يحدث الآن – وزير العدل وهبي يَستعرض المكتسبات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان و يقول أن الحكومة كان لها دور في ذلك .. و ها التفاصيل بالصور

استعرض وزير العدل “عبد اللطيف وهبي” في ندوة دولية بمراكش الإصلاحات والمكتسبات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان.

و أفاد وزير العدل من مراكش: “الحكومة جعلت تتبع الوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الانسان جزء أساسيا ضمن سياستها”.

و أكد وزير العدل على استعداد المغرب للتجاوب مع كل المبادرات التي تعزز مكانة الأمم المتحدة وتقوية أدوارها في مجال حقوق الانسان.

كلمة وزير العدل في افتتاح الندوة الدولية حول الآليات الوطنية للتنفيذ وإعداد التقارير والمتابعة في مجال حقوق الإنسان :
 

مراكش 7 دجنبر 2022
 
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة
 
أود بداية أن أرحب بضيوف المملكة المغربية المشاركين في هذه الندوة الدولية التي اختير لها موضوع ” الآليات الوطنية للتنفيذ وإعداد التقارير والمتابعة في مجال حقوق الإنسان”، والتي تحتضنها مدينة مراكش برمزيتها التاريخية ومكانتها الدولية المرموقة.

وأغتنم هذه المناسبة، للتنويه بمبادرة تنظيم هذا الحدث الدولي الهام والأول من نوعه، الذي يجمع مسؤولين رفيعي المستوى، وخبراء دوليين مهتمين بقضايا حقوق الانسان، وممثلين عن الآليات الوطنية للتنفيذ والابلاغ والمتابعة التي أصبحت اليوم فاعلا رئيسيا على المستويين الدولي والوطني، باعتبارها، من جهة، الآلية المؤسساتية المكلفة بمواكبة الديناميات الاستراتيجية وتتبع التنسيق مع الجهات الفاعلة المعنية على المستوى الوطني، ومن جهة أخرى، الآلية القارة المكلفة بتتبع تنفيذ الالتزامات في العلاقة مع المنظومات الدولية والإقليمية لحقوق الانسان.
 
حضرات السيدات والسادة؛
ان التزام المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، بقضايا حقوق الانسان، على مستوى السياسات والمؤسسات والآليات والممارسات، يتواصل من خلال ترصيد المكتسبات والتجارب الوطنية بالغة الأهمية، والتي تجسدها، بقوة، عديد الإصلاحات والمبادرات الاستراتيجية والمهيكلة، وقد كانت تجربة العدالة الانتقالية والحقوق اللغوية الأمازيغية، والاصلاحات التشريعية التي تخص قضايا المرأة والطفل والهجرة على رأسها. كما كان إطلاق أوراش اقتصادية واجتماعية تهم التنمية البشرية والمستدامة والنموذج التنموي الجديد والحماية الاجتماعية والطاقات النظيفة والمتجددة جزء من هذا المسار الذي تم التأصيل له وتعزيزه بالإصلاح الدستوري العميق الذي شكل استجابة لتطلعات القوى الحية الوطنية وانعكاسا لمختلف الديناميات السياسية والحقوقية والتنموية الوطنية.

لقد اختارت المملكة المغربية، بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي يرعى قضايا حقوق الانسان، أن تكون من الدول الأولى التي أحدثت الآلية الوطنية للتنفيذ وإعداد التقارير والمتابعة في مجال حقوق الإنسان تحت مسمى “المندوبية الوزارية المكلفة لحقوق الانسان”، وعيا منها بالحاجة الى تطوير السياسة الوطنية في مجال حقوق الإنسان وتقوية منهجية وأساليب ووسائل العمل، وتجويدا للعلاقة مع تتبع الالتزامات الدولية للمملكة المغربية، باعتبارها دولة طرفا في جميع الاتفاقيات الأساسية في هذا المجال وفي معظم البرتوكولات الملحقة بها.

كما جاء إحداث هذه المؤسسة حرصا من المملكة المغربية على مواكبة التطورات المرتبطة بتزايد حجم الالتزامات الدولية واتساع نطاقها وتعدد الفاعلين المعنيين بها، ومراعاة لمتطلبات التخصص والحكامة المؤسساتية، بما يمكن من تحقيق الانسجام في السياسات والبرامج العمومية، ويضمن، بالنتيجة، التنسيق والحوار والتعاون والتشاور بين مختلف الفاعلين، من قطاعات حكومية وبرلمان ومؤسسات وطنية ومجتمع مدني.

وسعت المملكة المغربية، في هذا الإطار، إلى جعل هذه الآلية الوطنية فضاء مؤسساتيا قارا يلتئم فيه مختلف الفاعلين المعنيين بتعزيز حقوق الانسان، حيث أنيط بها تنسيق تتبع الالتزامات الدولية في مجال حقوق الانسان، باعتبارها خيارا وطنيا استراتيجيا ولا رجعة فيه، من خلال توليها إعداد التقارير الوطنية المقدمة الى هيئات المعاهدات ومجلس حقوق الانسان والردود والأجوبة المقدمة في إطار آلية البلاغات الفردية وتلك المقدمة الى الإجراءات الخاصة والمفوضية السامية لحقوق الانسان، فضلا عن تنسيق زيارات الإجراءات الخاصة الى المملكة المغربية. كما أنيط بهذه الآلية تنسيق تتبع التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية غير الحكومية وتعزيز آليات الشراكة مع منظمات المجتمع المدني الوطنية العاملة في مجال حقوق الانسان.

