قد لا يحمل برنامج عمل جماعة مكناس (2016/2020) حلولا سحرية لكل إكراهات واختلالات المدينة المتقادمة والآتية كذلك من نسيان الحاضر والمستقبل. قد يكون نقلة نوعية توثق الانتقال من ارتجالية التسيير والتدبير الورقي اليومي لمشاكل المدينة إلى برنامج عمل متعاقد عليه مع الساكنة والمدينة (بمداخل 2016 ومخرجات 2021). حقيقة لا يمكن القفز عنها بصيغة التلهي ولا التنقيص، وهي أن برنامج عمل جماعة مكناس يعتبر نقطة ضوء إستراتيجية، وتفكير تخطيط بمؤشرات تصحيح وضعيات مدينة…، ومعالجة ممرات سوء تدبير الماضي وفجوات حاضر المستقبل. برنامج يستشرف قيمة عزيمته بالأفق التنموي وتنويع مصادر التمويل !!! برنامج انكب بشكل جدي على تشريح حاجيات المدينة وكيفية صناعة (مدينة ذكية !!!)، برنامج شخص إمكانيات الجماعة المادية والبشرية (بالتفريط)، برنامج حمل رؤية المحلل الاقتصادي والسياسي والمدني من حيث ” الموارد المفترضة والنفقات التقديرية الممكنة”.
لنتفق منذ البداية أن (برنامج عمل جماعة مكناس) يمكن اعتباره وثيقة مرجعية تعاقدية (تحمل جودة التصورات)، وتحدد رؤية مكتب مجلس الجماعة (أغلبية) بأفق (التدبير بالنتائج)، ووثيقة تخطيطية تحمل”رؤية والتزامات ومهام وكذا مسؤولية الجماعة والمتدخلين (الشركاء)، كما توضح الآليات و الأدوات اللازمة لتحقيق الأهداف المتوقعة في المدى المتوسط (2016-2021)”.
هذا كله من بين حسنات القانون التنظيمي (رقم 14-113 ) المتعلق بالجماعات الترابية، والذي ألزم الجماعة على إنجاز برنامج عمل الجماعة طبقا لمقتضيات (المادة 78) يتضمن”جميع الأعمال التنموية المقرر إنجازها أو المساهمة فيها بتراب الجماعة خلال مدة ست سنوات… بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية، ووفق منهج تشاركي وبتنسيق مع عامل العمالة…”.
فإذا كان دستور المملكة (2011) قد مكن الجماعات الترابية بصلاحيات واسعة في تسيير الشأن المحلي، وجعل منها الفاعل الركيز. فإن الفكر المؤسساتي التشاركي اقتضي فتح بوابة الشفافية في التشخيص والتنزيل والتتبع وصولا إلى تقييم الأداء، و جمع شتات الحصيلة بارتباطها مع المستجدات المحلية والجهوية والوطنية.
قد لا نقف عند حسنات التخطيط ومعيرة المنجزات بالصور الثلاثية الأبعاد وحسن التعبير المدبّج في (برنامج عمل الجماعة)، لكنا من هذه الحلقات التقويمية لمسار عمل مجلس جماعة مكناس (2016/2021)، نهدف إلى فرك المنجزات وإحصاؤها بالتحقق أو التأجيل أو غير المتحكم فيها، ومعرفة كذلك قيمة تلك المنجزات الموضعية وأثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على المدينة. نبتغي صدق المخرجات بالجودة والتمكين، لا بتراتبية المنجزات (الترقيعية التراكمية) التي تنصب على عمليات التصويب والترميم. وبالختم، سنتناول الحديث عن تلك المنجزات التي لا دخل للمجلس مكناس فيها إلا بحضور صورته عند التدشين .
قد لا نكون في شق ذكر إجحاف التنمية بالمدينة ونكوصها من يسار المعارضة، إذا ما قلنا أن (برنامج عمل الجماعة) يغيب كليا عن حديث دورات المجلس، قد نحتكم إلى تسجيلات الدوارات منها العادية والاستثنائية لنكتشف أن هذا البرنامج بات في حكم النكرة والإغفال برفوف مكتب المجلس. قد نقر أن التقويم الشكلي الذي حضي (طيفه) به لم ينل حقه في إعادة ” تحيينه ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ طبقا (للمادة 80)… و يعمل به إلى غاية السنة الأولى من الانتداب الموالي التي يتم خلالها إعداد برنامج عمل الجماعة المتعلق بالمدة الانتدابية الجديدة”.
لنكن أكثر مصداقية وبدون اندفاع هجومي، ونترك لنا حصة للتفكير الجماعي و بالصوت المسموع، وذلك عبر استتمام الإجابة عن بعض الأسئلة المتنوعة، والتي سنتناولها بالتتبع في حلقات السلسة القادمة: هل حقا تم تحسين ظروف عيش ساكنة المدينة خاصة بالأحياء الهامشية التي تفتقر إلى البنية التحتية الضرورية و تجهيزات القرب الأساسية؟ هل تم توفير خدمات عالية الجودة لجميع المواطنين، وكذا توفير بيئة معيشية سليمة في إطار نموذج تنموي تمكيني/ تفاعلي؟ هل تم تحديد المؤشرات التنموية الواعدة (حلم المدينة الذكية) اعتمادا على تشخيص تحليلي، و التزامات تطوير الأداء؟ هل تمت تعبئة الفاعلين والشركاء المحتملين من أجل تحقيق رؤية واضحة لمستقبل المدينة؟ هل تم تحديد أثر المشاريع ذات الأولوية بالنسبة للسنوات الست القادمة (2016-2021)؟ هل تم تهيئ المبادئ التوجيهية (مخاطر الاحتمالات) التي ستساعد على تنفيذ برنامج العمل الجماعي، وتحديد أدوار المتدخلين، وتنويع الموارد؟ هل حقا أهداف برنامج العمل وضع صورة مستقبلية لمدينة مكناس، أم هو يحمل مجالات المعيارية الممانعة غير القابلة للتطبيق؟ هل برنامج عمل الجماعة لم يراع الواقعية والبساطة ونكوص الإمكانات (جفاف المداخيل) وغياب المال العام عن مشاريع المدينة؟ هل أغفل برنامج عمل الجماعة أدوار الترافع عن حق المدينة في الرعاية مثل مدن (الحظوة)، وتسويق علامتها الإنمائية؟ هل مجلس جماعة مكناس (أغلبية الرئيس) فشلت في تحفيز دعم رئاسة الحكومة (صدقة في المقربين أولى)؟ . صدقوني لن نمتثل منهجيا بتطبيق المثال الشعبي “من شحمتو نكويه” ولكنا نبتغي فتح باب الرأي للجميع، بالتعبير والتعليق الحر الرزين.