كتاب و آراء – و لأن الله الكريم الوهاب، قد منَّ على الشعب المغربي، و حَباهُ القيادة الملكية المُصْلِحَة. فيَحِقُّ لنا أن نعتز، و أن نفخر بتِيمة المَلَكية المُنْقِذة. التي كُلَّما داهَمتْنا الأخطار المستجدة، و حيّرَت عقولنا كما الأذهان. إلَّا؛ وجدناها بالمقاربة السليمة، تُجَففُ منابع التخاذل الحكومي، و تحبط مكائد التّشكيك العدمي، و توَحِّد القلوب بالمكارم الإنسانية. كي توجه مختلف الفاعلين إلى حل المشكلات المُعَقّدَة، و حتى تُثَبِّت الأمال بخطة الإنقاذ الملكي. التي تتَضَمَّن حزمة إصلاحات سياسية، إقتصادية و إجتماعية جديدة و شاملة. بكل ما تتطلَّبُه الأزمة الطارئة من حكمة، و حزم، و تضامن، و تشبُّع بالواقعية.
فعند التّأمُّل؛ في معين المعاني، يظهر لكل عاقل لبيب، تركيزي على ضرورة الأمل و التفاؤل. ذلك؛ لأن الإحباط و الإنكسار، يهددان الوطن بالسكتة المعنوية. ممّا يتطلب شَحذ هِمَم الجميع، و بعث الثقة في النفوس. مع الوثوق في قدرة المملكة المغربية، على محاصرة فاجعة التضخم الكاسح، و على تجاوز آثارها الأليمة. ذلك؛ عبر إستدراك جُلِّ النواقص الظاهرة، المُتَرَتِّبَة عن القصور الذاتي لحكومة عزيز أخنوش.
إن مطالعة تاريخ الملاحم المغربية، تُرسخ في الأذهان القيم الحضارية الجميلة. و التي تميَّزت بها المؤسسة الملكية، باعتبارها منبعا للرقي الإنساني. حيث تجعل حياة المواطن المغربي، في مقام الأولوية و ذات الأهمية البالغة. لذا؛ ستجدون المؤسسة الملكية مبادرةً، بإبداع الخطط الكافية الشافية. قصد تجاوز فاجعة التضخم الكاسح، بكل تداعيتها المتعددة الأبعاد. و التي قد عرَّت؛ تخلفَ الفريق الحكومي عن إنجاز أهداف الرؤية الملكية، و عن الإضطلاع بمهامه التنظيمية الدستورية. و لعله ذا الذي؛ يجعلني أترقب جدولة زمنية مستعجلة، لخطة الإنقاذ الوطني. دون الإرتهان للَغْو المزايدات الحزبية، التي لا همَّ لها، عَدَا التطاحن حول القاسم و المقسوم الإنتخابي.
وَ بأسلوب تبليغي سلِس، أقتبس من عبق الخُطَب السامية، بغرض تنوير الإدراك الحسي و الوعي الجمعي. من حيث أن مسألة النجاح، لهي مسؤولية جماعية. و أنها تقتضي من الفريق الحكومي المتعثر، إعمال أحكام الدستور و إعطاء المثال الجيد فيها. بما أن نجاح أي خطة أو مشروع تنموي، يبقى رهينا باعتماد مبادئ الحكامة الجيدة، و ربط المسؤولية بالمحاسبة. فها؛ قد وقف فريق حكومة أخنوش، عاجزً عن إستيعاب أخطار المرحلة الطارئة. بل؛ قد تجَمَّد العقل الحكومي، فاقدً للممارسة الدستورية السليمة. في حين أن ماهية الرؤية الملكية، كانت تطمح إلى فتح أبواب مشروع وطني كبير و غير مسبوق.
إن “براكسيس” حكومة أخنوش، يناقض الإستراتيجية الخلاَّقَة، التي وضعتها الرؤية الملكية الإجتماعية. هذه الاستراتيجية التي كانت ترمي، إلى تدشين ورش النموذج التنموي الجديد. و الذي بات يواجه موانع حكومية داخلية، تحول دون القدرة على مقاومة التحديات الخارجية، و معالجة ملفات المرحلة المُستعجلَة. خاصة فيما يتعلق بإنقاذ القدرة الشرائية للمواطن المغربي، و تَمْكين الفئات المحتاجة، من وسائل الصمود أمام أزمة التضخم الكاسح، و من أدوات التخفيف من آثارها الكارثية العميمة.
و لأن المناسبة شرط؛ فلا بد من تجديد التأكيد، على أننا لن نستطيع خلخة رواسب المعيقات الذهنية، و الموانع الذاتية و الموضوعية. عدا؛ بالتمسك بماهية الرؤية الملكية و بصريح مضمونها، الذي يفرض على الفريق الحكومي: “تغيير العقليات”. حيث لا بد؛ من المساهمة الجادة، في تصحيح مسار الإنزياح الحكومي عن ماهية الرؤية الملكية. هذه الرؤية التي تريد تضميد جراح الوطن و المواطنين، و تسعى إلى حَثهم على الإستمساك بالأمل. مع العمل من أجل تدشين مرحلة مشرقة، من الإنماء و البناء المتَجَدِّدَيْن لمغرب الحاضر و المستقبل. كل ذلك: بعيدا عن أهواء حكومة: “تجميد العقل و تحَجُّر العقليات”. هذه الأهواء المنزاحة، التي لم تنعكس بالإيجاب على تعامل فريقها السياسي و الإداري، مع التطلعات و الإنشغالات الحقيقية للمغاربة.
