مقال رأي – قد تكون جهة جغرافية كجهتنا درعة تافيلالت.. أو جمعيات تربوية وثقافية استأثرت بها غيرها من الجمعيات والتعاونيات مما شئت إلا المطلوب.. او مشاريع تنموية وتكوينية لازال بعض المسؤولين لا يدركون أهميتها في المنطقة رغم الحاجة الملحة إليها، ورغم خبرة وتجربة حامليها ورغم كون الجهة من الجهات الأولى المرشحة للاستفادة من برنامج “أوراش”، فقد أقصتها “حكامة” المدبرين والتي تعد “أوراش” في حد ذاتها صك اتهام وبرهان قطع على سوء تدبير مزمن طال الجهة وترك الفقر والهشاشة يلف أفقها ويخنق آمالها في شيء اسمه التنمية كما هي متعارف عليها فقط جهويا، هذا رغم كل البهرجة التي كثيرا ما نسمع ضجيجها ولا نرى لها طحينا؟.
جاء البرنامج الحكومي “أوراش” بعد غيره من البرامج الوطنية المنعدمة أو المتواضعة النتائج، ولكنها لا ميزانية أبقت ولا تنمية وتشغيل الشباب حققت، “المجلس الوطني للشباب والمستقبل”.. “الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل”.. ” 25 ألف منصب تكوين من أجل الشغل”.. فأية دراسة وتقييم موضوعي أقيم على فشل هذه المبادرات حتى لا تقع فيها المبادرة الجديدة القديمة “أوراش” ؟، فعلى الأقل إن كانت قد جاءت كجواب على ما خلفته جائحة “كورونا” التي أفقدت البلاد والعباد 500 ألف منصب شغل، فأية دراسة أقيمت حول هؤلاء المتضررين، وأين سجلهم الاجتماعي حتى لا يستفيد الذي لا يستحق على حساب من يستحق؟.
جاءت “أوراش” متجاوزة لكل المعهود في الاقتصاد التنموي الاجتماعي من مقاربات والتي تتحمل مسؤولية تنفيذها قطاعات حكومية متعددة.. ووكالات التنمية المختلفة في الشمال والجنوب والشرق والغرب، لتعتمد هذه الأوراش على التعاونيات والمقاولات الربحية وعلى بعض الجمعيات التطوعية، في غياب التكوين والاختصاص، وبالأخص غياب الإشراك في تشخيص الحاجيات، وتحديدالسياسات ووضع المخططات والبرامج..، فهل هذه مداخل حقيقية للتنمية ام مجرد غطاء لوبي سياسوي مقاولاتي لإعفاء مقاولاتهم من شروط التشغيل القانوني لمستخدميها، خاصة ما يتعلق باستدامة العمل.. والأجر اللائق.. والعطل والتأمين..؟.
جاءت “أوراش” وأقحمت المجالس الإقليمية في تنزيلها وهي (بعد 8 شتنبر) عند الكثيرين أضعف المجالس يراها البعض مجرد عبئ تنظيمي بيروقراطي بين المجالس الجماعية (خدمات القرب) والمجالس الجهوية (خدمات التنمية) لا جدوى لها، أضف إلى ذلك أن لجنها الإقليمية ترأسها المصالح الولائية، وفي جهتنا درعة تافيلالت لم تسجل هذه المصالح إلا تاريخا سيئا وحربا عشواء على جمعيات المجتمع المدني في الجهة، ولازال رفضها التصديق على ميزانية دعم الجماعات للجمعيات خلال الولاية السابقة خير شاهد على ذلك، لكن ما عزاؤها اليوم، إذا كانت قد طردتها عبر النافذة فالدولة بأوراشها قد أرجعتها لها عبر الباب؟.
