لم تكن وقفة الصمت التي أقرتها مجموعة من جمعيات المجتمع المدني بمدينة مكناس أمام القصر البلدي (حمرية)، إلا تعبيرا ديمقراطيا وحركة صامتة تندد بحيف القرار الإداري والأحادي الذي اتخذه رئيس مكتب جماعة مكناس بتأجيل (إلغاء) صرف منحة سنة 2019. قرار عمودي (فوقي) تفرد به مجلس جماعة مكناس على الصعيد الجهوي والوطني بمبرر نكوص الموارد المالية في ظل مداهمة جائحة (كورونا 2020) !!! وعلله السيد الرئيس بأن القرار اتخذ بناء على مشاورات مع السلطات المحلية، وبقلة موارد الجماعة المالية.
ما أسوأ أن تصدر جماعة مكناس لوائح الدعم والمنح مسبقا، وتنخرط جمعيات المجتمع المدني في تنزيل برامج أنشطتها بمخصصات مالية ذاتية، ثم يأتي خبر إلغاء منح(2019) بقرار( انفرادي ) من الرئيس وباستثناءات موضعية. ما أسوأ أن تفقد جمعيات المجتمع المدني الثقة في قرارات المجلس مادام يطبق المثال الشعبي (طلع تاكل الكرموس نزل شكون لي قالها ليك)، ما أفقر ميزانية جماعة مدينة تفشل في تطبيق موازنات تصريف هندستها المالية السنوية (أثر رجعي 2019) بتعليل مستجد (كورونا). ما أسوأ أن يمارس السيد الرئيس قراره بتأجيل منحة (2019) وفق موجهات تتشبث بهيكل الديمقراطية التمثيلية (الكلاسيكية). ما أسوأ تفسير الحوكمة الداخلية بمجلس جماعة مكناس على حساب مخصصات منح هزيلة تهم جمعيات المجتمع المدني، ويستعمل مقص الحذف فيها. ما أسوأ أن تستغل فصول الديمقراطية التشاركية على المستوى المفاهيمي فقط، وفي بضعة كلمات للتسويق الإعلامي أو في الندوات المفتوحة، وليس على المستوى التطبيقي التعاقدي.
وقفة الصمت والكرامة حملت رسائل عابرة من المجتمع المدني نحو رئاسة مجلس جماعة مكناس، والتي طالما قد تبنت في خطابها حديث ومقولة الديمقراطية التشاركية. حملت وقفة الصمت مواجهة غير مشفرة لمن يهمه أمر المجتمع المدني بمكناس، ببيان إكراهاته و تعمد تهميشه عن التفاعل مع القضايا المحلية التي أفرده الدستور بها بالتمييز. حملت لغة الصمت التي تبرهن على تبخيس أدوار جمعيات المجتمع المدني، والتحقير لأدوارها التواصلية والثقافية والفنية في المدينة، فهل من تواصل فعال كفيل بحل المشكلة؟
حقيقة لم يكن تفكير المشرع الدستوري المغربي في آليات تفعيل الديمقراطية التشاركية وليد وعي قانوني عفوي فجائي، بل كان يمثل قفزة نوعية بسد كل فجوات القرارات التمثيلية التي تحول دون إشراك المجتمع المدني في إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية. وقفة الصمت عبرت عن رفض تدجين جمعيات المجتمع المدني بمكناس، وتركت وعيا لمن حضرها أن للمجتمع المدني له كلمته لاحقا …
عن موقع: فاس نيوز ميديا