محسن الأكرمين.
قد لا ندعم لا الفتنة ولا الفوضى العارمة، ولكنا قد نجد مجموعة من المبررات الشكلية والتسويغات الضمنية، والتي أججت ذاك الوضع الاحتجاجي بمدينة الدار البيضاء إثر إجراء مباراة (الطاس والكوديم). نعم، من صدق دلالة مثال (اطْلعْ تَاكُلْ الكَرموسْ نَزلْ اشْكُونْ لِي قَالهَا لِيكْ). كانت هي البلاغات المتضاربة الآتية من مدينة الدار البيضاء مرة (منع التنقل الجماعي والسماح بالتنقل الفردي)، مرة أخرى ( إعلانات طبع التذاكر) مرة ثانية قرار أمني بإجراء المباراة مقفولة الأبواب. نعم هي قرارات متسارعة في ظل إلا علام رياضي يواكب المعلومة ويوزعها بلا علامات حصرية.
ومن سوء التواصل التفاعلي، غياب صفحة رسمية عند فريق (الطاس) تبين المستجدات للجمهور المكناسي ب (240 كلم). فتنقل الجمهور المكناسي نحو مدينة البيضاء لم يكن خفية وبالتستر، ولا في أظرفة مركز بريد، بل كان عبر حافلات ووسائل نقل العمومية، وبلباس يحمل علامة (الكوديم)، فلم يتم قرار منع الجمهور بمداخل البيضاء، بل وصل ما يقرب من(2500) من الجماهير الداعمة إلى باب الملعب، وثمة كان الحدث المروع .
بعدها تم حضور الأمن بالضرورة لازما، في ظل غياب حوار جدي ونشيط بين السلطات الترابية بالبيضاء وبين الجماهير المكناسية، فقد كان ممكنا ساعتها نسخ القرارات السبقية الأولى بقرار بديل يحمل (المقاصد الأمية). انطلقت المباراة داخل الملعب، بعدها لا ندري الأسباب والأسباب التي أشعلت حركت تلك المواجهات التي شاهدنا مشاهد منها في بعض المواقع الإليكترونية، والتي بحق كانت غير مهنية، وكانت تصف الجماهير المكناسية بأبشع الأوصاف، في حين أن المهنية تقتضي نقل الحدث وبدون أحكام قيمة تنهال من قاموس التعليق العشوائي.
ما يزيد عن (170) من الجماهير التي تم اعتقالهم في مشاهد أخرى، وتلك المواقع غير الاحترافية تصور ملامح قاصرين، يمنع القانون المغربي من التشهير بهم. اليوم يتم تقديم الشباب المكناسي الكوديمي في غياب دعم من جمعيات المجتمع المدني بمكناس والدار البيضاء، وفي غياب تام من سماء أسماء تطوعت من محاميي مكناس لأجل الدفاع عنهم والبحث عن السراح، أو السراح والإبقاء على المتابعة القضائية.
أسر المعتقلين هي من تكابد الأمرين في خوفها على أطفالها ومتابعتهم وهم في غالبيتهم مقبلون على الامتحانات الاشهادية، أو مواصلة دراستهم العادية. اليوم الأسر هي من تكابد التنقل نحو البيضاء، والبحث عن من يدافع عن أبنائها أمام القضاء، اليوم هنالك مصاريف ( التنقل ومصاريف المحاميين) ولن تقدر عليه غالبية الأسر من توفيرها، لان عشاق الكوديم الحقيقيين من أبناء الشعب البسطاء.
مدينة مكناس، نعلنها للجميع أنها تتخلى عن أبنائها القصرين عشاق الكوديم، تتحلى عنهم وكأن المدينة لا جمعيات حقوقية بها، ولا فروع للهيئة الدفاع، ولا بلاغات تضامنية معهم باعتبارهم من أبناء المدينة وكفى. قد تكون أفعال بعض الجماهير غير رزينة، ولكنا نبحث عن العذر القانوني، ونقول: بأن الجماهير المكناسية ذهبت ضحية سوء تنظيم وتواصل، ذهبت ضحية غياب حوار تفاعلي، وخلق إرضاءات في نفس المكان، وإيجاد حلول بديلة بلا صناعة العنف.
من اليوم سترفع الجماهير المغربية شعار (حرية… حرية للجماهير المكناسية) ، ونحن نرفع ملتمس للسلطات القضائية بالصفح والبراءة التامة لكل الجماهيرمهما كان سنهم القانوني، فالوطن غفور رحيم، والقضية إن بقيت تستوجب توسيع دائرة البحث والتقصي، مع جميع الأطراف المتداخلة في ترتيبات مباراة الطاس والكوديم.
عن موقع: فاس نيوز ميديا