بقلم: د. محسن الأكرمين
هل مكناس المدينة قد تكون أفلست تنمويا بالمرة أم نسبيا؟ هل مكناس قد تعلن حتى الإفلاس السياسي؟ هل الإفلاس السياسي مكّن المدينة بالطبع والتطبع من الإفلاس الإجتماعي؟. هي أزمة أسئلة عميقة في الفكر السياسي، لكن ميزتها الأصيلة أن معظم نتائجها هي صناعة محلية وحصرية ولا يمكن أن نلقي بشتاتها نحو التعويم المفرط. هي أزمة لن تتطهر المدينة منها حتى بأجوبة سليمة ودقيقة عدا تقويم أثر المردودية السياسية.
قد لا نحمل في تحليلنا لغة التفكير السلبي للمدبر السياسي المحلي بمكناس، قد نرى الضعف وفقدان الإبداع السياسي في أثر التنمية و مؤشرات الرضا عند الساكنة والمدينة، قد نرى في احتماء الفاعلين السياسيين في مقولة (نتوافق على قضايا مكناس الكبرى) تحولا يعلن للجميع إفلاس السياسة بمكناس، قد نرى أن شجرة نتائج التنمية السلبية (القضايا الكبرى) بات من اللازم اقتسامها بين كل مكونات أحزاب مجلس جماعة مكناس في إحاطة دورة أكتوبر ( 2020) وتوزيع شواهد الاعتراف (بما لم ينجز بتاتا) على رؤساء الفرق. إنها حقا شواهد الإفلاس والذي لا يحمل الفطنة والذكاء السياسي المحلي، بل يستوعب الفشل الجماعي في تدبير شأن مدينة، وتوزيع نتائجه على مستوى المدينة بالتقسيط وبزيادة على هوامش المدينة، وبلا تمييز بين الألوان والعلامات السياسية حتى تلك غير الممثلة بالمجلس.
عقلية الفشل السياسي بمكناس في خلق تنمية تفاعلية باتت موضع مساءلة من الجميع وللجميع، وألغت صيغة المفاضلة بين الأحزاب السياسية بالمدينة. قد تكون تلك الأحزاب في شق المعارضة قد تناولها الخضوع والهرولة نحو بوابة الرئيس لنيل فضل التوافق، قد يكون لرئيس المجلس رأي في أغلبيته المريحة والصامتة (انتهى الكلام)، ولكنه جر إلى حوض اشتغاله رؤوس (الحربة المتمرسة) بما خبروه في التدبير وملفات مكناس الكبرى، قد نلوم فريق الأغلبية المساند للرئيس حين بات يرفع الأيدي كواجب مقدس (الترويض على الطاعة العمياء)، دون شق عصا الطاعة ولو بالكلام المباح. قد يكون ذكاء الرئيس السياسي (خطير التضمين) وارتاح كليا من حساب النقط والفواصل وفق وجود أغلبية ومعارضة. ومن الأسئلة الماكرة، إذا ما أفرزت صناديق الاقتراع نفس أغلبية الرئيس ونفس المكتب، فهل سيحتاج الرئيس إلى ذلك (التوافق)؟ لا أظن الأمر وارد بالحصول (فلا يمكن أن تسبح شبه المعارضة في النهر مرتين).
فحين نتحدث عن الإفلاس السياسي بمكناس، فإننا لا نحدده من الناحية الكمية التراكمية، بل من جهة النوعية وصناعة الوجوه السياسية الترافعية. حقيقة لا يمكن نكرانها فمكناس تعيش مواسم الجفاف السياسي و صناعة سياسيين من طينة الكفاءات المحليين، واحتلال مواقع التنفيذ على الصعيد الجهوي والوطني، حقيقة لا يمكن التغاضي عنها، ففي مجلس خمسة من ستين، وفي سنته النهائية هنالك من لم نسمع صوته بالمرة ولو بكلمات (نقطع كلامك بالسمن والعسل) !!!
الوجوه البديلة سياسيا عملة ناذرة بمكناس بكل المقاييس العالمية، (الكاريزما) السياسي الذي يقود الفعل السياسي بمكناس قلّ معدنه الذهبي، وبات خوض المعترك السياسي القادم مباحا بلوائح (قدي وعدي،هاذ شي لي موجود بمكناس، حتى بالحديد المصدي !!!). كنا نتحدث سابقا عن إفلاس الساسة الكبار، واليوم بتنا نتحدث عن فاعلين بمجلس الجماعة لا يعلمون حتى ماهية السياسة، وما أصل أدوارهم وتواجدهم بالمجلس؟. فالحديث عن الإفلاس السياسي، هو بالطبع قول عن إفلاس في تدبير التنمية ومعادلة المدينة الذكية. هو إفلاس في مصاحبة الساكنة يوم الشدة (كوفيد 19)، إفلاس إنذاري يتأسس على الجهل ببضاعة مكناس الطرية ( تصنيف البنك الدولي لمكناس من حيث القدرة على التنافسية التي تسمح بنجاح المقاولات وازدهار الأعمال، وتحويل المدينة إلى مركز حضري مزدهر…).
فليست في الاقتراع القادم سنحتاج إلى تجييش كراكيز الدكاكين الانتخابات المسبقة الدفع، بل يستوجب التغيير المأمول، ردم هوة الإفلاس السياسي المحلي والإخفاق. يتطلب الترشيح الأفيد والأنظف في الأفكار والأيدي، لا ترشيحات النضال (دعم خوك). إن انتخابات (2021) هي انتخابات آخر أمل في أحزاب ووجوه السوق السياسي بمكناس، هي انتخابات الامتهان السياسي (لا الهواية)،هي انتخابات الرؤية الإيجابية في إصلاح التمكين بالمدينة، هي انتخابات السياسي غير المتردد في محاربة ومجابهة كل أشكال الفساد بالمدينة، وإنقاذ التنمية من سلة الأزمة المستديمة، هي إذا انتخابات السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي لا انتخابات الطواحين الهوائية الكبرى.