الغَلاَءُ لاَ زَالَ يَقْهَرُ الشَّعْبَ فِي مَعِيشِهِ اليَوْمِي.
محسن الأكرمين (مقال رأي).
رغم تلك اللجان المشتركة والمتحركة بقوة السلطات الترابية، وبربوع أسواق ومحلات المواد الاستهلاكية بالمملكة، إلا أن الغلاء شديد وقوي ولا يتزحزح من مكانه العلوي. من تم هل نقول: بفشل تلك الإجراءات الحكومية ومنها اللجان المشتركة لمراقبة الأسعار والجودة والتموين بالأسواق والمحلات التجارية، أم أن الأمر يحتاج إلى انتظار طويل قد ينهك السلم الاجتماعي؟!
المنظور العام للأسعار، والمواد الاستهلاكية لم تتغير، بل بقيت تحافظ على مرجعية الأثمان (المرتفعة)، ومرجعية التبريرات (الجفاف/ الصقيع/ السوق الدولية/ المضاربات…). فرغم سلسلة (ذكريني) في الإعلام العمومي، و نقل الجولات الميدانية (بالصوت والصورة) عند باعة التقسيط، والذين لا دخل لهم أساسا في ارتفاع الأسعار. ورغم تلك الحملات على المخازن العشوائية والمضاربين في مواد الاستهلاكية، فإن السوق لازال وفيا للأثمان المرتفعة، فكل المواد الغذائية (فوق من 10 دراهم).
بحق المواطن لا يريد لجانا عقابية لباعة بالتقسيط لم يشهروا الأثمنة باللوحة والطباشير. المواطن لا يريد ذاك التمويه الإعلامي والوقوف عند الباعة الصغار وفي الأسواق المهمشة بأنهم هم أصل الغلاء والداء. المواطنون يريدون من الحكومة إجراءات عمليات تخفيض للأثمان وبالتدخل المسؤول. يريدون أن تراقب الحكومة الأسواق الكبرى، ومصنعي المواد الاستهلاكية. يريدون مراقبة ودخول تلك اللجان المشتركة إلى معامل الحليب والزيت والضيعات الفلاحية التي بلا حدود… وإجراء التفتيش والتنقيط العقابي والنقل التلفزي. يريدون من الحكومة اعتبار أزمة الغلاء هيكلية وهي المسؤولة عنها، وعن إيجاد حلول مرجعية لها.
بالطبع الحكومة (قَتْلاَتْنَا) بأنها تدعم (البوطاغاز). قتلونا بأن صندوق المقاصة يستهلك (40مليار). قتلونا بنفس الخطاب المُسْتَعْلِي، وبأن الفقير يعيش من خيرات الحكومة، لا والله !! بحق الله، المال مال الشعب العام، والحكومة ما هي إلا أمين رقيب على هذا المال (لكي لا نختصم عليه)، وصرفه بالنفع على العموم، وبلا ترف ولا بذخ في الدواوين الكبرى.
(الشَّعْبُ مَعَمَرْ نَفْسُو بالصَّبْرْ). الشعب يؤمن بالسلم الاجتماعي واستمرار الإصلاحات في ظل القيادة الحكيمة للسدة العالية. الشعب يرى أن تلك اللجان التقنية المشتركة ما هي إلا عمليات تجميلية لذر الرماد في العيون. فالأزمة قد تزيد وتتسع مع بدايات شهر رمضان الكريم. الأزمة ستستطيل في ظل كفاف الحكومة عن اتخاذ إجراءات ذات فعالية لتحجيم الغلاء (الإعفاءات الضريبية/ تخفيض المواد البترولية…)، فإجراءات الحكامة تغيب عند الحكومة، وتنتعش الإجراءات التقنية.
اليوم تشير الأصابع إلى (المافيا) الكبار في المال والتجارة والفلاحة والاستيراد والتصدير والسياسة والاستثمار. تشير الأصابع إلى الوسطاء (الشناقة) الكبار من جيل فلاحي (المغرب الأخضر). تشير الأصابع إلى اختيارات الدولة بصفة عامة (الفلاحة التصديرية بدل فلاحة الاكتفاء الذاتي)، والقضاء على الفلاحة المعيشية. تشير الأصابع إلى أزمة التضخم المالية التي قد تفوق ما يصرح المندوب السامي للتخطيط ووالي بنك المغرب. تشير الأصابع إلى المضاربات والاحتكارات من أناس يمارسون السياسة والاقتصاد والتشريع القانوني (تجار الأزمات). ترفض الأصابع تلك المبررات الكامنة وراء الاحتماء من وراء (السوق الدولية والجفاف).
تهديد السلم والأمن الاجتماعي بالمغرب بات في مرمى (مقلاع) بزيادة الاحتقان المتنامي. اليوم قبل غد لا بد على الحكومة من مراجعات قبل (غضب الصيام). لا بد على الحكومة من التوزيع العادل للثروة، وضمان الرفاه للجميع كما جاء في النموذج التنموي. الحلول واضحة وبينة، ومن بينها الزيادة في الأجور وخلخلة سوق الشغل، والدعم المباشر للأسر المتضررة (الفقر الهشاشة)، وسن إجراءات عملية لتخفيض الأثمان (التقليص الضريبي) ليستفيد منها المستهلك، و(الكوطة) في التصدير الفلاحية ، ووضع قوانين الحمائية للمواد الأساسية والاستهلاكية الوطنية.
عن موقع: فاس نيوز ميديا