تاونات إقليم يقتله الإقصاء و التهميش ويحييه المقاهي ولاش شيء غير المقاهي

تاونات – المدينة الجبلية الصغيرة المهملة التي توجد على نفس الطريق الوطنية رقم 08 بين فاس و الحسيمة، في الشريط الجنوبي لجبال الريف، مدينة مليئة بالمقاهي ولا شيء آخر، بين مقهى وآخر هناك قاعة شاي، إنها الفضاءات الوحيدة التي يرفه فيها أبناء المدينة عن أنفسهم، يتحدث فيها التاوناتيون عن المدينة الجبلية الصغيرة المهملة ومئات المعطلين المحبطين. هي المدينة الوحيدة في المغرب التي يبدأ فيها الناس لعب الضامة و الكارطا و الرامي في الشارع و المقاهي ابتداء من الساعة الثامنة صباحا، فهناك علاقة كبيرة تربط سكانها بالمقاهي.

الحاج أحمد (65 سنة) لا يتردد في وصف التاوناتيون بالناس الطيبين الذين عاشوا دائما في الوهم، يجلس على طاولة المقهى الشعبي الذي تعود الجلوس فيه كل يوم مباشرة بعد صلاة العصر، ويشم «النفحة البلدية» رفقة أصدقائه الشيوخ، وبنشوة كبيرة استنشق «سطرا آخر من نفحته البلدية القوية»، دون أن تدمع عيناه، ودون أن تباغته العطسة.. بعد ذلك ابتسم ابتسامة كبيرة أبرزت فمه الخالي من الأسنان، وعلق بحكمة شيخ في عامه الخامس والستين “زمان كانت تاونات مزيانة، وخا كان وسط المدينة كنسميوه البراريك، كان حسن من اللي عليه دابا”.

في مقهى آخر، ينطلق حديث سياسي بين بعض شبان المدينة هذا فؤاد يتحدث عن الأوضاع الاجتماعية المتردية، وكذا استفحال البطالة وغياب فرص الشغل للشباب والفساد المستشري في المدينة والإقليم، الذي يتم بالتواطؤ المكشوف بين مجموعة من المستفيدين، أما كمال فيحمل مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة، إلى الرؤساء المتعاقبين على تسيير الشأن المحلي، بسبب نهجهم تدابير مبهمة ومرتجلة تفتقد لحس المواطنة وحسن التسيير وخدمة الصالح العام، ولعدم توفرهم لأي تصور واضح يراعي الخصوصية المحلية ويتجاوب مع الانتظارات المتعطشة لمستقبل المدينة، في حين نجد يوسف يحمل المسؤولية للساكنة لعدم خروجهم للاحتجاج على الأوضاع المزرية التي يعيشونها ” الناس ساكتة علاش ميخرجوج للشارع و يحتجو و يطالبو بحقوقهم”.

أما رشيد فيعلق بالقول عمالة تاونات تعيش تهميشا ممنهجا و غياب التنمية المحلية، ليس نتيجة عفوية بل هو فعل إرادي، تسعى من خلاله بعض من دوائر صناعة القرار السياسي إلى جعل إقليم تاونات ضمن دائرة المناطق التي من خلالها يتم ترتيب الخريطة الانتخابية على الصعيد الوطني أو الجهوي أو الإقليمي، وبالتالي يتوجب الإبقاء على سياسات عمومية هشة بالإقليم، مما يوسع من دائرة العزوف الانتخابي، أمر يمكن من الإبقاء على شريحة انتخابية قليلة، يسهل استمالتها إما بالمال أو المصالح أو التخويف أو القبيلة حيث علق بقوله “راكم غير كتخاربقو تاونات هاكا غتبقى لحقاش الناس اللي في الرباط بغينها تبقى كيف ما هي باش كيوازنو بها في الانتخابات”.
كل هذه القضايا التي يثار النقاش حولها تدل على وجود رغبة قوية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتقوية الاستثمار بمدينة تاونات، وهو ما يستوجب تضافر جهود جميع ذوي النيات الحسنة مع التحلي بالجدية والموضوعية لتحقيق هذه الأهداف، وباحتضان من السلطة الإقليمية خصوصا من أجل الترافع على استقطاب مشاريع استثمارية حكومية أو جهوية، أو طلب زيارة ملكية للإقليم من شأنها تحقيق انفراج قوي في الجانب التنموي على غرار المدن التي حضيت برعايته السامية.

بقلم : عادل عزيزي لفاس نيوز ميديا