أصدر الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بلاغ، اليوم الإثنين 1 ماي 2023، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للعمال، الذي يصادف فاتح ماي من كل سنة، تحت شعار ” تعبئة وطنية لمواجهة غلاء المعيشة “.
و عبّر الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عن فخره و اعتزازه بصمود الشغيلة المغربية عموما و بنضالهم وحرصهم الدائم على أجرأة وتنزيل شعار منظمتهم ومنهاجها النقابي ” الواجبات بالأمانة والحقوق بالعدالة “.
و ذكّر بلاغ الإتحاد الوطني، بالسياق الاجتماعي المتأزم الذي تعيشه بلادنا، في ظل ارتفاع موجة غلاء الأسعار وتمددها، بشكل غير مسبوق، سواء في أسعار المحروقات أو في جل المنتجات والخدمات الأساسية المرتبطة بالمعيش اليومي للمغاربة، والتي أثرت بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمواطنين وخلقت موجات متصاعدة من الغضب الشعبي، في ظل عجز ومبررات حكومية غير مقنعة، خاصة مع غياب أي إجراءات حمائية للسوق الوطني، خصوصا في ظل عدم الشروع في تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول شبهات استيراد وتصدير النفط الروسي، وعدم اكتراثها لتوصيات مجلس المنافسة بخصوص شركات المحروقات، أو من خلال عدم اتخاذها لبرامج استعجالية لمواكبة ودعم الفئات الاجتماعية المتضررة والهشة ، مما أحدث شعورا لدى الوعي العام الجماعي بعجز الحكومة وتخليها عن مسؤولياتها الاجتماعية، على حدّ تعبيره.
و أفاد بلاغ الإتحاد الوطني، أن : ” منظمتنا واعية بحجم الصعوبات والتحديات والإكراهات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تداعيات ومخلفات الأزمات الدولية، في مقابل استهجانها لموقف الحكومة السلبي، فالظرفية كانت تقتضي مبدئيا مقاربة تشاركية للانخراط الجماعي في معالجة آثارها الاجتماعية والاقتصادية، لكن وللأسف لامسنا أن ضعف مقاربة الحكومة الحالية للمسألة الاجتماعية، والتي قد تزيدها تعقيدا في ظل الصعوبات والإكراهات البنيوية الموروثة في النسيج الاقتصاد الوطني، إضافة إلى انعدام الكفاءة الحكومية في التعامل مع ظرفية اقتصادية ومالية دولية سمتها الكلفة المتزايدة للمواد النفطية والسلع الأساسية المستوردة، مما يزيد العبء على الميزانية العامة، في مقابل تردد هذه الحكومة وبروز غياب رؤية لديها في التعاطي مع موجة غلاء الأسعار بالجرأة والاستباقية اللازمة لحماية السوق الوطنية، والقدرة الشرائية للمغاربة التي انهارت بشكل مريع ، ناهيك عن اعتماد هذه الحكومة لمقاربة انتقائية في تنزيل ورش منظومة الحماية الاجتماعية ومحدودية مخرجات جولات الحوار الاجتماعي والقطاعي، الشيء الذي قد يؤثر على تصحيح الوضع الاجتماعي للطبقة العاملة ولعموم المغاربة.
ولعل أرقام ومؤشرات الكثير من المؤسسات الوطنية والدولية، تعكس مدى صعوبة الوضع الاجتماعي الذي تعيشه بلادنا حاليا، حيث أشارت إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط في ذروة جائحة “كورونا”، إلى تضاعف معدل الفقر 7 مرات على الصعيد الوطني، في سياق الأزمة الصحية، كما تفاقمت مستويات التضخم بشكل غير مسبوق، لتتعدى حاجز 20% بالنسبة للمواد الغذائية، في مقابل انعدام أي مقاربة حقيقية للحفاظ على التوازن والسلم الاجتماعي، في سياق تداعيات الجفاف واستمرار مخلفات جائحة كورونا، وما أحدثته الحرب الروسية على أوكرانيا من انعكاسات خطيرة على الأمن والاقتصاد العالمي، وهو الوضع الذي فشلت الحكومة في التعامل معه والارتقاء إلى معالجة التحديات والإشكالات التي أفرزها هذا الواقع، ورغم ما تروجه الحكومة من مخرجات للحوار الاجتماعي وإجراءات اجتماعية لا تغير من حدة الأزمة الاجتماعية الموسومة بارتفاع الأسعار وانهيار القدرة الشرائية .
وتؤكد المعطيات أيضا بروز المؤشرات المتضمنة في البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر، الذي صدر عن نفس المؤسسة (المندوبية السامية للتخطيط ) في أكتوبر 2022 ، أن ثقة الأسر تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ 2008، وأن قدرتها على الادخار سجلت مؤشرا سلبيا يتجاوز 37,7 نقطة، وأن مؤشر البطالة استقر في مستوى سلبي بلغ ناقص 81,1 نقطة، بالإضافة إلى تدهور الوضع المالي للأسر، حيث إن 52% من مداخيلها بالكاد تغطي مصاريفها، أي انتفاء أي إدخار للمستقبل.
في المقابل، فإن 45,4% من الأسر استنزفت مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض وإثقال كاهلها بالديون، وبالكاد استطاعت 2,6% من الأسر ادخار جزء من مداخيلها، مما يعني فقدان مرتكزات العيش الكريم والحياة الكريمة، ولعل مؤشر قدرة الأسر على اقتناء سلع مستديمة، وتصريح 99,2% منهم بارتفاع الأسعار، خير دليل على وضع اجتماعي يزداد تعقيدا”.
