حوار مع الشاعر الأردني زيد الطهراوي ــ د. فاطمة الديبي/ ذ نصر سيوب “يجوز شِعراً ما لا يجوز شَرعاً”

“الشاعر والجنون” :

الشاعر إنسان، والإنسان فيه السوي وغير السوي، لذلك لا بد من النظر بإنصاف إلى هذا الأمر، فهناك شعراء وفنانون عاشوا حياتهم بتوازن نفسي، وهناك شعراء وفنانون تعرضوا للاكتئاب والقلق، وغير ذلك من الأمراض النفسية التي تصيبهم وتصيب غيرهم.

ــ “الشعر والرقابة” :

الذي أود أن أقوله لا أعطيه  دفعة واحدة إذا وجدت فيه مخالفة لعادة سيئة متوارثة، فالطبيب لا يعطي الدواء مرة واحدة للمريض و لكنه يعطيه له بجرعات، وهو لا يعطي نفس الجرعة لكل مريض، وما يصلح لمريض لا يصلح لمريض آخر، وبهذا تنشر ما عندك من خير بالتعاون بينك وبين المتلقي.

ــ “مقولة الشاعر أحمد حضراوي : (“يجوز شِعراً ما لا يجوز شَرعاً”) :

مع احترامي لهذا القول الذي لا أعلم سببه أو الحالة التي أثرت على الشاعر، فقد يكون مجرد جملة جمالية، أما أن يتخذ هذا منهجا فلا… لأن الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح  كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان الكلام السيء محرما فهو في الشعر أيضا محرم، وإذا كان كل ما ينطق به الإنسان محاسبا به فكل ما يكتبه شعرا أو نثرا فهو محاسب به.

ــ “ذِكْر الموت” :

الموت لا يخيف المؤمن لأنه قدر من الله، والأقدار لا يعترض عليها، فالمؤمن يستعد للموت بالأعمال الصالحة والدعاء بحسن الخاتمة. وهو  في أشعاري للتذكير بأن هناك حياة أخرى تبدأ بعد الموت.

ــ “الحــــريــــــة” :

نعم أشعر بالحرية كشاعر، فليس هناك رقابة على الجمال والالتزام بقضايا الأمة والوطن والإنسان.

ــ “أكتب القصيدة أم تكتبني” :

في رد سابق ذكرت أن الشعر الموزون فيه تقييد، ومن هنا جاءت هذه الكلمات : أن القصيدة تكتب الشاعر ولا يكتبها هو، ولكن ليس لهذه الدرجة من الجمود. وأنا أذكر لك سطرا شعريا لمحمود درويش يوضح هذا الأمر فقد قال : “أنا منحاز إلى النثر ولكني جبان” :
منحاز إلى النثر لأن فيه حرية وتحررا من الأوزان ولكنه جبان، يعني لا يستطيع التخلي عن الشعر الموزون لقوته وجماله أو لاعتبارات أخرى.

ــ “الرؤى التي أسعى لإيصالها”:

كثيرة هي الأمور التي تستحق أن تحوم في السماء ناثرة أريجها، ولكن القراءة والتجربة لها دورها، وأنا أشعر الآن أن أكثر ما يحتاجه الناس هو الاهتمام بالقيم السامية التي دعا إليها الإسلام؛ كالرحمة  والرفق والإيثار وغيرها من القيم التي إذا تعمقت فإنها ستسعد أصحابها.

ــ “قصيدتي المستحيلة”:

لا أستطيع أن أقول أن هناك قصيدة مستحيلة سأكتبها،  ذلك أن التطور الذي يتمناه الشاعر لا يقف عند قصيدة بل هو امتداد، والحياة كلها تجارب وصقل لشخصية الشاعر وشعره.

ــ “مفهوم الحب”:

الحب هو الذي ينبغي أن يورق في حياة الناس، وأن يمتد كالظلال ليمتد الإخاء.

ــ “دور الشاعر”:

أولا لا بد من معرفة أمر مهم وهو أن العبرة ليس في العمل، العبرة في نتيجة هذا العمل، ولذلك فإن الجهد سينصب على تجميل صورة العدل وتقبيح صورة الظلم، فإذا حصل هذا فإننا سنكون قد قطعنا شوطا كبيرا في إسعاد الإنسان والحفاظ على كرامته.

ــ “الأقرب لي في الكتابة”:

أحيانا القصيدة هي التي تلبس الشكل، وهذا يتعلق بقراءة الشاعر، فقد يعد بحثا عن الشعر العمودي فتؤثر كثرة القراءة فيه فيجد العمودي مناسبا له.
أما أنا فقصيدة التفعيلة أقرب لي لوجود مساحة من الحرية فيها مع تقديري لأهمية القصيدة العمودية.

ــ “قصيدة النثر”:

يوجد لي قصائد نثرية أتمنى أن ترقى في المستقبل للقصيدة العمودية والتفعيلة.