وجاءت “أوراش” ليشرف عليها الغموض والتكتم في كل شيء، في حين أن الأمر يقتضي التعريف بالبرنامج والتواصل مع المهتمين والمستهدفين، ويقتضي الوضوح والشفافية مع الفاعلين، وتكافؤ الفرص والموضوعية، ويقتضي وضع مساطير قانونية ومراسيم تنظيمية منصفة وتربط المشروع بأهدافه التنموية الاجتماعية التشاركية، لا بمصالحه الحزبية الفئوية الاقصائية الضيقة. ما حظ “أوراش” من إشراك المجتمع المدني الحقيقي وهو كل يوم يبصم الواقع في مجال تخصصه الجمعوي ونطاقه الجغرافي رغم قلة الإمكان؟، لماذا يغيب في التشخيص وفي اللجن؟، ما معايير انتقاء المشاريع؟، وعلى أي سلم تنقيط يتم قبولها أو رفضها..؟.
لماذا لم يتم ذلك النقل المباشر المعهود للمداولات وإعلان النتائج على صفحات التواصل الاجتماعي؟، من سيتكلف بمواد العمل عندما يتعلق المشروع ببناء الجسور أو تبليط القصور، أو تشجير الحدائق وعلى أي أساس أو قائمة أثمان؟. ما مصير المشاريع المماثلة في القطاعات الأخرى، ك”أوراش” التعاون الوطني و”أوراش” الدولية، ومحو الأمية والتعليم الأولي والدعم التربوي في التعليم، التكوين والتأطير التربوي في وزارة الشباب والثقافة والاتصال، حماية الطفولة ورعاية المسنين وذوي الاحتياجات في وزارة التضامن؟. كيف بهذه القطاعات الحكومية التي تعجز أن تستجيب لطلبات الجمعيات، هل ستستحوذ اليوم على حظها من “أوراش” كما استحوذت دون استحياء على حظها من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟.
إن في الجهة أوراشا حقيقية ينبغي أن تفتح، ورش الجهوية الموسعة بأبعادها السياسية والإدارية والتنموية، ورش الديمقراطية التشاركية واللامركزية وكيف ينبغي احترام إرادة الناخبين ومراعاة مصالحهم التنموية المؤجلة، وفي إطار من الانصاف والعدالة المجالية ورفع الضرر الجماعي، فنحن – مع الأسف – وحدنا من لازلنا نسجل وفي القرن الواحد والعشرين ( 0 طريق سيار… 0 كلية جامعة… 0 مستشفى جامعي.. 0.. 0..)؟، وأخيرا، ومدخل ذلك وحامله ورش المجتمع المدني، كقوة اقتراحية و رافعة تنموية، وكيف سيشارك كما خول له الدستور في وضع السياسات العمومية.. أجرأتها.. تقييمها وتطويرها.. لا كما يتعامل معه اليوم بالمن والصدقة والتعسف والاقصاء أو الاستنجاد به في بعض مشاريع القنابل الموقوتة ك “أوراش” 200 ألف منصب شغل مؤقت؟.
لا نريد أن نكون متشائمين ولا عدميين، نتمنى للبرنامج نجاحا باهرا فوق كل الحسابات والتكهنات، ومن يكره أن يمحو هذا البرنامج “العبقري” وغيره كل مظاهر البؤس واليأس في جهتنا وكل الجهات، فلا متسولين في الطرقات، ولا “مشرملين” في الأحياء، ولا عنف ولا هدر مدرسي في المدارس، ولا تذمر من سوء الخدمات في مختلف الادارات، ولا “حراكة” يقضون في الأعالي؟. نتمنى صادقين أن تحول “أوراش” وأخواتها بيننا وبين كل الكوابيس الاجتماعية والسياسية، وألا نستفيق يوما ونجد “أوراش” على حد قول أحد الظرفاء: “كرأس مواطن بين يدي حلاق، يحلقه ثم يشعث ويحلقه ثم يشعث، كجمعية تنظف حديقة ثم تعشب وتنظفها ثم تعشب”، ولا ندري من سيكون لها بعد 6 أشهر من “التعاقد”؟، كأننا لم نرتوي ولم نكتوي بعد من “التعاقد” ومن الذين فرض عليهم “التعاقد”، فكم سيلزمنا من “أوراش” و”أوراش”، لندرك هشاشة “التعاقد” وأنه لا يصح في التنمية والمواطنة والجهوية وحقوق الإنسان إلا الصحيح؟؟.
بقلم : الحبيب عكي لفاس نيوز ميديا