حضرات السيدات والسادة؛
لقد جعلت الحكومة المغربية تتبع الوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الانسان جزء أساسيا ضمن السياسة الحكومية، حيث حرص السيد رئيس الحكومة، اعتبارا لكون أعمال التنسيق المؤسساتي في هذا المجال يمارس داخل فضاء المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان، على دعوة المندوبية الوزارية إلى إيلاء العناية الضرورية لتتبع تنفيذ الالتزامات الدولية المتعلقة بتقديم وفحص التقارير الوطنية أمام آليات الأمم المتحدة، وكذا تتبع تنفيذ التوصيات الصادرة عقب فحص تلك التقارير، حيث كانت دعوة السيد رئيس الحكومة للمندوبية الوزارية لإعداد تصور بشأن تفعيل توصيات لجنة مناهضة التمييز ضد المرأة عقب فحص التقرير الوطني الخامس والسادس مثالها الأبرز. كما كان لتعزيز المعرفة الحقوقية عبر مبادرة المؤتمر العلمي الجامعي حول حقوق الانسان نصيب ضمن اهتمامات الحكومة.

وكانت المندوبية الوزارية موضوع اهتمام الفاعل البرلماني، سواء خلال التشاور بشأن التقارير الوطنية مع اللجان المختصة بمجلسي البرلمان أو خلال مناقشة الميزانيات القطاعية بمناسبة قوانين المالية، حيث حظيت بالتنويه والاشادة بعملها، كما كانت محط دعوة الى ايلائها مزيدا من العناية اللازمة وتمكينها من الوسائل الملائمة. هذا دون اغفال اهتمام مختلف مكونات مجلسي البرلمان بقضايا حقوق الانسان على المستوى الرقابي، والذي نحرص في الحكومة، على التفاعل الإيجابي معه.

إن الحكومة المغربية واعية تمام الوعي بأهمية تحديث هذه المؤسسة وتطوير وسائل عملها وتجويد تدخلاتها، تنفيذا للتوجيهات الملكية المعلن عنها في الرسالة الملكية السامية بمناسبة الذكرى 70 للإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 2018، من خلال مراجعة الإطار القانوني المنظم لها وتمكينها من الوسائل المالية والإدارية الكفيلة بتعزيز وظائفها وأدوارها وتطوير منهجيتها، وبمراعاة مكانتها في قلب التنسيق المؤسساتي وترصيد تجربتها وتنمية خبرتها بما يمكن من الوفاء بالالتزامات الدولية بكل مهنية وحرفية وجودة.

 وجدير بالتذكير أن الحكومة المغربية انطلاقا من التزامات بلادنا الدولية، تولي لقضايا حقوق الانسان العناية الكاملة، حيث اعتبرتها في البرنامج الحكومي 2022 – 2026، مرتكزا أساسيا ذي أولوية في سياساتها ومخططاتها وبرامجها. وقد كان تحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان على رأس أولويات التزاماتنا، كما يضاف اليها اهتمامنا بملاءمة الإطار القانوني المتعلق بالمنظومة الجنائية، وكذا النهوض بقضايا النساء والأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة والمهاجرين والعدالة الاجتماعية والمجالية والتربية والتعليم والصحة.
 
حضرات السيدات والسادة؛
لا شك أن الاختيار الوطني بإحداث المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان، يتعزز اليوم وأكثر من أي وقت مضى، مع توجه متنام للعديد من الدول بإحداث آليات وطنية مماثلة، في العشر سنوات الأخيرة، بعد صدور تقرير المفوضة السامية لحقوق الانسان لسنة 2012 حول نظام هيئات المعاهدات، حيث تزايد عددها وتنوعت أدوارها وتدخلاتها، مما أفضى الى بروز ديناميات على مستوى مكانتها دوليا وتطور بالنسبة لوظائفها وطنيا.

وكما تعلمون، لقد أظهرت نتائج المشاورات الإقليمية والدراسات المنجزة من المفوضية السامية لحقوق الانسان حول الآليات الوطنية للتنفيذ وإعداد التقارير والمتابعة في مجال حقوق الإنسان وجود حاجة ماسة الى ترصيد الخبرة والتجربة التي راكمتها هذه الآليات وأهمية تعزيز التعاون فيما بينها، تماشيا مع قرار مجلس حقوق الإنسان المعتمد بتاريخ 7 أكتوبر 2022، الداعي إلى متابعة عمليات التبادل بين الآليات الوطنية على الصعيدين الدولي والإقليمي وتيسير إنشاء شبكة ممارسين وقطب معرفي لهذه الآليات.
وفي هذا الإطار، نتطلع، الى أن تشكل هذه الندوة الدولية الهامة، بمشاركتكم المتميزة وخبرتكم الواسعة ومساهماتكم النوعية، مبادرة تأسيسية على مستوى تقاسم التجارب الناجحة وتبادل الممارسات الفضلى والخبرات، ومناسبة مواتية لتبادل الرأي ووجهات النظر والتفكير بشأن سبل تحقيق التعاون المطلوب بين الآليات الوطنية خدمة لقضايا حقوق الانسان. وكعادتها، ستبقى المملكة المغربية مستعدة للتجاوب مع كل المبادرات الوجيهة التي من شأنها تعزيز مكانة الأمم المتحدة وتقوية أدوارها وتطوير نظامها في مجال حقوق الانسان في ظل عالم تتزايد فيه المخاطر والأهوال والتحديات.

أتمنى لأشغالكم كامل التوفيق والنجاح.

المصدر : فاس نيوز ميديا