ــ “التعليم واللغة العربية” :

التعليم بحاجة إلى اهتمام واسع من الجميع وخاصة أولياء الأمور والمعلمين، أما اللغة العربية  فهي لغة  قوية يبدع في النهوض بها من أحبها، ولذلك كانوا في الماضي يبعثون الطفل إلى البادية ليتلقى اللغة العربية الفصيحة من الفصحاء البلغاء، أما في أيامنا هذه فإن المتقنين للغتهم العربية كان الدافع لهم هو الحب لها فقرأوا الكثير من أشعار العرب ونثرهم إلى أن أطاعهم لسانهم.

ــ “هل أنصفني النقد ؟” :

 ربما يكون هذا السؤال سابقا لأوانه، ذلك أنني ما زلت أنشر ما أكتب،  وإلى الآن لم تنتشر دواويني الشعرية، فلا أستطيع أن أقرر هل أنصفني النقد أم لم ينصفني، وقد قرأت مقالا للناقد المغربي أحمد شيخاوي تناول فيه تجربتي الشعرية مركزا على القضايا التي استحوذت على اهتمامي كشاعر.

ــ “صحيح البخاري وأسباب الهجوم عليه” :

الأسباب واضحة ومن أبرزها الجهل، فهؤلاء يتكلمون في غير تخصصهم.  وسبب آخر هو أن الذين يهاجمون البخاري أكثرهم ليبراليون أو شيوعيون، ومنهم من يطعنون في البخاري والسنة ويسمون أنفسهم قرآنيون (أي لا يعترفون بغير القرآن الكريم)، ومن هنا يتضح لك أن الغرض من هذه الهجمة هو التشكيك في الدين، فأنت تعلم أن القرآن وحي من الله، والسنة وحي من الله كذلك، فإذا رفضنا السنة فإننا نكون قد رفضنا وحي الله، ونكون قد خالفنا القرآن الكريم الذي هو كلام الله وأوامر الله، لأن القرآن أمرنا أن نجعل السنة مصدرا من مصادر التشريع الإسلامي كالقرآن، وعلمنا الله في القرآن الكريم أن السنة مبينة  لما نزل علينا من القرآن؛ قال سبحانه و تعالى:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)) سورة النحل..
ومعنى لتبين : أي بيان مجمل القرآن بالسنة.
وبذلك يتضح لك أنهم يريدون إبعادنا عن ديننا عن طريق مهاجمة  صحيح البخاري والسنة، لأن القرآن أمرنا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصيام والحج، ولكن أين تفصيل ذلك كله ؟  تفصيل ذلك في البخاري ومسلم وغيره من كتب السنة، فإذا طعنوا في البخاري الذي هو أصح كتب الحديث فسيسهل عليهم الطعن في مسلم والترمذي وغيره من كتب السنة، فكيف نصلي ؟ وكيف نصوم ؟ وكيف نعبد الله تعالى ؟ وبذلك نبتعد عن ديننا وهذا هو مرادهم.

ــ “ردي على من يقول بتنقية السنة مما يخالف المنطق والعلم” :

نفس الرد السابق، فكلامهم هذا هو نفسه هجوم وإنكار للسنة، ومحاولة إبعاد الناس عنها، فالتفاحة يوضع فيها السموم فتصبح سامة، ولا يعني كونها جميلة المنظر أنها خالية من السموم، كذلك هؤلاء القوم يغيرون أسلوبهم وكلماتهم ، وهدفهم واضح وهو الطعن في السنة لإبعادنا عن ديننا.

والحض على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم موجود بكثرة في ديواني “هتاف أنفاس”، هناك قصيدة “رسالة إلى أخي في فلسطين” ذكرت فيها أسباب ضعفنا، ومن ذلك إماتة  سنة النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الاهتمام بها والعمل بها ونشرها:

هذا صلاح الدين أسس زمرة
يقري منابت عيشها القرآن

غرس المدارس في الديار فأينعت
هطل الغمام وطالت الأغصان

واليوم ننسى ديننا وجذورنا
وتغوص في وحل الدجى الأركان

والنفس إن طابت سيبزغ نفعها
وإذا نأت فكأنها القيعان

ويذبنا ذب الفراش محمد
ويدسنا في قعرها العصيان

ونميت سنته ونحيي بدعة
وهي الضلالة بيتها النيران

وهناك قصيدة : “غربة الدين” التي ذكرت فيها رغبة البعض في ترك الشريعة  ليتبعوا لينين وماركس،
وكذلك كانت لي قصائد في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم أمام المستهزئين، وفي محبته وفي محبة صحابته والدفاع عنهم لأن الطعن فيهم طعن في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهم الذين نقلوها لنا.  أما العلماء فهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كتبت في الدفاع عنهم، وفي رثائهم لأن الطعن فيهم هو منع  للناس عن معرفة  دينهم واتباع سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. 

ــ “آمالي كإنسان وكشاعر” :

الآمال واحدة شاعرا وإنسانا، وهي أن يعم السلام، وتنتهي الحروب، وأن تتعمق مبادئ الإسلام، وقيمه بكل ما فيها من رحمة ورفق وتيسير.

ــ “هواياتي الأخرى” :

هواياتي الأخرى بالإضافة إلى الكتابة الشعرية هي المطالعة والتأمل.


ملحوظة : أجري الحوار بتاريخ مارس 2018

_ انتهى _

عن موقع: فاس نيوز ميديا