مداخلة خالد آيت طالب
وزير الصحّة والحماية الاجتماعية
مجلس المستشارين، 14 يونيو 2022
باسم الله الرّحمن الرّحيم والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين
السيّد رئيس مجلس المستشارين المحترم
السّيدات والسادة المستشارين والأطر والمهتمين المتابعين لأطوار هذه الجلسة الهامة
أيها الحضور الكرام
بإمعانٍ كبير تابعنا المداخلات القيّمة للسّيدات والسّادة المستشارين المحترمين في إطار مناقشة ما تضمّنه التقرير السّنوي الأخير للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2019 و2020 من الملاحظات والتّوصيات الرّصينة والتي همّت –فيما يخصّ قطاع الصحة والحماية الاجتماعية- المنظومة الصحية وعرض العلاجات في القطاع العام.
واستحضاراً منّا للرهانات الكبرى التي تشتغل عليها الوزارة مع باقي الفاعلين والشركاء لإنضاج كافّة شروط تنزيل الإصلاح الهيكلي للمنظومة الوطنية للصحة وتوسيع مجال التغطية الاجتماعية وفقا للتوجهات المولوية السّامية لجلالة الملك محمّد السّادس نصره اللّه، والمُتَرْجَمة من خلال مقتضيات القانون الإطار المتعلّق بالحماية الاجتماعية، والمدرجة، كذلك، كمحاور أساسية في برنامج العمل الحكومي، فقد اعتبرنا في الوزارة أنّ صدور تقرير المجلس في هذه الفترة يُعَدّ فرصة سانحة لتدعيم الأسس والمرتكزات التي سيتم اعتمادها في تنزيل الإصلاح الشمولي المرتقب للمنظومة الصحية. لذلك، وبمجرد نشر مضامين التقرير في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 مارس 2022، قامت الوزارة (أسبوعا عقب ذلك) بتوجيه دورية إلى كلّ مسؤوليها بالمصالح المركزية واللاممركزة تدعوهم إلى الانكباب الفوري، كلّ فيما يخصّه، تحت إشراف المفتشية العامة للوزارة، على فتح نقاش معمّق في شأن المحاور المتعلّقة بقطاع الصّحّة والحماية الاجتماعية في تقرير المجلس الأعلى للحسابات وتنزيل مخطط عمل، بآجال محدّدة وبتنسيق محكم وانخراط لكافّة مستويات القرار، محليا، جهويا ووطنيا، قصد تعبئة ما يَلْزَم من الموارد والوسائل والإمكانيات المتاحة، لمعالجة النّقائص وأوجه القصور التي أثارها، لتصحيح وتقويم المسار.
وقد أثمر كلّ ذلك بوضع خارطة طريق عملية، تمَّ تكليف بعض مصالح الإدارة المركزية للوزارة بمواكبة ودعم أجرأة ما تضمّنته من تدابير إصلاحية على الوجه الأكمل همّت في جانب كبير منها الحكامة وتدبير وسائل الدّعم وبعض مجالات المنظومة الصّحية وكذا التغطية الصّحّية الأساسية، والتي نستعرض بعضاً منها كما يلي:
1- إعادة النظر في هيآت وآليات حكامة القطاع بشكل شامل وعميق وذلك في إطار ورش إصلاح وتأهيل المنظومة الصحية الذي يتم الاشتغال عليه تنفيذا للتوجيهات الملكية السّامية، مع مرافقة كلّ ذلك بتقييم حصيلة الإنجازات ووضع آليات لتتبع الإنجاز؛
2- الإعداد للرقمنة الشاملة للقطاع عبر إحداث نظام معلوماتي صحي مندمج وشامل يرتكز على الملف الطبي المعلوماتي المشترك، وعلى ربط المؤسّسات الصحية بتكنولوجيا المعلومات وإعداد أنظمة معلوماتية مندمجة لتدبير الأدوية، والمنتجات الصحية، والموارد البشرية، والاستقبال والقبول بكافة المستشفيات العمومية؛
3- تكريس نهج “الإشراف المنتدب” على مشاريع إحداث المؤسسات الصحية الجديدة لفائدة الوكالات المتخصصة في المجال كالوكالة الوطنية للتجهيزات العامة اعتمادا على المعايير والشروط والأهداف المعتمدة في البرمجة الطبية والبرمجة التقنية والوظيفية المضمّنة في الوثائق والقواعد المرجعية التي تهم عددا كبيراً من المصالح والوحدات الطبية؛
4- الاشتغال على مخطط الإصلاح الهيكلي والتنظيمي لمنظومة تحاقن الدم لمواكبة التحديات المستقبلية من خلال إخراج مشروع الوكالة الوطنية للدّم مع تدعيمها بالموارد والوسائل الكافية للعمل؛
5- مراجعة السياسة الدوائية بهدف توفير نسخة محينة تمتد إلى غاية سنة 2026، تكون ملائمةَ أكثر للأوراش المفتوحة قصد تيسير الولوج المواطن إلى الدواء والمواد الطبية الأخرى كالمستلزمات الطبية؛ لكنها ستمكّن كذلك من الاستجابة لانتظارات الفاعلين في القطاع خلال الخمس سنوات المقبلة؛
6- تحسين تدبير المراكز الاستشفائية عبر دعمها بالموارد البشرية المتخصصة وتعزيز قدراتها التدبيرية، في انتظار استكمال تنزيل وتعميم النظام المعلوماتي الاستشفائي والعمل على مناولة أنشطة الاستقبال والفوترة مع تعزيز تتبعها ومراقبة حُسن تنفيذها؛
