ذكرى ثورة ملك وشعب.. 20 عشت تلك هي الحدود التاريخية لحركة التحرير الوطني بالمغرب من اجل الحرية والتحرر..

✅ذكرى ثورة ملك وشعب.. 20 عشت تلك هي الحدود التاريخية لحركة التحرير الوطني بالمغرب من اجل الحرية والتحرر..✅
بقلم الباحث والمفكر الدكتور شنفار عبدالله
🇲🇦🇲🇦🇲🇦🇲🇦🇲🇦
حينما نستحضر التاريخ المليء بالأمجاد؛ وليس التاريخ المليء بالأحقاد؛ لا نستدعيه لدراسته كأحداث وقعت في الماضي فحسب، هكذا ونمر عليه ممر الكرام؛ بل نستحضره من أجل إيجاد حلول لمشاكل وقضايا مطروحة في الحاضر؛ أو لان هناك استشعار لخطر ما في المستقبل؛ أو لنأخذ منه العبر لحل لغز قائم في الحاضر.
لتفكيك هذا الموضوع؛ سوف ننطلق من طرح السؤال المنهجي التالي:
أين تكمن أهمية البحث والدراسة، وما هي الفائدة أو القيمة المضافة للموضوع المتعلق بذكرى ثورة ملك وشعب؛ 20 عشت تلك هي الحدود التاريخية لحركة التحرير الوطني بالمغرب؟
على عهد الحماية الفرنسية، يئس الانسان المغربي من طول انتظار ما كان يسمى بإيديولوجية العقد الاصلاحي الذي تدرعت به السلطات المحتلة من صور القهر والادلال والإهانة والتعسف ومصادرة حقه في حرية الرأي والتعبير وحرمانه من التدبير الديمقراطي لشؤونه بنفسه؛ وكذا عنف اليومي الممارس عليه؛ ومن نهب لخيراته الطبيعية؛ والتكلم دونه في المنتديات الدولية.
فاصيب بالإحباط والملل وتجرع اللوعة وأصبح يمضغ اليأس؛ فاختار سبيل التضحية والكفاح المسلح وضحى فعلا آباؤنا وأجدادنا؛ من أجل الحصول على الاستقلال والحرية، ضحوا من أجل التنمية؛ ملكا وشعبا؛
قبلوا التضحية كي يستفيد او تستفيد الأجيال القادمة من تنمية البلاد وخيراتها وتدبير شؤونه بنفسه في استقلالية و في معزل عن أي تدخل خارجي أجنبي.
وباستحضار وقائع تلك المرحلة؛ فان الأمر لم يكن بالسهل وبالهين كما ننظر اليه نحن اليوم من موقعنا في الوقت الحالي.
وهنا نطرح السؤال: ما هو الدور الذي لعبته النخبة، الوطنية والجهوية والمحلية؛ من سياسيين وأعيان ووجهاء ومثقفين وطبقات العمال والفلاحين والتجار والمستثمرين، والموظفين والمهنيين والمسؤولين والفاعلين وغيرهم في تلك الفترة من تاريخ المغرب كاستراتيجية لتجاوز مرحلة الاستعمار؟
فقد طرحت تحديات كما هو الشأن لباقي الشعوب والامم التي عانت ويلات الاستعمار؛ ونضرب مثلا مثلا ب: “ماو تسي تنغ” في الصين الشعبية؛ الذي حدد للاستراتيجية ستة مبادئ ومن ضمنها؛ التلاحم التام بين الجيش والشعب. وكذلك ستالين” الذي حدد ثلاث مبادئ رئيسية لاستراتيجية الحرب تتجلى في: تلاحم معنوي بين الجيش والشعب في اطار حرب شاملة وإعطاء الأهمية الحاسمة للإمدادات؛ مع ضرورة القيام بإعدادات نفسية قبل البدء بالعمل المسلح.
وفي المغرب كانت الاستراتيجية تقوم على تلاحم بين الملك والشعب في التصدي للمؤامرة والدسائس؛ حيث أن العظماء لا يندحرون ولا يسقطون أبدًا؛ إلا بالغدر والخيانة والمؤامرة التي يصنعها ويدبرها ويخطط لها الجبناء في الخفاء.
ومنذ العهد الملكي العام 1958؛ تأسس عهد وثيق للبلد يقوم على ثلاث مبادئ رئيسية، يمكن اختزالها في العناصر الأولية التالية:
أولا مبدأ الوطني:
ما معنى وطني؟ وطني يعني التقوقع على الوطن، كيفما كان هذا الوطن. منسجما أو غير منسجم، وبتركيبته التنضيدية الاجتماعية المتنافرة أو المتعايشة والمتضامنة فيما بينها.
ثانيا مبدأ الديمقراطي:
والديمقراطية كإحدى المطالب العامة؛ تعني بشكل بسيط: بنية اختلاف، مصالح متناقضة للطبقة العاملة من: الفلاحين، والتجار، والمهنيين والموظفين والمستثمرين وغيرهم من مختلف الفاعلين؛ ويعني فئات اجتماعية عديدة ومتنوعة تستطيع تنظيم نفسها بشكل ديمقراطي ومستقل عن سلطة الدولة، هذه الاخيرة التي يبقى لها دور المنسق والضامن لعمل القوى في جميع المفاوضات وخلق التسويات، وهنا تكمن شرعية ومشروعية الدولة .
