المنطقة (1) لن تكون البطل الناجي من “كورونا” المستجد.
محسن الأكرمين.
الحلقة الأخيرة من الجزء الأول للفلم التراجيدي المرفق بموسيقى الخوف والفزع من “كورونا” العالمية قد انتهت بمخلفات. مخلفات قد نقول عنها ولو بحكم قيمة قد فوتناها بأقل الخسائر مما كنا نتوقع، وما قد توقعته مندوبية لحليمي(18مليون في حالة رفع الحجر الصحي). المتابعة الجماعية للحلقة الأخيرة كان بطلها بامتياز السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، فيما عملت التسريبات على إجراء متغيرات في تواريخ الحلقة الأخيرة والمدن التي احتلت المنطقة (1) ومررت ضمن جينيريك البطولة والتنافسية.
ما أبهى سياسة التشويق لاجتذاب المتابعة الكلية والمشاهدة لما يدور بقبة البرلمان، ما أسوء حرق الخلايا المبقية مما استهلكه الخوف والفزع والضغط النفسي مع الجائحة. ما أربك التخمينات في عز الأزمة الوبائية والاقتصادية والاجتماعية وأنت تنتظر الإفراج المؤقت من”الحجر الصحي”. ما أسوأ سياسة التشويق (التواصل عن بعد) و نحن نتكهن خارطة طريق في الأمتار الأخيرة ليوم (10يونيو) سالكة بأمان نحو العودة إلى الحياة العادية.
لم يعد لنا بدا من التعايش بالاحتراس والاحتراز مع فيروس”كورونا”. لم يعد ذاك الفزع المتقوي بعضلاته الفتاكة حين داهمتنا الجائحة مخيفا للمغاربة. لم يعد يشكل هاجس الإصابة فزعا أو مصيبة مريرة مادامت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية قد سادت واستقوت بتزايد أشهر “الحجر الصحي” وباتت هي الوباء بعينه ونحن مقبلون على عيد الأضحى. قد نثفق بحقيقة كلية أن جائحة “كوفيد 19″ستبقى و تطول إن لم تتمكن المختبرات الطبية من اكتشاف لقاح أو دواء معين بالتخصيص له، ولم يتبق لنا ممكنا غير التساكن والتعايش معه. قد يساوي فيروس”كورونا” بالتمام وباء الفساد ونحن نبحث في فصول الحكامة للحد من تجلياته وانتظام الحياة بدون فوارق اجتماعية ولا خشونة اقتصادية و لا تغرير سياسي، ولا “كورونا” مستجد.
الآن، بات التساكن مع الوباء ممكنا، باتت محاربة الفساد والبحث عن نموذج تنموي جديد يتفاعل مع أولويات الطبقات الشعبية ممكن التمكين. الآن، بات استعادة التعايش مع الفيروس بالاحتياطات اللازمة جراء تقلص الإصابات وتحويطة البؤر والمخالطين بالتحاليل المخبرية السبقية. الآن، باتت حالات الشفاء تفوق حالات المتواجدين بالمستشفيات عنصرا دالا بأن المملكة شرعت في تجفيف الوباء ومحاصرته. الآن، الوضعية الاقتصادية والمالية للدولة أضحت مقلقة حد تعليق سقف الدين الخارجي (سابقا) مما يسمح باقتراض المزيد من العملة الصعبة للتعامل مع تداعيات فيروس “كرونا”. الآن، الوضعية الاجتماعية أمست مقلقة وبات من الأفضل خلق انفراج اقتصادي بحذر وتأهب، والدفع بالحركة الاقتصادية نحو حركة السوق والأعمال التنافسية. الآن، أبانت لنا “كورونا” فجوات مميتة من اقتصاد غير مهيكل، واقتصاد ريع، واقتصاد لم يقدر الصمود ولو (3أشهر/ المدارس الخصوصية/ مجموعة من المقولات والشركات…). أبانت عن هشاشة اجتماعية لم يستطع الإحصاء العام للسكنى والسكان تضمينها ضمن مخططاته و بيانات هندسته الاقتصادية (السجل الاجتماعي)، و بقيت ملاحظاته دائما تخلق زوبعة بدون غبار. أبانت أن منظومة الدولة الشمولية لازالت تتحكم، ويمكن أن يكون لها الفضل في النجاة وبر الأمان الاحتياطي. أبانت أن السلطات المحلية أظهرت حنكة في التفاعل مع الخطر المداهم وكانت أمينة وحريصة على الأمن الصحي للوطن والمواطنين، أبانت أن التلوين الأمني ومكونات البنية البشرية والتحتية للصحة العمومية كانت السند الضامن على محاصرة الوباء واشتغلت بحرفية ووطنية أبهرت العالم. أبانت أن الشعب المغربي والمجتمع المدني لازال يحمل بقايا من وصايا أخلاق العناية في التآزر والتضامن.
لن نميز بين المناطق ولن نتخذها نكتا هزلية سمجة، بل لا بد من الإبقاء على الملحمة التضامنية حاضرة ومستمرة إلى حين تحريك عجلة التنمية الوطنية برؤية وطنية، وبغياب وباء الفساد والمفسدين عن الاقتصاد الوطني والفعل السياسي، و كذا القضاء على مخلفات الأوبئة المتنوعة نهائيا.
عن موقع: فاس نيوز ميديا