و لأن الشعب المغربي، مُتعلق بأهداب العرش العلوي، وفيٌّ بحب المؤسسة الملكية. واثقٌ من قدرتها على قيادة مسيرة الصعود بالمغرب الديمقراطي، نحو المراتب المتقدمة بين الأمم. و كذا على الذود عن مصالح الوطن، بكل حكمة و قوة مع الإستبسال في مواجهة أعداء الوحدة الترابية إلى آخر رمق.
فإننا اليوم، نجدد التأكيد على أن مسيرة الإصلاح الديمقراطي التنموي، التي دشنها الملك محمد السادس منذ خطاب 30 يوليوز 1999. قد عَبَّدَت طريق الإصلاحات الهيكلية، و راكمت الكثير من المنجزات، لحتى استطاعت تجاوز العديد من المعيقات. و في مقدمتها الإمكانيات المحدودة التي يتوفر عليها المغرب، و العقليات المتقادِمَة لدى الكثير من النخب الحزبية السياسية، و ضعف الموارد البشرية الإدارية.
و لسنا في حاجة إلى مقارنة مسيرة المملكة المغربية، مع نماذج دول قريبة منا. بل؛ نحن في حاجة إلى الإقتناع العميق، بأن المؤسسة الملكية قد إستطاعت في زمن إستثنائي، مواصلة تشييد صرح دولة مؤسسات، دولة قادرة على إنجاز وثبة الصعود الحضاري، و على ممارسة النقد الذاتي. و لعلها حكمة الأسلوب، التي تشكل العلامة الفارقة للمؤسسة الملكية القوية.
نعم؛ أسلوب ملكية متجددة، ملتزمة بكل تعاقداتها الخارجية و الداخلية، المُؤَسَّسَة على سيادة و استقلالية القرار الوطني. أسلوب ملكية دستورية، تحترم مسار الإختيار الديمقراطي الذي لا رجعة فيه. أسلوب ملكية مُبْدِعة، ترعى الروافد الثقافية المتعددة، المُشَكِّلَة للهوية الجامعة للأمة المغربية.
إِيْ نَعَم؛ أسلوب مَلكيّة لا تتوانى عن بسط مكامن الخلل، بكل شجاعة صريحة. مع تفكيك عقدة الأسباب المُعَرْقِلَة لمسار النموذج التنموي الجديد، المنشود في الكثير من الميادين. سواء أ كانت؛ ضعف الحس الحكومي المشترك، و غياب البعد الوطني و الإستراتيجي. أو كانت؛ التنافر بدل التناسق و الالتقائية. أو كانت؛ التبخيس و التماطل بدل المبادرة و العمل الملموس. حيث أن إختيارات الرؤية الملكية الإجتماعية، تبقى صائبة. عدا؛ أن الخلل يكمن في العقليات المتأخرة التي لم تتغير، و في عجز الفريق الحكومي على الإبداع في التنفيذ، و حسن التواصل.
ولهكذا .. بِلُغَة واضحة التركيب، يمكنني القول أن الدولة المغربية في ظل الملكية الدستورية. لا و لن تقف جامدة، حائرة في مفترق الطرق. فإستراتيجية الإصلاح المؤسساتي المُتَطوِّر، تمنح للدولة المغربية المناعة الكافية. ضد كل ما من شأنه، أن يعرقل مسيرة التجدُّد المغربي. مثلما؛ تقدم الحلول الدستورية و المؤسساتية، لكل المعادلات الصعبة، التي قد استعصى على حكومة أخنوش إيجاد حلول لإشكالِياتِها.
عود على بدء؛ لقد نجح المغرب في اجتياز محطات صعبة، قد ظنَّ -في إبَّانها- العديد من المراقبين و المتابعين، أن المملكة المغربية لن تستطيع الوقوف بثبات أمام قوة أعاصيرها. و تَبَيَّن بعدها للجميع، أن الأسلوب الملكي الهادئ، دليل ملموس على النبوغ المغربي الراقي، في تطوير تجربته الديمقراطية التنموية تحت ظلال الإستقرار و الأمن.
فَلْتَحيا المؤسسة الملكية؛ الصبورة التي تحمل هَمَّ الأمانة العظمى، بِسِعَة الصدر و نبل الأهداف و الغايات.
فَلْتَحيا المؤسسة الملكية؛ المُوَجِّهة المرشدة إلى ثورة تغيير العقليات، و الضامنة للإستقرار و المناضلة من أجل دولة المؤسسات.
فَلْتَحيا المؤسسة الملكية، المُدافِعة القوية عن وحدة الوطن، و حامية الحقوق و الحريات.
فَلْتَحيا المؤسسة الملكية؛ أمل الفقراء و النساء، و مُعْتَصَم المُسْتَضْعَفِين و المُسْتَضْعَفات. و الحمد لله رب العالمين، رب الأراضين و السموات.
بقلم : عبد المجيد موميروس
المصدر : فاس نيوز