7- تجويد أنشطة الاستقبال وتقديم العلاجات بالمستشفيات العمومية عبر تأهيل فضاءات الاستقبال وتدبير عملية الإرشاد والتوجيه والانتظار ومعالجة الشكايات وخدمة أخذ المواعيد عبر الهاتف أو التطبيق الالكتروني بالمستشفيات العمومية؛
8- تحسين ظروف الاستقبال بالمستعجلات الطبية التي تعرف ضغطا كبيرا عبر تطوير مسالك للمستعجلات المتخصصة في إطار البرنامج الطبي الجهوي وتأهيل هذه المصالح وفقا لمعايير الدّليل المرجعي للمستعجلات الطبية، والعمل على تنظيم مسارات المرضى وتسيير هذه المصالح عبر إصدار نص تنظيمي خاص بتنظيم مصالح استقبال المستعجلات وتطوير ممارسة الطب عن بعد في مجال المستعجلات بين المراكز الاستشفائية الجهوية والإقليمية ومستشفيات القرب وكذا وحدات المستعجلات الطبية للقرب، كما تعمل المصالح المختصة على إعداد مشروع مرسوم يحدد المهام وشروط الوصول وطريقة تشغيل مصالح استقبال المستعجلات؛
9- بذل مجهودات كبيرة لتجويد أداء المصالح الطبية–التقنية وفق المعايير المعتمدة (المُرَكَّبات الجراحية، المختبرات، مصلحة الفحص بالأشعة والصيدليات)، عبر زيادة عدد غرف العمليات الجراحية وتحسين الوحدات المكلفة بالتعقيم وتأهيل المُرَكَّبات الجراحية. وتكثيف المراقبة الدورية لها؛
10- تحسين تدبير الموارد البشرية عبر تفعيل مجموعة من الإجراءات، منها الزيادة في المناصب المالية المخصصة للمستشفيات واعتماد التدبير الجهوي لها والرفع من الطاقة الاستيعابية لمعاهد التكوين. وتظل الأوراش الكبرى، لاسيما مشروع قانون الوظيفة الصحية المرتقب، إضافة إلى الترخيص للأطباء الأجانب بمزاولة مهنة الطب ببلادنا، وتحفيز الأطباء/ مغاربة العالم على العودة ودعم القطاع الصحي ببلدهم الأم، وكذا تقوية الشراكات مع القطاع الخاص والجماعات الترابية، من أبرز مقومات تعزيز وتثمين الموارد البشرية بالقطاع؛
11- إعطاء العناية اللازمة والقصوى لمحور التغطية الصحية الأساسية، حيث انخرطت الوزارة في التوجهات الكبرى الخاصة بتعميم الحماية الاجتماعية، التي – كما نعلم – من بين مرتكزاتها توسيع التغطية الصحية لتشمل جميع المواطنين المغاربة بكل فئاتهم، بمن فيهم المُدرجون حاليا في نظام المساعدة الطبية، في أفق نهاية 2022 ممّا سيُمَكّنهم من الاستفادة من التأمين عن المرض الذي يغطّي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء.
ولأجل حكامة التغطية الصحية الأساسية، تَمَّ العمل على مراجعة القانون رقم 00-65 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية من أجل سد بعض الثغرات التي تعتريه، وتركيز نشاط الوكالة الوطنية للتأمين الصحي على مهامها الرئيسية. وقد تم عرض المشروع من قبل الوزارة على الأمانة العامة للحكومة خلال شهر أكتوبر2019.
ومن أجل استكمال إجراءات تنزيل القانون رقم 98.15 المتعلّق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، تم العمل بمعية جميع المتدخلين، على إصدار النصوص التنظيمية لتطبيق القانون المذكور، والعمل بالتدريج على إدراج كل صنف أو صنف فرعي أو مجموعة من الأصناف من الأشخاص الخاضعين، لتشمل فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا وكذا إدراج فئات أخرى من خلال المصادقة على المراسيم المتعلقة بالأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، والتجار والصناع التقليديين الذين يمسكون محاسبة، والمقاولين الذاتيين، والأطباء، والصيادلة، والموثقين، والبياطرة، والمهندسين المسّاحين الطوبوغرافيين وغيرهم.
بالإضافة إلى المراسيم المتعلّقة بفئات أخرى منهم فلاحة وحرفيين وسائقي سيارات الأجرة وفنانين بالإضافة لذوي الحقوق المرتبطين بهم. كما سيتواصل العمل على إدماج الفئات المتبقية (كمهنيي الصحة، والسائقين المهنيين، والمفوضين القضائيين، والتجار، والمرشدين السياحيين وكذا الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية “راميد” كل ذلك خلال ما تبقى من سنة 2022.
هذا، ولمواكبة كلّ هذه التّدابير في إطار الأوراش الكُبرى المفتوحة، يتواصل الإصلاح الهيكلي للمنظومة الصحية بالارتكاز على أربعة مبادئ توجيهية (تثمين الموارد البشرية – تأهيل العرض الصحي – إحداث مجموعات صحية جهوية واعتماد ملف طبي لكل مريض، مُشتَرَك بين كافة المتدخلين).
والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
عن موقع: فاس نيوز ميديا