاعر، *   تخير بابات الكتاب هجائيا
وأبواب مبوبة، كما يقال أصناف مصنفة. ويقال هذا شئ من بابتك أي يصلح لك. ابن الأنباري في قولهم هذا من بابتي. قال ابن السكيت وغيره: البابة عند العرب الوجه، والبابات الوجوه.
وأنشد بيت تميم بن مقبل:
تخير بابات الكتاب هجائيا
قال معناه: تخير هجائي من وجوه الكتاب، فإذا قال: الناس من بابتي، فمعناه من الوجه الذي أريده ويصلح لي.
أبو العميثل: البابة: الخصلة. والبابية: الأعجوبة. قال النابغة الجعدي:
فذر ذا، ولكن بابية * وعيد قشير، وأقوالها
وهذا البيت في التهذيب:
ولكن بابية، فاعجبوا، * وعيد قشير، وأقوالها

[1] معجم مصطلحات النقد العربي القديم، الدكتور أحمد مطلوب، مكتبو لبنان ناشرون، الطبعة الثانية، ص 222-223.

[2] لسان العرب.

بابية: عجيبة. وأتانا فلان ببابية أي بأعجوبة. وقال الليث: البابية هدير الفحل في ترجيعه قوله الليث: البابية هدير الفحل إلخ الذي في التكملة وتبعه المجد البأببة أي بثلاث باءات كما ترى هدير الفحل.

وهذا بابة هذا أي شرطه.
وباب: موضع، عن ابن الأعرابي. وأنشد:
وإن ابن موسى بائع البقل بالنوى، * له، بين باب والجريب، حظير
والبويب: موضع تلقاء مصر إذا برق البرق من قبله لم يكد يخلف. أنشد أبو العلاء:
ألا إنما كان البويب وأهله * ذنوبا جرت مني، وهذا عقابها
والبابة: ثغر من ثغور الروم. والأبواب: ثغر من ثغور الخزر. وبالبحرين موضع يعرف ببابين، وفيه يقول قائلهم:
إن ابن بور بين بابين وجم، * والخيل تنحاه إلى قطر الأجم [1]

  • هجائيا: الهجاء:

    هجاه يهجوه هَجْوا أوهجاء: شتمه بالشعر، وهو خلاف المدح. والمُهاجاة بين الشاعرين يتهاجيان. وهاجيته: هجوته، وهَجاني. وهم يتهاجون: يهجو بعضهم بعضا.[2]

وهو بمعني منها:

1- تعلم قراءة الحروف وتحديدها: ومثاله قيل لرجل من قيس: أتقرأ القرآن؟ فقال: و الله ما أهجوا منه حرفا.[3]

وهذا يظهر جليا في قول الشاعر ابن مقبل:

بني عامر، ما تأمرون بشاعر      *     تخير بابات الكتاب هجائيا

2- ذم الإنسان وهو بهذا نقيض المدح، قال الخليل في معجم العين:هجا يهجو هجاءً:ممدود وهو الوقعية في الأشعار.[4]

3- المقدار والمقياس: فلان على هجاء فلان: على مقدار في الطول والشكل.

فالمعنى الأول حقيقي، والمعنيان الثاني والثالث مجازيان.[5]

والمعنى الثاني هو المعتبر في الاصطلاح الأدبي لأن الهجاء هو فن الوقعية والقذف بالشعر.[6] وهو مرتبط بصراع الإنسان ضد أخيه الإنسان من أجل إثبات الذات، و الدفاع عن الأحساب والأنساب، ومما يؤجج هذا الصراع الحسد وتعارض المصالح والرغبات.

وإذا كان من الأغراض التي أذكتها النزعة القبلية، فقد ساهم هم الآخر كالمديح في تطور

[1] لسان العرب – ابن منظور – ج ١ – الصفحة ٢٢٤.

[2] لسان العرب.

[3] العمدة، ج1/120.

[4] معجم العين ، ج4 / ص 67

[5] المصطلح النقدي في نقد الشعر، ص 380.

[6] نفسه ، ص 380

الشعر حتى إن بعض الرواة والنقاد اتخذوه مقياسا لتصنيف الشعراء إلى فحول أو العكس.[1]

 

  • سُرقات:

       سرق الشيء يسرقه: أخده بخيفة، والسرقة: الأخذ بخفية. فطن العرب منذ عهد مبكر إلى التجديد و التقليد، وفرقوا بين الابتداع والإتباع، ووضعوا لذلك قواعد وأصولا. والسرقات قديمة في الأدب العربي، وقد وُجدت بين شعراء الجاهلية، وفطن النقاد والشعراء إليها ولحظوا مظاهرها بين امرئ القيس، وطرفة بن العبد، وبين الأعشى، والنابغة الذبياني، وبين أوس بن حجر، وزهير بن أبي سلمى. وكان حسان بن ثابت يعتز بكلامه وينفي عن  عانية الأخذ و الإغارة، قال:

لا أسرق الشعراء ما نطقوا     *        بل لا يوافق شعرهم شعري[2]

وقول تميم بن مقبل : ( فأما سراقات الهجاء فأنها  *  كلام تهاداه اللئام تهاديا ) جعل السراقة فيه : اسم ما سرق ، كما قيل : الخلاصة والنقاية : لما خلص ونقي .
وسرق الشيء سرقا : خفى .[3]

  • الثناء:

 

في المعاجم مأخوذ من الثني، وهو العطف ورد الشيء بعضه على بعض ومنه ثنيت الثوب، إذا جعلته اثنين بالتكرار، وبالإمالة والعطف…

فأطلق اسم الثناء على تكرار ذكر الشيء مرتين، فالمثنى مكرر محاسن من يثني عليه مرة بعد مرة أخرى…[4].