دعى الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، حكومة أخنوش :
أولا ) إلى سن إجراءات فورية لتسقيف الأسعار، وإحداث توزان بين الاستيراد والتصدير للتحكم في التضخم واتخاذ إجراءات استعجالية للحفاظ على الأمن الغذائي للمغاربة، على غرار الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة وتعليق الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات الفلاحية، كما نطالبها باتخاذ إجراءات مراجعة الضريبة على الدخل والزيادة الفورية في الرواتب والأجور والمعاشات ومراجعة أرباح شركات المحروقات، بالإضافة إلى إقرار دعم مباشر للأسر لمواجهة الغلاء غير المسبوق في أسعار المنتجات المعيشية.
ثانيا ) إلى فتح حوار وطني حقيقي متعدد الأطراف لتطويق الأزمة الاجتماعية التي تمر بها بلادنا، ونستنكر تجميد الحوارات القطاعية، والتي أدت إلى تصاعد وثيرة الاحتجاجات، ونستغرب عدم جدية الحكومة لحد الآن في توفير شروط إقامة سلم اجتماعي قوامه الاستجابة للمطالب الموضوعية والعادلة للشغيلة، وفي تعزيز آلية الحوار والمفاوضة مع النقابات الممثلة في مجلس المستشارين.
ثالثا ) إلى تكريس الحق في التنظيم وممارسة الحريات النقابية، والابتعاد عن مواجهة الاحتجاجات والإضرابات بالتدخل العنيف والاعتقالات والطرد في حق مؤسسي المكاتب النقابية داخل المؤسسات الإنتاجية الخاصة، وتغليب فضيلة الحوار والانصات.
رابعا ) نرفض أي إصلاح مقياسي جديد أحادي لصناديق التقاعد التي يمكن أن تمس بالاستقرار الاجتماعي، عبر الرفع من سن التقاعد والزيادة في الاقتطاعات، ونعتبرها مجرد تأجيل جديد للإشكاليات الهيكلية لهذه الصناديق لبضع سنوات أخرى، في مقابل المس بالقدرة الشرائية للأجراء وتحميلهم مسؤولية خلل في حكامة وتوازن الصناديق لم يكونوا طرفا فيه، ونطالب الحكومة باللجوء إلى حلول مبتكرة لإعادة التفكير في مصادر التمويل البديلة لضمان تمويل حقوق ومكتسبات المتقاعد، كما نحث الحكومة على ضرورة اعتماد المقاربة التشاركية مع جميع الفرقاء الاجتماعيين في تدبير هذا الملف الاجتماعي الحساس، بدل اللجوء إلى السياسة الإقصائية بمبررات لا تحترم روح القوانين الجاري بها العمل.
خامسا ) نطالب بالتعجيل بإخراج أنظمة أساسية عادلة ومنصفة ودامجة بالمؤسسات العمومية لمختلف الفئات التي لا تزال خارجها، وبإصلاح منظومة الأجور لإقرار الإنصاف الفئوي الذي يهم ملفات المتصرفين والدكاترة والتقنيين بالإدارات والمؤسسات العمومية، في ظل اليأس التام للشغيلة من مخرجات أي إصلاح شمولي للوظيفة العمومية طال انتظاره منذ عقود.
سادسا ) نحث على الإسراع في إصلاح أنظمة التعاضد وضمان حكامتها، عبر إعادة النظر في الإطار التشريعي والتنظيمي للقطاع التعاضدي، وملاءمة السياسات العمومية المتعلقة بالحماية الاجتماعية.
سابعا ) نستغرب التوقيف المفاجئ للدعم المباشر للنساء الأرامل في وضعية هشاشة، خاصة في ظروف غلاء الأسعار، ونطالب بتدارك الأمر عبر إجراءات حكومية فورية، كما نحث على صيانة مكتسبات الطبقات الاجتماعية الهشة حين تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، على غرار برنامج دعم الأرامل وبرنامج تيسير لدعم التمدرس، بالإضافة إلى الخدمات الصحية المجانية التي كان يوفرها نظام المساعدة الطبية “راميد”.
ثامنا ) المطالبة بوضع قانون منظم لقطاع سيارة الأجرة، ومنح رخص النقل للمهنيين عبر كناش تحملات واضح وشفاف، لوضع حد للنظام الريعي بالقطاع، والعمل على إحداث المجلس الأعلى للنقل الطرقي.
تاسعا ) نستنكر الخطوات التراجعية على مستوى المسار الديموقراطي التي تنهجها هذه الحكومة، ولا سيما مصادقة مجلس الحكومة على مشروع قانون لإحداث لجنة مؤقتة لتدبير قطاع الصحافة والنشر، عوضا عن هيئة منتخبة ضمن إطار ديموقراطي، مستقل وشفاف، وندعو إلى التراجع عن مثل هاته القرارات التي تسيء إلى الرصيد الديموقراطي الذي راكمته بلادنا.
عاشرا ) نثمن ما أنجزته الدبلوماسية المغربية تحت قيادة جلالة الملك حفظه الله من أجل صون السيادة الوطنية على كافة التراب الوطني وأقاليمنا الجنوبية، ونحيي عاليا القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة والدرك الملكي والأمن الوطني والوقاية المدنية، الساهرين على حماية الأمن والحدود الترابية المغربية .
أحدى عشر ) نحيي الشغيلة الفلسطينية، ونؤكد موقفنا الداعم لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة ضمن دولته الحرة وعاصمتها القدس الشريف، ولمقاومته الباسلة، وندين الاعتداءات المستمرة للكيان الصهيوني على المسجد الأقصى ومحيطه المبارك، كما نجدد موقفنا المبدئي الرافض للتطبيع ومحاولة الاختراق الصهيوني .
المصدر : فاس نيوز