كتاب و آراء – أعجبني التشبيه الذي أطلقه البرلماني والمستشار جواد الشامي عن حزب الأصالة والمعاصرة (المدينة عايشة سنة من ﻠَﯕنازة والميت لازال لم يُدفنْ بعد!!). تشبيه أتقن العبارة والدلالات المتعددة والقراءات المتنوعة، وأحاط بحالة الاستثناء التي يعيشها مجلس جماعة مكناس. فبعد العصيان الديمقراطي، والمقاطعة التي رفعت الجلسة إلى إشعار آخر، باتت المدينة تعيش ضمن خانة وضعية الاستثناءات والنكبات التي تستوجب تدخل الدولة للحد من تجليات الاحتقان.
فبعد ندوة (لايفات) وهي الموضة الجديدة، والتي أفرزت خطابا من السيد الرئيس لم يعد يحرك شيئا في المياه الراكدة بالمدينة، ومن تم نقول: أن ندوات (لايفات) فقدت حتى (سلطة الاستماع)، مادامت تفاهة سياسية التسويف تكرر نفسها، وتمطيط زمن المشاكل بلا حدود، وباتت السياسة بمكناس توازي (انتشار التفاهة/ الشوهة) في ظل كفاف القرارات الفاعلة مع التنمية، وإهمال التفكير السياسي الذكي بالمدينة.
ففي ظل نازلة المقاطعة، وندوة (لايف) حتى لا أتجنى بالباطل على قيمة السلطة الرابعة للصحافة النظيفة !! في ظل ندوة(لايف) الحانة بفندق سياحي، وأذان جمعة بالدعوة إلى الصلاة التي خير من (سياسة الرد على المقاطعين !!)، كانت المدينة تمارس (روتيني اليومي) في القول المستنسخ. كانت بحق ندوة (فوطو كوبي) التي أتخمت مسامع المدينة منذ سنة مضت وتزيد، كانت ندوة (لايف) تبحث عن التسويغ والمبررات، وشراء العطف، وترسيخ مفهوم (المظلومية).
لم تكن الدولة غبية من خلال دسترة الحكامة العمومية الجديدة وتسنين القانون المنظم للجماعات المحلية. لم تكن الدولة بالسذاجة، وهي تمهد الطريق لبناء الدولة الحديثة، ولثنائية التمثيلية الشعبية وعقلنة أقطاب الاشتغال، والترشيد، والفعالية. بل ذكاء الدولة يزيد في نوعية (العمل الجيد) الذي يفتقده المجلس، كانت الدولة تُركز على الحكامة والنموذج المحاسباتي (استراتيجية التدبير بالنتائج)، والتي بالمحتم المطلق تغيب عن رؤية المجلس. فالفكر السياسي الحديث انتقل من الحديث عن الوسائل ( ترميم شارع … إصلاح مصباح…) إلى تدبير الأفعال من خلال النتائج النهائية (المدينة التدبيرية المكتملة).
فنحن بمكناس نعيش فيض من كلام (الطواحين الهوائية الكبرى)، وطغيان (بلا…بلا…) والكراسي المتكلمة (أنا…). ففي ظل غياب الفعل والأداء والأثر نقول: “لا وجود لسياسة عقلانية بمجلس جماعة مكناس، ولا أثر عائد على المدينة والساكنة !!”.
مكناس مرت سنة ومجلسها لم يَتبنَ إستراتيجية التعاقد عبر التصديق على برنامج عمل الجماعة (2022/2023)، والذي نعتبره الشق (القانوني) ورؤية (التدبير الاستراتيجي).
فالسرعة في تنزيل الأفعال (المشاريع العالقة) يسير ببطء الأداء، والقول يزيد يوما بعد يوم، ويسوق ألوان الطيف لمدينة (الجن والملائكة)، ويعلق كل إخفاق في الحاضر على الماضي !! ندوة (لايف) أحيت تراكم القول الكمي، فقد غاب في ندوة (لايف) الأداء الصريح وتقويم التدبير بالنتائج، والالتزام التعاقدي المؤسساتي والتواريخ المضبوطة.
غاب عن ندوة (لايف) حتما الأداء الفعال، وأرقام الإنجازات، وسادت هرولة الأقوال والمناقشات (البوليميكية).
مكناس لا تريد حتما اعتماد القول البعيد عن الواقع، ولا اعتمار القول والكذب السياسي، لأن المدينة سئمت من الضبابية المدمرة التي تزكي الاحتقان.
مكناس تريد بحق ترسيخ الفعل المسؤول لا أقوال تضارب المصالح، وربط السياسة بالأخلاق. مكناس لا تريد تدمير القيم وتعويم المسؤوليات في سياسة الهروب إلى الأمام، بل ترغب في سياسة الواقع الحقيقي والأيادي النظيفة.
من تم تأتي دعوتنا أن تخرج جميع الأحزاب ببلاغات تبين سبب المقاطعة أو الحضور.
تأتي دعوتنا بأن المدينة (عيات) و(ملات) لعنة السياسة والسياسيين !! تأتي دعوتنا إلى السلطات الترابية العليا بتسريع توقيف مهزلة الضحك عن الديمقراطية، وعن مستقبل المدينة.
ستدوم المقاطعة إلى غاية الدورة الثالثة، والتي بحكم القانون (113/14) تعقد بمن حضر. حينها سيتم الإنزال، وتكسير المقاطعة، وإطلاق سراح (التشيار)، ثم تقوية حجم (البلوكاج) بالامتناع عن التصويت وإسقاط ميزانية 2023. وستستمر لعبة شد الحبل في جدلية العبثية، حتى يتم (قلب الطرحة)، وهذه هي التكهنات العقلانية القادمة في (فكر المكر السياسي) بمكناس.
بقلم : محسن الأكرمين لفاس نيوز ميديا