قد لا نختلف البتة في أن رؤية برنامج عمل الجماعة (2016/ 2021) تبدو على المستوى البعيد في حلم التمكين، أما على المتسع الآني فهي في حكم التأجيل. لذلك نقول: أن برنامج عمل الجماعة قد هزم وحده أغلبية المجلس والمكتب المسير بدون حرب وكالة !!! وأن محاور البرنامج الثمانية (08) قد فاق تصورها المعياري واقع مدينة مكناس المنكمش، وحتى تلك الشروط الذاتية والموضوعية التي كان من الممكن أن يوفرها مكتب المجلس فهي بقيت محدودة ولم تواكب تلك التصورات المقحمة في برنامج العمل.
من المشكلات الأساس للتنمية بمكناس الانشغال على خدمة الأجندات الانتخابية (القادمة) بدل الاشتغال على خدمة المدينة والساكنة. لكنا، في تحليلنا قد لا نفرغ أداء مجلس جماعة مكناس من محتواه العام حتى وإن قلّ حجم الانجازات وعددها. وفي هذا الصدد نورد مقارنة ( تحمل حنقا) من منحة الدعم المالي، والمخصصة من طرف برنامج تحسين أداء الجماعات الترابية، وهو مشروع تم تنزيله بشراكة بين المديرية العامة للجماعات المحلية والبنك الدولي والوكالة الفرنسية للتعاون الدولي، ويستهدف مواكبة الجماعات قصد تحسين أدائها في مجموعة من المؤشرات (24) ويمتد لخمس سنوات( 2019 /2024). نجد أن أداء جماعة مكناس قد تم تنقيطه ونال(600 مليون سنتيم) في حين (فاس) قد حصل على (مليار و200 مليون سنتيم) ما يساوي الضعف !!! قد لا نوسع البحث عن الخلل الكامن داخل مكونات مجلس جماعة مكناس مقارنة مع مجلس فاس، ولكنا نقر بأن مؤشرات التقييم المحددة في الاتفاقية، أبانت أن مجلس مكناس لم يأخذ بعين الاعتبار التقيد بها، أبانت خللا حتى في الشروط الخمس الدنايا اللازمة، أبانت عدم قدرة الإدارة الحضرية سد فجوات البنية التحتية، وتوفير خدمات تتسم بالكفاءة خاصة للشرائح الأكثر تهميشا، أبانت أن الشروط الإلزامية الدنيا الأساسية وغير القابلة للتفاوض بجماعة مكناس غير متمكن منها والمتمثلة أساسا في نمط تحسين أداء الأنظمة التدبيرية (الداخلية).
فمن بين العناصر الخمسة التي قوضت نيل مكناس حصة في المستوى المعقول من الدعم المذكور، انعدام التقييم السنوي في تنفيذ برنامج عمل الجماعة. نعم، ليكن اعترافنا لا يخفي ملامح وجوه مكونات المجلس في مرايا النقد، وهو أن برنامج عمل الجماعة ظل مغيبا عن دورات المجلس إلا لماما، بات في حكم المستحيل تحيينه سنويا بالتصويب، وتعديل مسارات الانجازات(الكبرى) الخاملة به.
حقيقة تذكر، منطق النجاعة والفاعلية في الأداء دبره مجلس جماعة مكناس بذكاء في صناعة أكبر أغلبية في تاريخ مجالس الجماعات، دبره في (المصادقة والموافقة) على متنوع من الشراكات ذات الأثر المحدود والمردود الأدنى، دبره مكتب جماعة مكناس في تجسير التوافق وحل الخلافات الهامشية بناء على سيناريو (الخيط الأبيض).
حين نشتت منشأ محاور برنامج عمل الجماعة، نقف بأنه يتمركز على خاصيتين الأولى منه: أن من خطط له بالبناء الهندسي إما (باغيين الخدمة في الأغلبية والمكتب المسير)، حيث هندسوا تصورات لبنية تحتية وطرق دائرية ملتفة ومختصرة … غر مقدرو عليها(ص54)، وأمتعوا الحلم الكبير بإنجاز( دراسة لنفق بين الهديم وباب بوعماير/ دراسة للطرامواي بالجماعة… غير متحكم فيه ص55). فيما الخاصية الثانية: فقد نفسرها بالتقدير التفاوضي والثقة في الآخر، حيث أن رئاسة المجلس كانت محفزة ومقتنعة من أن دعم الحكومة (المركزية)متمكن من نيله، وأن المال العام يمكن أن يأتي إلى مكناس بالرعاية…، وأن العلاقات السياسية على المستوى المركزي (الترافع عن مصالح مكناس والتسويق له) يمكن أن تفتح له تمويلات ومشاريع ذات قيمة مرجعية بالحظوة. قد يكون للسؤال إجابة وتقويم، هل حقا أن رئيس المجلس امتلك لوحة قيادة خاصة بمجالات صلاحيته؟ هل لبى بعض احتياجات مدينة وساكنة بخلق تنافسية ودينامكية تنموية؟ هل طوّر السيد الرئيس آليات الأداء، ورفع من مستوى جودة خدمات فريق الاشتغال؟ هل يمكن أن يستحق السيد الرئيس والمكتب المرافق له بالتسيير علامة الجودة (ISO)؟ !!!
تثبيت ثابت ممّا سبق، يمكن أن نقره مع استحضار قوة التفريط الممكن، ونقول: أن ضعف الحكامة داخل جماعة مكناس كانت بسبب سلسة مترابطات الإرث القديم وبقايا من حاضر المورد البشري والمالي، و حضور قلة الكفاءات، وأن عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة أولا منذ البدء خصوصا في الشق المالي والإداري، كان وليد الإبقاء على معادلة التوافقات السياسية، وعلى هذا الأساس كان المحك الحقيقي لرئيس المجلس كمشكلة، هو في كيفية إدارة جماعة تحفل بموارد بشرية من الأتباع السياسيين، وبميزة التناحر والتدافع الداخلي (تغييب الديمقراطية الداخلية: الكفاءة / الاستحقاق/ المردودية/ الانتاجية/ جودة الأداء…).
ليكن ختم الحلقة الثانية تلويحة تبرز لا بد من ذكرها، خبر إعفاء رئيس مجلس جماعة مكناس لموظفين من قسم الجبايات ، لن نسمي خبر الإعفاء بالزلزال أو الانقلاب المدوي… ولن نرمي من أعفي من مهامه بالفساد وسوء التقدير… فالمساءلة والمحاسبة بسلطة القانون والقضاء، وغير ذلك فهو تجني واتهام. فالإجراء الإداري الذي اتخذه الرئيس قد تم وفق سلطة المقررات التي خولها القانون له. فلن نمنح السيد الرئيس نقطة استحقاق التميز في توقيعه قرار الإعفاء قبل سنة من نهاية ولاية المجلس ككل، بل يمكن القول: أن للقرار نظرة تكتيكية ترتبط أساسا بلجنة الافتحاص الخارجي، ترتبط بتحقيق أهداف آنية وأخرى بعيدة المدى بمتسع(ما بعد 2021). ومن المنتظر أن تكون خلخلة شاملة لكل الأقسام والمصالح، وقد تطيح ببعض الرؤوس التي حان قطافها (ما هو موظف / ما هو سياسي.
عن موقع: فاس نيوز ميديا