متابعة محسن الأكرمين.
من العبث الغاشم أن تجد الرمزية التاريخية العمرانية بمدينة مكناس تتلطخ برسومات من جيل (التبرهيش) والعقلية اللامسؤولة الغبية. في هذه الأيام مس العبث جمالية ودلالة ما تم ترميمه وتأهيله من معالم مكناس الكبرى. ففي بوابة باب القصدير مثلا (حي الزيتون) تم الاعتداء على السور والبوابة كجناية ذات نية وتربص بالسوء والتشويه، وإنشاء كتابات (شخبطة) مست ما تم ترميمه وتأهيله في إطار برنامج تثمين المدينة العتيقة لمكناس. تم تشويه المنظر الخارجي للبوابة، وتلك التكسية الخشبية المليحة الجديدة برسومات وكتابات لا تمس إلى الوعي الحضاري، ولا إلى مميزات الأخلاق والقيم المَدِينِيَّةِ بصلة، فمهما كانت الدلالة اللغوية والسيمائية لتلك الرسومات والكتابات، فهي تشوه جمالية المدينة.
نعم، الجميع يدين بشدة تشويه معالم مكناس العمرانية سواء كانت تاريخية أو حديثة أو ملكية خاصة. يُدِين تلك الكتابات العشوائية مهما كانت رمزيتها ودلالتها لأنها خارج الإطار القانوني وفي غير مكانها الطبيعي، وتمس ممتلكات الغير والملك العام المشترك. فالأسوار رصيد تاريخي مادي نتقاسم جميعا صفة العناية به، والحفاظ عليه كملمح مدينة ذا دلالة حضارية. فالتعدي بالكتابة على الأسوار هو تعد مقيت على التاريخ عموما وعمر مدينة. تَعَد على برنامج تثمين المدينة العتيقة لمكناس في إطار تنزيله وإعادة التفكير في التوظيف الأمثل.
إن تحسين جاذبية المدينة السياحية والاقتصادية، ورد الاعتبار للتراث التاريخي للمدينة العتيقة لمكناس، وحماية المشاهد الحضرية التاريخية بات من مطالب مكناس الرزينة والمجتمع المدني (المنتدى المدني لدعم ومواكبة برامج تثمين وتأهيل مدينة مكناس )، لكن قد نكون من عديمي الحس والتمييز إن نحن لم نواكب عمليات التثمين، والحفاظ على الموروث العمراني والثقافي لمدينة مكناس بدون تشويه من عديمي الضمير الحضاري. قد نكون من خارج سرب الوفاء لتاريخ المدينة إذ نحن لم نحتف بترصيد كل المجهودات السائرة نحو تأهيل وإحياء تاريخ مكناس بفخر الشواهد العمرانية والثقافية والإنسانية، ونعلن (أنا،أنت، نحن،هم ،هن…) حمايتها من التشويه والخربشة البخسة. قد نكون من الجيل الحجري (قبل التاريخ) إن نحن جعلنا من أسوار المدينة (جريدة صفراء) لمطالب سياسية أو رياضية أو اجتماعية يمكن أن تسوق بطرق حضارية أخرى، خاصة ونحن نعيش ضمن زمن ذكي لتناقل المعلومات السريعة عبر المواقع الاجتماعية الاليكترونية (الفايسبوك) والفورية (الوات ساب).
كلنا مسؤولون، بالتحسيس وخلق الوعي، والتربية الجمالية والبيئية، وتجنب تشويه المعالم العمرانية بكتابات ورسومات، فحتى علامات التشوير والمرور بمكناس لم تسلم من (خربشات) العبثية، ومن التلاعب التشويهي التي تقوض جمالية الملك العام. كلنا مسؤولون، بحد القانون والدولة والسلطات الترابية في مراقبة وحراسة ما تم إنجازه من عمليات الترميم.
وقد يكون لنا التماس للمقاولة الوطنية (ذات الجودة) والتي تقوم بترميم مقطع من (برج بيبي عيشة) إلى (برج باب كبيش)، على العمل على إخفاء تلك التشويهات (الكتابات)التي أصابت بوابة باب القصدير.
عن موقع: فاس نيوز ميديا