بحق لا أفعّل استعمال أسماء التفضيل ولا التصغير، بحق أبتعد بمساحة فارقية عن أحكام القيمة الجزافية، لكني اليوم لم أجد بديلا من التعبير بأن دورة (يوليوز2020) بمجلس جماعة مكناس كانت استثنائية بكل المقاييس ورسبت في الشد على مخرجات حصينة، كانت أكسل حصيلة لما سبقها من الدورات الماضية، ولم تعرف تلامسا لسانيا ولا معارضة بينة بحد التصفيق ورفع الدورة للتوافق، ولا نقاشا معمقا في سبيل تسجيل نقطة نظام (أن المجلس يعقد دورته الاستثنائية لكي يتعايش مع وباء (كورونا)، ويرسل كذلك صورة مسوقة للساكنة بالتكيف الاحترازي). لم تكن الدورة تحمل بحق من اسم الدورة الاستثنائية إلا ذاك التباعد الموضعي بين أعضاء المجلس ،والجلوس في صفوف ممتدة بالطول تغطي مساحة القاعة الكبيرة للمؤتمرات بحمرية. فيما المغيب في دورة الاستثناء هي انتظارات ساكنة مكناس وتطلعاتهم (ما بعد زمن كورونا) ولو برؤية المستوى المتوسط. أقول كانت بحق أرسب دورة منذ تشكيل المجلس.
حين جلست الصفوف المرتبة مثل الفصل الدراسي تبين رسوب نتائج الدورة الاستثنائية، تبين أن اللقاءات عن بعد لم تكن مثمرة وقرر الرئيس دورة استثنائية حضورية (مواجهاتية) في الجلسة لا في النقاشات التفاعلية. رسوب الدورة الاستثنائية واحتلالها الصف الأخير في المخرجات، ليس في مكونات المجلس ولا في الجلسة العمودية، رسوبها جاء من حمولة نقطها والتي لا تحمل قيمة مضافة للمدينة، رسوبها حين تم تغييب تطلعات الساكنة في مداواة مرتدات أزمة (كورونا) والأخذ بيد الساكنة دعما اجتماعية وتوسيع أخلاق العناية بالشفافية الكافية، رسوبها في أن مجلس مكناس بات يستعرض التشخيصات والإحصائيات (الإصابة والفتك والتحليلات المخبرية) ولا يضع هندسة توقعية لكل الاحتمالات والإجابة عن سؤال: كيف نحافظ على الأمن الصحي بمكناس؟ رسوبها حين صادق المجلس على مناولات قام بها مكتب الجماعة منذ مداهمة الوباء للمدينة (26 مارس)، رسوبها حين يتم تغييب مناقشة أثر (كوفيد 19) على المدينة والساكنة والاقتصاد والتنمية من موجهات الايجابية والسلبية وبسط البدائل، رسوبها حين لم يقدر المجلس الإجابة عن سؤال فريد، ماذا يجب أن نفعل من جهد التمكين المضاعف للحد من معيقات ومرتدات الوباء على المدينة والأداء؟ رسوبها حين لم تحمل مصادقة ثانية على ميزانية التقشف بحدود نهاية السنة 2020، رسوبها حين لم يتم التطرق إلى مجموعة من قرارات وزارة الداخلية التوجيهية للجماعات المحلية والدعوة الصريحة إلى تدبير التقشف بحكامة.
قد غابت الأسئلة حين لم يضع المجلس خارطة طريق لبياضات ما تبقى من السنة المالية بمتممات واضحة (مالية تخطيطية تقشفية)، ويبسط وجهة نظره حول سبل البقاء ضمن منظومة التنمية في نفس السلم كأضعف الإيمان، حين غاب التصور عن التقشف الآتي بالفرض لا باختيار، حول الموارد المالية المتناقصة والتي ممكن أن تزيد حدة، وحول ما ستعانيه الساكنة مستقبلا إن نحن بالمدينة لم نستنهض الهمم لأجل خطة الإنقاذ من إفلاس مالية الجماعة.
التلازم بين التطلعات والانتظارات يستوجب النجاح في تفعيل نقاش حاد بين أعضاء مجلس جماعة مكناس حول النموذج التنموي الذي يمكن أن يتعايش مع (كوفيد 19) وما بعد زمن (كورونا)، التلازم السياسي يقتضي من المجلس الثورة على المقاربة التقليدية (الدراسة والموافقة) بتغييب رؤية المجلس في التخطيط والتصورات سبل الإنقاذ. فالمشكلة بمجلس جماعة مكناس ليست إنعاش التنمية في حد ذاتها، بل في الخوف من مسالك التغيير لأدوار المجلس مع قضايا الساكنة والمدينة، في القفز عن المعيقات الحقيقة و الانكباب على تطوير أداء المجلس، والبحث عن منافذ داعمة من الجهة والدولة، وكذا في تطوير سنة التوافق الذي يعيشها المجلس بامتياز (الدراسة والموافقة بالإجماع) وخلق متغيرات كبيرة على صعيد المدينة برؤية موحدة، و تسجيل أن مكناس تشكل أكبر أغلبية تاريخية في تدبير المدينة.