متابعة محسن الأكرمين.
لَمْ يُخْلف أهل حي القصبة بمكناس موعدهم مع الاحتفالية بالميلودية، حيث أقام حفدة شيوخ الحي ليلة ربانية دينية واجتماعية وتضامنية. أجواء عطرة وبخور من تاريخ المديح وفن الملحون والإنشاد، والفن العيساوي عاشها من حضر الليلة باللحظات التقليدية الأصيلة.
فقد استطاعت الليلة الميلودية القصباوية، أن تجمع حضورا متنوعا من الأجيال، بداية من شيوخ الملحون والنغمة العيساوية، وصولا إلى شباب بات يحمل مشعل الاستمرارية، والتعزيز الرصين للموروث اللامادي للفن العيساوي والمديح، وفن الملحون والإنشاد الأصيل بحي القصبة العريق تاريخيا.
تلك الطريقة التقليدية التي حرص عليها المنظمون تقديمها في تلك الليلة، أبانت أن المديح والإنشاد وفن الملحون والدقة العيساوي في أياد آمنة. أياد آمنت على رفع أعلام التنوع للدقة العيساوية، بأصالة ومحافظة على الأوجه الموسيقية العيساوية بدون تحريف ولا زيادة.
قد نكون نعيش زمن تثمين المدينة العتيقة بمكناس، والتي أغفلت إدخال حي القصبة في التأهيل والترميم العام. قد نكون نغفل ذاكرة شعبية بحي القصبة متحركة وأنيقة ودالة، ولم نستطع ترميم التاريخ الشفهي بالجمع والتأصيل، والحفاظ عليه من المحو الزمني. قد نكون بمدينة مكناس لا نحتفي بالأصيل وباتت التفاهة تغزو المدينة وتطوح بالجميع نحو ردم التاريخ اللامادي الأصيل، ولما حتى العجز عن إتمام دفتر تحملات التثمين والتأهيل في برنامجه الأول.
فمن حسنات ليلة الميلودية القصباوية، أنها استطاعت تكسير الجمود في إنعاش الموروث الشفهي والفني الأصيل بالحي. استطاعت إحضار الشيوخ ضمن حلقة الذكر والإنشاد والفن الرزين. استطاعت ومن خارج الدوائر الرسمية من جعل المبادرة تخرج للجميع في حلة تنظيمية مضبوطة.
ليلة الميلودية القصباوية، استمتع بها من حضر من داخل المدينة ومن خارجها. فقد تنافس في تلك الليلة على فن إسماع المديح والملحون جيل شبابي وشيوخ احتفوا جميعا بمأثور حي القصبة بأدب وأناقة، لن تجد لها مثيل في عموم المدينة.
عن موقع: فاس نيوز ميديا