متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين
أضحت المدينة العتيقة بمكناس ورشا مفتوحا للتأهيل والصيانة بدون علامات تشوير البدايات والنهايات، باتت مجموعة الأبواب والأبراج والسقايات تلقى معالجة الترميم والصيانة والإغلاق إلى أجل غير مسمى، حتى وإن عرقل التأهيل المرور لعدة شهور متتالية. لكن من الملاحظات التي لا يمكن القفز عنها بالنقد والتصويب، حين باتت المدينة العتيقة ورشا مفتوحا وبدون إستراتيجية عمل موجه بتخطيط البدايات والنهاية. حين باتت ساكنة الأحياء العتيقة ومعهم عموم المدينة في أزمة تحرك وتنقل، وفقدان الحركة التجارية الطوعية من أشغال تسير بالبطء الرتيب. بطء عمل يحضر كملاحظة وصفية من عدد العمال المشتغلين في بعض الأوراش، وغيابهم عن البعض (السقايات…) بلا إخبار!!!، وقد لا نعلم من غاية الأمر سببا !!!.
لن نتزايد عن مدد انتهاء الأشغال فقد تنتهي بحدود 2023، فغالبية اللوحات تحمل أيام الاشتغال (فقط)، ولا تحمل تاريخ البداية والنهاية. لن نتحدث عمّا تحمله دفاتر التحملات (التعاقدية) في عمليات الصيانة والتأهيل مادامت تلك المعلومات تغيب عند المجتمع المدني، وعن الجمعيات المشتغلة على مواكبة ودعم عمليات تثمين المدينة العتيقة (غياب التزود بالمعلومة المدققة). لكنا سنتحدث عن سوء توزيع الأشغال وهندستها بالشكل الذي يحترم حاجيات الساكنة بالأولويات والتصويب، سنتحدث عما يتم إغفاله من منازل بالمدينة العتيقة لم تخضع بتاتا لرؤية التثمين ولا التأهيل، سنتحدث بالوجه المكشوف ونقول: أن المدينة العتيقة بمكناس تحتاج إلى عناية أوفر، وإلى تدخلات سند موازية لما تضمه من أثر إنساني وعمراني وثقافي، سنتحدث ونقول: قد تم نسيان مكناس من عمليات التأهيل لعدة عقود، ومجالس جماعية قد خلت لم تتدخل حتى لتصويب البنيات التحتية داخل المدينة، سنقول : أن المدينة العتيقة بمكناس تعيش في ظلمة ليلا.
تبكي العيون من أثر خراب المدينة العتيقة وغيرها بمكناس، وقد يضيع التاريخ من بين أيدينا إن لم يتم اتحاد الجميع لدعم رؤية التثمين الملكية ومواكبتها بالسند. فحين تلج المدينة العتيقة وتجد أنها كانت في طور الانقراض بظهور الآجور الأحمر والخراب، فاعلم أن الأمر جناية تاريخية بينة في حق مكناس، ووشم عار على رجالات المدينة ومجالسها الجماعية المتعاقبة بلا أثر بيّن على المدينة. فقد لا يلزم تأهيل المدينة العتيقة لمكناس (العكار الفاسي على الردم المكناسي)، بل الأيدي العارفة بالتاريخ ومسوغات التأهيل بالجودة والصيانة. نعم، الكل بالمدينة في دعم الورش الملكي لتثمين المدينة العتيقة لمكناس، الكل في انتظار مخرجات التاريخ الماضي بلمسة الحاضر واستثماره اقتصاديا وتنمويا، الكل بمكناس يحمل تمثل الجمالية التي تسوقها التلفزة العمومية عند نهاية تثمين المدينة العتيقة بكل من الرباط وفاس ومراكش… والحضور الملكي السامي الموازي. الكل يأمل أن تكون الحمولة الجمالية لمدينة السلاطين تلامس تلك المدن أو تزيد.
قد نعرض عليكم صورا تبين مدى الضرر الذي تعرضت له المدينة العتيقة بأسوارها وأبوابها وأبراجها وسقاياتها…، قد يتضح لكم غياب رؤية شاملة من حيث الاشتغال على تعزيز الجاذبية السياحية والثقافية والفنية للمدينة (التسويق السياحي/ التسويق التنموي/ تنظيم المدارات السياحية للمدينة العتيقة/ الجمالية البيئية/ الرقي بالمورد البشري التفاعلي بالمدينة العتيقة…). قد يكون التخطيط الجديد للتأهيل لم يستحضر تجويد مستويات الولوج إلى المدينة العتيقة وبرؤية المنافذ الطيعة للسياحة واستغلال المكان، قد نشتغل على المباني وننسى المورد البشري في تحسين موارد التشغيل و التداول المالي للساكنة والمدينة، وتطوير الاقتصاد الاجتماعي المندمج.
هي مكناس التي تضم الثلث الأوفر من التراث الوطني، هي مكناس التي تشتغل على تأهيل المدينة العتيقة دون نفض الغبار عن الإرث العمراني المتشعب بالعناية الكلية بعموم المدينة، هي مكناس التي تفتقد إلى تهيئة حضرية تحفل بالالتقائية مع التاريخ وتأهيل المدينة العتيقة و صناعة المدارات السياحية بالجمالية البيئية المحركة للتنمية المحلية. من حلم الأمل أن تسوق مكناس لمفاتن زينة وعبق التاريخ السلطاني بنفس الوجه المليح لمدن الرباط وفاس ومراكش وتطوان… فهل يتحقق حلم مدينة في التقائية التنمية وتثمين المدينة العتيقة؟ نأمل الخير كله بتمامه بزيارة مولوية شريفة بالمكارم على المدينة والساكنة.