ديمقراطية الجار والمجرور بمجلس جماعة مكناس.
متابعة للشأن المحلي محسن الأكرمين.
حين يمكن استحضار روح الفلسفة السياسية بمدينة مكناس نجد أنّها لا تستقيم وقوفا إلا بالتبعية والاستناد على كل حروف الجار والمجرور، نجدها قد أنتجت سمّا رحيما قتل أفضل المناضلين إما بالتهميش أو بفخاخ المكائد البئيسة، نقف بالتمام أنها أنتجت جيلا جديدا من التابعين والمصفقين والوصوليين وليس بالمناضلين التفاعليين مع قضايا المدينة. سياسة ديمقراطية الجار والمجرور قلصت من صناعة (كاريزما) سياسية مقنعة وجذابة بمكناس، كاريزما تلهم الجميع على الاشتغال بمنطق (التنافسية و امتياز التدافع الشريف)، كاريزما ترجع ثقة الساكنة في الفاعل السياسي المحلي، وحتى في اللعبة السياسية.
فمن خلال القراءة الوصفية للمشهد السياسي بمكناس نقف على كفاف الحقل السياسي بالتنوع في إنتاج وجوه سياسية تمتلك رؤية تسيير المدينة بأحقية الغيرة والابداع، وتدبير شأنها المحلي بمؤشر واحد ووحيد عودة التوهج لمكناس. نقف على إجابات تنتقد سياسة العمامة الواحدة في مجلس الجماعة، وتنامي ألسن المباركة (الموافقة والمصادقة) على كل نقط وقرارات جدول أعمال المجلس. قد ننتقد سياسة تدبير شأن المدينة بالتوافق والاتفاق المسبق قبل الجلوس في دورات المجلس العمومية المفتوحة، قد نسجل أن مكتب جماعة مكناس يدبر أوراق الشأن المحلي اليومية وفق منطلقات تدبير أزمة (كورونا) بالحجر عن التنمية، ولا يحفل بتطبيق برنامج عمل الجماعة (2016/2021) بأجزاء مجالاته الثمانية، نقف أن مجلس جماعة مكناس يشتغل على تيمة التوافق (هاذي عندك،هاذي عندي) بدل الاختلاف البناء، وتحميس الساكنة على تقوية آليات تقويم ومراقبة الشأن المحلي.
ديمقراطية الجار والمجرور بمكناس ضيعت على المدينة حدود التنافسية الإنمائية، أفرز لنا ناخبا (ة) منقادا لا يتعب نفسه في المساءلة (عما تم تحقيقه) ولا في البحث عن الاختيارات السليمة وأسماء التفضيل بعد سنة (2021) الانتخابية، أنتجت ناخبا(ة) يعيش على تخمة استنساخ اللعبة السياسية وحلول (قدي وعدي) وأنا (البديل الأفضل والممكن). فسياسة الجار والمجرور أضحت مثل خياط الفقراء (تيفصل على مقاس تفكيره) والساكنة مكرهة على أن تلبس تلك الاختيارات السياسية والتنموية حتى ولو كانت معيبة بلا رقابة من مجتمع مدني مهيكل.
فمن النتائج السلبية لسياسة الجار والمجرور بمجلس جماعة مكناس موت التدافع السياسي بالمدينة، وبرودة توابل المعارضة البناءة الصادحة بالحق، وحتى الفعل السياسي افتقد وهجه بالمدينة وزادته طينة (كورونا) بلّة، حين اختفى الفاعل السياسي عن ساحة تأطير الوعي ومساندة الساكنة في تخطي فزعها. إنها حقا سياسة الجار والمجرور التي أفقدت روح الديمقراطية التشاركية قيمتها الدستورية، وألقت بالجميع نحو التدبير التمثيلي، قال لكم (السيد الرئيس).
مكناس تفتقد إلى وجه بريق بطل سياسي (كاريزما زعيم) تنافسي، ولا تفتقد إلى هيبة (الأب/ الكفيل) السياسي وأدواره في تطييب الخواطر ولعب دور رجل الإطفاء. تفتقد حقيقة إلى قاعات إنعاش روح الفلسفة السياسية بالمدينة والانتهاء من سياسة جار ومجرور، فقد باتت لوائح الأحزاب السياسية تحمل في قفة واحدة بلا تمييز في الوجوه الممكنة الوجود ولا في العلامات السياسية. مكناس تعيش زمن الديمقراطية التمثيلية المتمركزة على صيغة الجار والمجرور بالإضافة السالبة في الحركة والقرارات (إلغاء منح دعم الجمعيات سنة 2019 دون الرجوع إلى مكونات المجلس بدورة علنية ولو استثنائية عن بعد).
هي المدينة التي تتعطل فيها أشكال الديمقراطية التواصلية، حين يصبح الشأن المحلي في خبر الجار والمجرور بالصمت ولا يقدر أعضاء المجلس إشهار ورقة (الرفض) في وجه قرارات قد لا تخدم مكناس البتة، حين تجد من كان يسمى (اليسار المعارض وغيره من الوسط) يتوددون للأغلبية ويؤمنون بها حد التبشير!!!حين بات الطموح السياسي بالتدافع النزيه داخل مكونات الأغلبية وفي شق المعارضة كسولا ولا يقدر حتى على قلب المعادلة الانتخابية بالأرقام التوقعية وصناعة القادة، من هنا يمكن أن نقول أن:” مكناس تعيش تكاسل ممثليها في طرح مجموعة من الإشكالات التنموية المعطلة بالمدينة بأرشيف (برنامج عمل الجماعة)، تعيش زمن الولاءات التوافقية وتشكيل أكبر أغلبية مطلقة على صعيد المجالس الجماعية بالمغرب”.
هنالك خلل في البناء السياسي بمكناس يجب تداركه قبل أن تداهم الانتخابات المدينة وتزيد من قلق الشارع بعد الفزع من فيروس “كورونا” المستجد، هنالك نكوص في سلم الثقة في السياسي وفي قراراته التي تبدو أنها لا تخدم شمولية المدينة التنموية، هنالك نعوت مسبقة تبقي الأفواه التي تستمع إليها تردد (آش عندهوم ما يديروا، راه هي ديمقراطية الجار والمجرور) بمكناس.
عن موقع: فاس نيوز ميديا