دورة تكوينية أهدافها حكامة جيدة و قضاء ذو مصداقية – عبد النباوي يبرز دور السلطة القضائية في تطبيق قانون المنافسة بالمغرب

  • كلمة السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بمناسبة الدورة التكوينية حول
    “دور السلطة القضائية في تطبيق قانون المنافسة”، بشراكة مع مجلس المنافسة، وبتعاون مع مجموعة البنك الدولي ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “CNUCED”.

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على الهادي المصطفى الأمين

حضرات السيدات والسادة الفضليات والأفاضل؛


يَسْعَد المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمشاركة مجلس المنافسة ورئاسة النيابة العامة في تنظيم سلسلة الأوراش التكوينية حول “دور السلطة القضائية في تطبيق قانون المنافسة”.
وهي مناسبة للإعراب عن جزيل الشكر وخالص الثناء للسيد أحمد رحو رئيس مجلس المنافسة، على تعاونه المستمر والمثمر في إطار الشراكة التي تجمع بين المؤسستين – المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومجلس المنافسة -، من أجل تنزيل وإنجاح هذا النوع من المبادرات التي تعكس إرادة المؤسستين وأملهما في الإسهام في تعزيز معارف القضاة بتطبيقات قانون المنافسة، والرفع من مهاراتهم لضبط تقنيات هذا القانون، مما سيساعدهم على تجاوز الإشكاليات العملية التي قد تعترضهم في تطبيق مقتضياته. كما أن الشكر ممتد للسيد م. الحسن الداكي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة لأجل سهره على انخراط قضاة النيابة العامة في الاستفادة من هذه التكوينات التي سترفع من قدراتهم لتسيير الأبحاث القضائية وممارسة الدعوى العمومية.
ونعتقد كذلك أن مساهمة بعض الخبراء من الدول الأروبية في هذه التكوينات، يعتبر فرصة سانحة للقضاة المشاركين فيها للتعرف على التجارب المقارنة والاستفادة منها. لأن المنافسة كانت عنصراً تاريخياً في البناء الأوروبي منذ خمسينيات القرن الماضي.
ويؤكد المجلس الأعلى للسلطة القضائية من خلال مشاركته في تنظيم هذه الدورات رؤيته الاستراتيجية المرتبطة بمجال تكوين قضاة المملكة، التي ترسم آفاقاً واعدة في تعميم وتوحيد تطبيق قانون المنافسة، بالنظر لما للقضاء من دور في تكريس الحكامة الجيدة وتحقيق الأمن القضائي والاقتصادي، وتثبيت مبادئ دولة الحق والقانون. كما أكدتها الرؤية الملكية السامية في الخطاب الذي وجهه جلالة الملك نصره الله بمناسبة ثورة الملك والشعب
20 غشت 2008 بتطوان. حيث قال جلالته : “أما الأهداف المنشودة، فهي توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصناً منيعاً لدولة الحق، وعماداً للأمن القضائي، والحكامة الجيدة، ومحفزاً للتنمية. وكذا تأهيله ليواكب التحولات الوطنية والدولية، ويستجيب لمتطلبات عدالة القرن الحادي والعشرين”.
حضرات السيدات والسادة؛
إذا كانت معظم اتفاقيات التجارة الحرة بين الدول تتضمن أحكامًا تنظم المنافسة فإن كل دولة تنظم سياسة المنافسة الخاصة بها. لأن هذه السياسة تظل في أغلب الأحيان اختصاصًا سياديًا. وفي بلادنا أكد الفصل 35 من دستور المملكة مبدأ التنافس الحر. وعهد إلى مجلس المنافسة بمقتضى الفصل 166، بمهمة ضبط عملية المنافسة. وقد تم تنظيم اختصاصات مجلس المنافسة وتأليفه في القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة. كما تم تنظيم الممارسات المنافية للمنافسة في القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والتمنافسة.

وقد تضمنت القوانين المغربية المتعلقة بالمنافسة مقتضيات منظمة للعلاقة بين القضاء ومجلس المنافسة من أهمها :

  1. إمكانية الطعن في القرارات المتخذة من قبل مجلس المنافسة أمام الجهات القضائية المختصة.
    إذ يتم الطعن في قرارات المجلس المتعلقة بالممارسات المنافية للمنافسة أمام محكمة الاستئناف بالرباط. كما يتم الطعن في المقررات المتعلقة بعمليات التركيز الاقتصادي أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض؛
  2. إمكانية استشارة مجلس المنافسة من قبل المحاكم في شأن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة، المثارة في القضايا المعروضة عليها؛
  3. إمكانية إجراء الأبحاث الميدانية التي يأمر بها رئيس مجلس المنافسة بتنسيق وترخيص من النيابة العامة المختصة.

وإذا كانت الممارسة القضائية لا تسجل تراكماً في مجال تطبيق قانون المنافسة، وهو الأمر الثابت من خلال ندرة القرارات الصادرة بمناسبة البت في الطعون المقدمة ضد قرارات مجلس المنافسة، أو من خلال تلك المتعلقة بالفصل في المنازعات التي يثيرها الأطراف المتضررين من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة. فإن إشاعة تطبيقات قانون المنافسة وتوسيع مفاهيمها لدى القاضي من شأنه إنتاج قضاة مؤهلين للبت في هذا النوع من القضايا، وتعزيز قدراتهم في هذا المجال. وذلك لخصوصية قضايا المنافسة ولتعلق منازعاتها بما هو اقتصادي أكثر مما هو قانوني.

وهذا هو الهدف المرجو من هذه الأوراش التكوينية، التي تم إغناء برنامجها بمحاور تهتم بدور القضاء في ضبط عملية المنافسة، ومجالات اختصاص المحاكم ومجلس المنافسة.

وتمييز بعض التعاريف كالتحالفات والاتفاقات والاستغلال التعسفي. وضبط الممارسات المنافية لعملية المنافسة، ووسائل الإثبات المرتبطة بكل ممارسة على حدة.

والاطلاع على مسطرة البحث والتحقيق، ومسطرة البت في القضايا المعروضة أمام مجلس المنافسة، واختصاصات هذا الأخير وأداورِه التقريرية والاستشارية، وخبراتِه في تحليل السوق الاقتصادية. لأجل ذلك أدعو القضاة المستفيدين من هذا التكوين إلى المشاركة فيه بما هو معروف فيهم من حماس وجدية. وأشكر المحاضرين والخبراء والمنظمين على مساهمتهم الفعالة في هذه الورشة، التي أرجو أن تكلّل أشغالها بالتوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

المصدر : فاس نيوز ميديا