عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العملية الخاصة على أوكرانيا، بدأ العالم يتابع ما يحدث داخل أوكرانيا بكل اهتمام وترقب لما هو آتٍ، فالوضع في هذه المنطقة من العالم فاق كل التوقعات، ومئات الألوف من النازحين بات يقلق العالم ومعظمهم من كبار السن والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، علماً بان حالة الطوارئ التي أعلنت في أوكرانيا لا تسمح لمن يستطيع حمل السلاح مغادرة أوكرانيا.
فما لاح في الأفق هذه الفترة هو (النفط) فهنالك من بدأ بالتلويح إلى حصار موسكو ومنعها من تصدير النفط أو التعامل معها، وهذا بدأ فعلاً، وهناك من هو متخوف من هذا القرار وخصوصاً الدول التي تتعامل مع روسيا على مستوى مجال الطاقة، وخصوصاً من الاتحاد الأوروبي ودول الجوار.
فبعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية وقف التعامل مع الاتحاد السوفيتي بما يتعلق بالطاقة، بدأت الأسعار بارتفاع جنوني، سواءً كان داخل أمريكا أو على مستوى العالم، باعتقادي لا مشكلة لدى موسكو بتورد النفط، لأن هناك دولاً بحاجة إلى هذا النفط لكي تغطي نقصها مثل الصين أو الهند وغيرهم، لكن الإستراتيجية الأمريكية على مستوى الطاقة كان قراراً خاطئاً بامتياز، فأول المتضررين من هذا القرار هو الشعب الأمريكي بارتفاع سعر البنزين إلى حدود غير مقبولة بالنسبة لهم.
روسيا بقرار استراتيجي قررت عدم تصدير النفط إلى أوروبا لفترة محدودة، وهذا السلاح هو أقوى من السلاح العسكري الذي تحارب به أوكرانيا في العملية الخاصة، بتفعيل هذا القرار تكون أوروبا قد غرقت في ظلام دامس وبرد قارص لفترة لا تقل عن 8 أشهر حتى تستطيع تأمين احتياجاتها من النفط والغاز من خارج روسيا.
علماً بأن هناك شركات كبرى قد خرجت من روسيا بسبب هذا القرار، وهذا له تداعيات كبيرة وكثير جداً، وروسيا ستعتبر هذه الشركات مفلسة وتضع يدها عليها، ومن الممكن أن تبيعها لشركات أخرى كي تغطي نفقاتها وتأمين رواتب العاملين في هذه الشركات، وطبعاً الصين جاهزة لشراء مثل هذه الشركات وفوراً، بما أن الصين شريك استراتيجي مع روسيا.
هذه المعركة الاقتصادي بين روسيا والغرب وأوربا، والمنتصر بها باعتقادي روسيا، الشراكة الإستراتيجية مع دول مهمة ستكون سيطرت على جزء كبير من العالم وتحاول تصدير النفط لها بأسعار معقولة، بعيداً عن الغرب الذي وضع النفط الروسي كجزء من هذه العملية العسكرية، وماكينة الحرب الدائرة الآن يمكن أن تنتهي في أي لحظة، لكن تداعياتها الاقتصادية ربما ستستمر لعشرات السنيين قادمة.
بقلم : محمد فؤاد زيد الكيلاني