هل أصبحت مياه صهريج السواني العادمة تشكل مشكلة بيئية وصحية ممتدة؟
محسن الأكرمين.
حين نتحدث عن صهريج سواني بمكناس، فإننا نتحدث عمّا يناهز 400 سنة من تاريخ مدينة قد خلت وولت بالتحول والتغيير. حين نتحدث عن إعادة تثمين المآثر التاريخية بمدينة مكناس، فإننا نتحدث عمّا يقارب أجزاء الخمس من التراث المادي الوطني والتي حصريا تتموقع بمدينة السلاطين. غنى مدينة مكناس بتنوع الأثر المادي وغير المادي للثقافة الإنسانية، مكنها من عناية سامية لإعادة الاعتبار لمواقعها العمرانية والفنية والثقافية بالتثمين، وذلك من خلال استرجاع بهاء المدينة، وجعل الرصيد الثقافي والمعماري الزاخرة بالتنوع بوابة فسيحة للسياحة وفرصة لتمكين الاستثمار والتنمية من دورة الإنتاج التفاعلي.
لتكن عودتنا إلى الأثر المادي لمدينة المولى إسماعيل، و بامتياز ذكر مكانتها التاريخية. فالبرنامج المندمج لتثمين المدينة العتيقة لمكناس يعتبر بحق من عمليات استحضار التاريخ الذي ما انفك يمضي بمجده الشامخ (عاصمة المولى إسماعيل)، وكذا تشغيل الحاضر الذي مافتئ يجيء لأجل تحصين الرصيد التراثي المادي واللامادي بمكناس بالتأمين والتسويق الاستثماري الفعال (الرعاية الملكية السامية).عمليات فتحت عدة أوراش ترميم وصيانة في عدة مواقع مستهدفة بالتخصيص من المدينة، وقد يحظى شأن صهريج سواني بالتميز وتفرد الاهتمام. نعم ، يشكل صهريج سواني قيمة استثمارية في مجال اقتصاد التراث وترويج بضاعة مكناس الجمالية والتاريخية، ويحظى بتواجده في قلب المدار السياحي بمكناس، ولا مفر للسائح من زيارته والاستمتاع بمشاهد عظمة تاريخ الدولة العلوية بمكناس.
ومن ملاحظات متممات دراسة التخطيط لهندسة سليمة للصيانة والتأهيل، حين تتأصل رؤية التثمين على البعد التاريخي كمرجعية أساسية للترميم والصيانة وتحسين الجاذبية. فحين نفكر في صيانة الحوض الداخلي لصهريج سواني ونفرغه من مائه الشبه العادم ، فقد يغيب لحظتها تخطيط المورد المائي له (ما بعد الصيانة)، وهي المشكلة القادمة، ويجب أن تكون حلولها تاريخية لا ترقيعية. حين أصبحت تلك المياه المتبقية فيه شبه عادمة وتشكل مشكلة للتخلص منها بطرق علمية وبيئية سليمة، فإن الأمر يستدعي تدبيرا وقائيا للتخلص من تلك المياه العادمة بأقل الخسائر البيئية والمرتدات الوبائية. حين باتت الحلول تفكر في الترميم فقط دون إعادة فيض ماء وادي بوفكران للتحرك في سواقي المدينة العتيقة وصولا إلى صهريج سواني لتسريع الملء وعودة المشهد التاريخ بحيثياته الصغرى والكبرى، حين استغرق سابقا ملء صهريج سواني على تمامه ما يناهز أربعة شهور معدودات ( طوله 148.75 متر وعرضه 219 متر وعمقه 3.20 متر / حساب تقديري)، وقد يزيغ التفكير هامشا و نعتمد على صهاريج الشاحنات لتسد على ما خفي من دواليب هري سواني. حين يرمم الصهريج و قد نبقيه فارغا لنفكر من أين نأتيه بالماء المتجدد؟ أو قد تطول فترة الملء بلا نهاية. أو حين نجري ثقوبا عميقة للبحث عن الماء الجوفي دون التمكن من إعادة دواليب هري السواني للإشتغال (عبارة عن 10 سوان كانت تزود الصهريج بالماء بواسطة دواليب) ونعتبر الإنجاز قيمة تاريخية مسترجعة، فلا شك أن تخطيطنا ينقصه التكامل من المنطلق !!!
هو صهريج سواني الذي بات مؤمنا بكاميرات وحراسة أمنية مستديمة. هو صهريج سواني الذي بات ماؤه ( الشبه العادم) مشكلة قد تحير مهندسي المدينة للتخلص منها بطريقة سليمة وبيئية، دون الإلقاء بها كسيل فيضي في مجاري التطهير، ونحن نعلم أنها ستستغل للسقي !!! هو الصهريج الذي يجب أن تتزود جوانبه ببنيات الاستقبال واستغلال تلك البناية المهجورة لأكاديمية (مكناس تافيلات سابقا) كمحج سياحي وبيئي. هو صهريج السواني الذي يشكل وحده مدارا موضوعاتيا وتاريخيا للثقافة السياحية بمكناس، فهل سيكون التثمين والصيانة وإعادة الاعتبار تشكل نسخة دقيقة من الماضي؟.