ثالثا مبدأ الشعوبي:
فالتنمية لا تكون لها أية شرعية أو مشروعية لدى الشعوب والامم إلا إذا كانت هذه الشعوب والامم؛ تستفيد منها بشكل سريع ومباشر وشامل أيضا. وهذه هي الحدود التاريخية لحركة التحرير الوطني.
نعرف ان الإنسان المغربي قبل التضحيات من أجل الدخول في مرحلة التحديث وتحقيق تنمية وطنية يستفيد منها، كان ينتظر أن يستفيد من تضحياته أو يستفيد منها أبناؤه فيما بعد وان يتولى تدبير شؤونه بنفسه.
هذه التطلعات اتمها المرحوم الحسن الثاني؛ من خلال اقرار وتمثين شرعيتها ومشروعيتها، ولكن حتى وإن تحققت التنمية في العديد من الجوانب، إلا أن المواطن لم يستفد منها بالشكل الذي كان يطمح إليه، بحكم سياسة العشوائية والارتجال في وضع السياسات العامة والعمومية والقطاعية وكذا من خلال سلطة اتخاد القرار من المركز، مما خلق مفارقات كبرى في المجتمع المغربي؛ فاصبح لدينا مغرب بسرعتين: أغنياء يستفيدون من ثمار النمو ويزدادون غنى. وفقراء خارج مسار التنمية ويزدادون فقرا وتهميشا.. وهذا ما عبر عنه جلالة الملك محمد السادس بصريح العبارة قايلا: “ذلك أننا لا نريد مغربا بسرعتين: أغنياء يستفيدون من ثمار النمو، ويزدادون غنى، وفقراء خارج مسار التنمية ويزدادون فقرا وحرمانا.” على حد تعبير جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
لذلك أصبحنا نحتاج لنمط من التنمية الجهوية والاقليمية والمحلية؛ تشرف عليه نخبة مسؤولة تستجيب للمشاكل والمطالب والقضايا الاجتماعية الشائكة للخروج من عنق الزجاجة، وتمدنا بمفاتيح أبواب ولوج وركوب فضاءات عوالم بين الامم والشعوب؛ عبر مسلسل ومسارات التنمية المستدامة والرقي والازدهار والتطور في ظل ظروف وملابسات داخلية ومناخ اقتصادي عالمي متغير باستمرار؛ قد تفرزه جائحة فيروس كورونا المستجد هذا؛
مساحات وفضاءات أخرى، لست أدري هل سنتمكن من ولوجها، في اطار الممكن والغير الممكن؛ الفعلي والعملي والغير فعلي وعملي؛ أم قدرنا أن نبقى دائمًا في منطقة اشتباك خارج الصيرورة التاريخية!؟
وفي هذا الصدد نستحضر خطاب جلالة الملك محمد السادس الذي قال فيه: “ولكننا نعيش اليوم، في مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها. فبقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا، وثقة كبار المستثمرين، ك”بوينغ” و “رونو ” و”بوجو ”، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم.” مقتطف من نص الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم السبت 29 يوليوز 2017، بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لعيد العرش.
وحتى لا نكون متطرفين في النظرة إلى المحقق في مجالات التنمية من رؤية الطرح الواقعية التي تفكر فقط بالابتلاء، دون استحضار الاعتبار في انماط التفكير؛ في إطار المتاح من الموارد المادية والبشرية؛ لاننا لسنا من حاملي الفكر العدمي وتبخيس عمل الدولة والمؤسسات؛ يمكن القول في الصراحة ان مغرب سنة 1956 ليس هو مغرب العام 2020، سواء على مستوى الانجازات والمشاريع المحققة في شتى المجالات أو دينامية وتطور المجتمع المغربي، ومختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ والذي يمر حاليا بمشروع النموذج التنموي الذي اطلقه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة خطاب عيد العرش.
ومرة أخرى التنمية لا تكون لها شرعية ومشروعية لدى الشعوب؛ إلا إذا كانت هذه الشعوب فرادى وجماعات؛ تستفيد منها بشكل سريع وكلي ومباشر أيضا، من خلال مصادر ثروة معلومة وموزعة بشكل عادل بين مكونات المجتمع؛ وتلك كانت هي التطلعات التاريخية لحركة التحرير الوطني.
نحن لسنا وطنيين اكثر من الوطن؛ ولسنا ملكيين اكثر من الملك؛ ولكن حبنا لهذا الوطن وحبنا للملك؛ يدفعنا للقول بان كل شعب بأفراحه وآماله وأحزانه وآلامه، دائما يطمح إلى أن يكون لديه أحسن ويعرف أكثر، ويكون له وجود أقوى وقيمة أفضل في درج السلم بين الأمم وشعوب العالم.
—————
الدكتور شنفار عبدالله باحث ومفكر مغربي

عن موقع: فاس نيوز ميديا