والثناء: الكلام الجميل وقيل هو الذكر بالخير ومجاز في الشر على ضرب من التأويل و المشاكلة والاستعارة والتهكمية…[5]

وهو بهذا المعنى أعم من المديح الذي يكون من الأدنى إلى الأعلى فقط، في حين أن الثناء قد يكون منتظرا من كلا الطرفين، الأدنى والأعلى على حد سواء، بحيث تذوب فيه الفوارق بين الغني و الفقير وتسقط فيه الكلفة و التصنع لأن الهدف منه بالدرجة الأولى ، ليس هدفا ماديا بقدر ما هو إنساني محض.

والمدح ثناء حسن كما قال أبو البقاء في كلياته.[6]

 

خاتمة:

[1] نفسه.

[2] [2] معجم النقد العربي القديم، أحمد مطلوب، الجزء الثاني، دار الشؤون الثقافية العامة، ص 40.

[3] المحكم و المحيط الأعظم،أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي، ج6/ ص 230.

[4] مصطلحات النقد العربي، ص 226.

[5] نفسه، ص 226.

[6] معجم الكليات ، ص 857.

يتضح لنا أن المصطلح النقدي عند الشعراء العرب بدأ قويا صلبا، بصلابة وقوة البيئة العربية الصحراوية، فوجد بذلك الطريق ممهدا للاستعمال الجيد، وأن العرب عامة والشعراء خاصة كانوا أصحاب بلاغة وفصاحة يملكون رؤية شعرية واضحة، وأن مصطلحاتهم خير شاهد على المرحلة التاريخية التي عاشوها، إذ تعبر بدقة عن تفاصيل الإنسان العربي القديم قبل أن تدخل في غمار الاصطلاح النقدي. وبما أن شاعرنا مخضرم ،فإنه كان لازما أم تأتي مصطلحاته جاهلية قوية تامة الاصطلاحية في كل شيء ، منها مايدل على أغراض الشعر مثل: الهجاء والثناء وأخرى تدل على أجزاء الشعر: كالقوافي والبيت، وأخرى تدل على مقابلات الشعر: كالخطبة.

 

وأخيراً أتمنى أن أكون قد وفقت في موضوعي هذا، فإن أصبت فبتوفيق من الله تعالى، وإن قصرت فمن نفسي.
(رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ).

 

               صدق الله العظيم

 

 

 

 

 

 

 

المصادر والمراجع:

 

  • لسان العرب، ابن منظور الإفريقي، دار صادر-بيروت-لبنان.ج/1، ج/.5.

 

  • معجم العين، الخليل بن أحمد الفر اهدي، ت د. مهدي المخزومي،ود.إبراهيم السمرائي.

 

  • معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق وضبط عبد السلام هارون، دار الفكر ج/6.

 

  • القاموس المحيط، الفيروزبادي، تحقيق مكتبة التراث، مؤسسة الرسالة.

 

  • الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري،تحقيق أحمد عبد الغفور، دار العلم للملايين.

 

  • العمدة، ابن رشيق القيرواني، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط. الرابعة دار الجيل بيروت لبنان 1972م ج1.

 

  • المحكم و المحيط الأعظم،أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي، ج/6

 

  • معجم الكليات، أبي البقاء الكفوي، تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة.

 

  • المعجم الكبير، مجمع اللغة العربية، القاهرة.

 

  • طبقات فحول الشعراء ، ابن سلام الجمحي.تحقيق محمود شاكر.الطبعة الثانية – القاهرة 1974م.

 

  • الفهرست، ابن النديم. تحقيق رضا تجدد.طهران.

 

  • المصطلح في التراث النقدي, د.رجاء عيد الناشر المعارف بالإسكندرية.

 

  • مصطلحات النقد العربي عند الشعراء الجاهليين والإسلاميين ،الشاهد البوشيخي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس.

 

  • مجلة دراسات مصطلحية، عن معهد الدراسات المصطلحية العدد 8، 1929/2008، كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مقال: مصطلحات الاستحسان والاستقباح في أحكام الجاحظ الفنية ودلالتها الفنية، الدكتور عبد الرحيم الرحموني.

 

  • معجم النقد العربي القديم، أحمد مطلوب، الجزء الثاني، دار الشؤون الثقافية العامة.

 

  • المصطلح النقدي في نقد الشعر، إدريس النقوري، دراسة لغوية تاريخية نقدية.

 

  • تيسير علم العروض والقوافي،تأليف الأستاذ محمد عبد العزيز الدباغ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس.